على وجه التحديد ..
فيما نجح الغرب في ثورتين :
ثورة الشعوب ضد سيطرة الثلاثي القوي .. سلطة الكنيسة ، سلطة النبلاء ، والإقطاعيين .
وثورة النهضة الصناعية .. فشل العرب مرتين :
مرة بعد أن تسيدوا العالم في عهد الدول الإسلامية المتعاقبة ، ومرة في ثوراتهم السياسية
المعاصرة .
فما هي أسباب ذاك النجاح وهذا التراجع ؟
لقد كان لنجاح الأوروبيين عاملين هامين هما :
العامل الأول : تنظيم الوصول للسلطة وحكم القانون وفرض العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون وإتاحة فرص العمل العادلة وحرية التعبير حتى أصبحت الشعوب هي صاحبة السلطة ولم تكن من سذاجة الشعوب العربية بمكان فلم تقدم "ثورتيها" على طبق من ذهب لقوىً تستغلها لصالحها !!
والعامل الثاني : هو أنهم أخذوا آية من آيات قرآن المسلمين وفهموا معناها وتفسيرها الصحيح ثم طبقوه على أنفسهم . والآية هي :
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" فأدركوا أن القوة لا تعني فقط القوة العسكرية والفيزيقية بل كذلك : العلم قوة ، إعمال العقل قوة ، التعليم المتطور قوة ، وتنمية قدرات الإنسان قوة . وفهموا أن "رباط" تعني الثبات على المبدأ فثبتوا على ما اكتسبوه من مبادئ ..
فيما فشل المؤثرون من العرب والمسلمون من القادة والفقهاء ودولهم الإسلامية المتعاقبة في فهم دينهم ، وفوق ذلك ظلوا يعتقدون أن الوصول للسلطة السياسية بالقوة المادية حتى لو كانت القتل والدماء هو المفتاح السحري لكل شيء لاكتساب الأمتيازات على حساب شعوبهم وأتباعهم فظلوا وما زالوا يتناحرون ويتقاتلون على اقتسام كعكة السلطة والثروة ففشلوا وخسروا وتخلفوا عن ركب الحضارات المستنيرة بعد أن كاد يضيء لهم الطريق العلمي أبن رشد وأبن حيان والفارابي وأبن سينا وأبن خلدون .
وسواء أخذ منظري الغرب أم لم يأخذوا من دين المسلمين شيئاً فالواقع هو أن هذا هو السياق العام للفهم الصحيح للآية وغيرها من الآيات الآخرى المتسقة مع أنماط العلم المختلفة وإعمال
العقل .
الأمر الآخر هو أن بناء نهضتم الصناعية واستقرارهم السياسي كان على احترام حقوق الإنسان وتنمية قدراته ، والانطلاق من نقطة أساسية هي الفهم الصحيح للقوة ، وتوظيف ذلك الفهم ليكون منطلق العلم والفكر والثقافة والحضارة برمتها ، والدليل هو تقدم المانيا واليابان رغم هزيمتهما عسكرياً في الحرب العالمية الثانية .. الهزيمة التي أعادتهما لنقطة الصفر .
الآن ، لم يلدغ العرب مرتين من ذات الجحر فحسب بل بعد أن تذللوا لأمريكا سنين عجاف قذفت بهم في حضن إيران الفارسية لتنتقم لحضارة فارس التي دمرها العرب بدينهم الجديد وذلك تحت مظلت الإسلام المتشيع ! فلا تسأل لماذا حققت إيران هذا الإنجاز لأنها هي الأخرى أقامة أهدافها على أساس توازن المصالح المبني على عنصرين فقط من القوة .. النووي والاعتداد بالذات تحقيقاً لحلمها بهيمنة << الفارسية>> على وجه التحديد ، فهل يعي الموهومون من الطرفين "سنة وشيعة" مغزى أصحاب "العمة والبشوت والسياسيون" في إذكاء العداوة الطائفية بين الطائفتين ؟!!
تركي سليم الأكلبي
التعليقات (0)