مواضيع اليوم

على هامش زيارة الرئيس البارزاني للكويت..

على هامش زيارة الرئيس البارزاني للكويت.. هل حقاً مازالت القضية الكوردية مبهمة وغير معروفة لدى الاخوة العرب؟

  محمد زنكنة

بعد وصوله الى دولة الكويت ولقائه امير البلاد وولي العهد ومسؤولين بارزين في الحكومة الكويتية، عقد الرئيس مسعود بارزاني في 4/2/2009 مؤتمراً صحفياً للقنوات الاعلامية العربية في الكويت، اوضح فيها الهدف من زيارته والقى الضوء على أهم النقاط التي تباحث حولها مع المسؤولين الكويتيين.

ولكنني لاحظت ان كثيراً من الاخوة الصحفيين العرب كانوا يتساءلون حول مواضيع اثيرت من قبل وكررها الرئيس البارزاني اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة وبرأيي ان السبب في تكرار هذه المواضيع يعود الى عدم درايتهم بما يجري في أقليم كوردستان وجهلهم للحقيقة او تجاهلهم للحقائق لسبب او لاخر.

استقلال كوردستان

لا يختلف اثنان على ان لكل شعب الحق في العيش بسلام وحرية واستقلالية، وهذه مبادئ انسانية سامية لا غبار عليها.

لكن الاستعلاء وحب السيطرة خيم على فكر الانسان لذا استغل القوي الضعيف واحتل اراضيه بقوة السلاح فحرم الكثير من حريتهم وكثير من الشعوب من نيل استقلالهم، ومنهم الشعب الكوردي.

منذ ثورة ايلول التحررية عام 1961 والكورد يتهمون بالانفصالية، وهذه الاتهامات روج لها العقل الشوفيني الذي حكم العراق لعدة عقود متمثلاً بحزب البعث الذي مازال البعض يسيرون على نهجه ومع ذلك كانت (الديمقراطية للعراق) اول عبارة بدأ بها شعار هذه الثورة مما يدل على مدى تمسك القيادة الكوردية منذ ذلك الحين بديمقراطية العراق.

ان ما يسميه الكثيرون اليوم انفصالاً، ما هو الا استقلال لشعب وامة الحقت دون ان تستفتى بدولة لم تسلم حتى يومنا هذا من ويلات الحروب وعدم الاستقرار.

فلابد للمتحدث حول هذا الشأن ان يعود الى التاريخ ويبحث بنفسه عن اوليات هذا التقسيم القسري لهذه الامة، بدءاً بحرب جالديران، مروراً باتفاقية سايكس بيكو عام 1916 وصولاً الى الحاق (ولاية الموصل – اقليم كوردستان)، بدولة العراق عام 1925، ولم تقف الانظمة التي حكمت العراق في سياساتها عند هذا الحد، بل خططت لتغييرات جذرية في الواقع الديموغرافي لهذا الاقليم كي تضيع ملامح الطبيعة الحقيقية التي يتمتع بها، مستخدمين جميع الاساليب والطرق، غير مبالين بالاف الضحايا الذين قضوا جراء هذه السياسات وما مأساة حلبجة والانفال الا غيض من فيض ما تعرض له الكورد في العراق، ومع كل ذلك اختار البرلمان الكوردستاني العيش ضمن عراق فيدرالي ديمقراطي تعددي كان الكورد اول المسهمين في بنائه بعد زوال النظام.

فهل نحن حقاً من دعاة الانفصال وتجزئة العراق؟

الموقف من فلسطين والعلاقات مع اسرائيل

من يحتكم الى الضمير في متابعته لتاريخ الشعب الكوردي، سيعرف حينها ماهو موقف الكورد من فلسطين واي قضية أخرى تخص الاخوة العرب او اي شعب يناضل من اجل حريته.

فما تحررت فلسطين الا بعد ان قاد صلاح الدين الايوبي وقبلها اسد الدين شيركو الافاً من المقاتلين محررين القدس وقبلها سورية ومصر والعراق.. ويذكر التاريخ أيضاً انه وفي عام 1948 عندما أعلنت اسرائيل دولتها شهدت مدينة السيلمانية تظاهرة عارمة للتنديد بهذه الخطوة، وفي عام 1967 امر البارزاني مصطفى قوات البيشمركة بايقاف القتال مع الجيش العراقي لمشاركة الاخير في حرب (الاستنزاف) في مصر ضد الجيش الاسرائيلي، ولم يمر اي مؤتمر لاي من الاحزاب الكوردية في ايام النضال السري او العلني دون ذكر قضية فلسطين والمطالبة بحلها، وفي الاونة الاخيرة عندما تعرضت مدينة غزة للقصف ابدت حكومة اقليم كوردستان قلقها من الوضع في المدينة مطالبة بأيقاف اي من مسببات قتل الابرياء، فما هو المطلوب اكثر من هذا؟

نتهم كثيراً ككورد بالعمالة لاسرائيل وبأقامة علاقات معها، في حين ان كثيراً من الدول العربية تقيم معها علاقات على أعلى المستويات، سواء بصورة سرية أم علنية، وقد أكد الرئيس مسعود بارزاني مراراً ان العلاقات الدبلوماسية هي ضمن السلطات الحصرية للحكومة الفدرالية ولا يجوز للاقليم التعدي على هذه الصلاحيات وان أقامت بغداد هذه العلاقة فالأقليم حرّ في ان يقيمها.. اليست هذه العبارة اكثر من مفهومة؟

أود ان اسأل هنا: الا توجد سفارات اسرائيلية في مصر، والمغرب وغيرهما من الدول العربية؟ الا توجد للدول العربية زيارات متبادلة بينها وبين اسرائيل بصورة سرية او علنية؟ فلم لا يعترض احد عليها ولم يحرم الاخوة العرب علينا ما يحللونه لأنفسهم؟

اذاً ما المطلوب منا نحن ككورد؟ برأي ان هذه المسألة اصبحت قديمة ولا فائدة من تكرارها لان الرد هو واحد ولن يكون الصحفي (بطلاً قومياً)، لأثارته هذا الموضوع بل يجدر به متابعة الوضع على حقيقته في العراق وفي اقليم كوردستان، محكماً ضميره ان كان حقاً لا يريد للكورد الا الخير.

الفدرالية لا تعني التقسيم

وكما هو معهود ان على الصحفي ان يكون له علم بالمصطلحات السياسية التي تواجهه في عمله.

الفدرالية، وبشهادة كل التجارب السابقة لدول العالم، هي الحل الامثل للعيش الحر وبمساواة وهي وحدة وقوة لاي بلد ولا تعني اضعافه وتفتيته، وكما أكد الرئيس البارزاني في اكثر من لقاء ومناسبة ان الفدرالية هي تقسيم عادل للثروة والسلطة حسب دستور تحتكم اليه البلاد.

ان الدستور العراقي الذي نال شرعيته بأصوات اغلبية العراقيين نص على ان العراق جمهورية فدرالية ولم يحدد عدد الاقاليم التي يجب ان تكون في العراق لان هذا منوط برأي الشعب وهو من يقرر.

اود ان أتساءل: الا ينظر الاخوة العرب للدول المحيطة بهم ولدول العالم اجمع؟ في اي دولة فدرالية قسمت الدولة وتفتتت؟ ولم لم يعترض احد على هذا المبدأ بالنسبة للسودان مثلاً كحل سليم لخلافات بين السلطة والجنوب وخاصة بعد احداث (دارفور)؟

لم كل هذا التخوف من الفدرالية؟ وما هو الهاجس منها؟ ومن المستفيد من المركزية واعادة العراق الى سابق عهده، الى دكتاتورية ومركزية صرفة؟

الا يجدر بالضمير العربي ان يفكر بخصوصية مكونات العراق والحل الامثل لوضع حد لمشكلات افتعلتها عقول شوفينية لا تريد الا البقاء في سدة الحكم؟

ام انهم يعرفون جيداً ماذا تعني الفدرالية وماذا يعني العراق الفدرالي الديمقراطي ولكن الفكر القومي الاستبدادي المنغلق والاجندة الرافضة للاخر مازالت مسيطرة على الاذهان؟

ان هذه الافكار التي مضى عليها الزمن، لن تنفع صاحبها في عصر بات فيه كل شيء واضحاً للعيان ولا تنفع فيه المماطلة، فالمتابع للشأن الكوردستاني يعرف جيداً ان قرار برلمان كوردستان في 4/10/1992 (بالعيش ضمن العراق شرط ان يكون ديمقراطياً فدرالياً) كان قراراً صائباً لا خطأ فيه، وعلى من يشك بهذا الامر ان يقارن بين الوضع الامني في أقليم كوردستان وبقية المناطق في العراق وليحكم بنفسه.

العلم وتساؤلات متكررة مملة

لاكثر من مرة تكررت التساؤلات حول رفع وعدم رفع العلم العراقي في اقليم كوردستان مع ان الامر لم يكن بالمستوى الذي يصل الى افتعال ازمات حوله، ان كان الاخوة العرب مصرين على عراقيتنا فكيف لنا ان نقبل بعلم يرمز لاتحاد قومي صرف لا يمثل حتى العراق نفسه،والاكثر من ذلك ان صدام نفسه انهى هذا الاتحاد بقصة مفتعلة.

بعدها غير صدام معاني العلم الى الأسوأ حيث اختصر كل العراق في حزب واحد لم يمثل العراق يوماً وأضاف اليها عبارة (الله اكبر) كي يكسب عطف الدول العربية والاسلامية.

اذاً ما معنى افتعال هذه الازمة في حين أننا نحافظ على عراقيتنا ونحن أول من نفذ أتفاق القوى السياسية العراقية التي قررت رفع علم ثورة 14 تموز كونه يرمز بلونه الاصفر الى الكورد؟

في المؤتمر الصحفي للرئيس البارزاني سمعت احدى الصحفيات تقول ان الاعلام الكوردستاني مقصر بشأن اظهار الصورة الحالية لكوردستان، يمكن ان يكون هذا صحيحاً ولكن سؤالاً يطرح نفسه في هذه الحالة: لماذا تكون كل العيون مفتوحة لاي نقطة يمكن ان تستغل لافتعال ازمة، في حين ان اغلب القنوات العربية والعالمية لها مكاتب في كوردستان ولا تهتم اغلبها بالتطور الذي نراه في الاقليم؟ التقصير الأكبر هنا اما منهم، او من مراسليهم وهم يتحملون العبء الاكبر لنقل الصورة الحقيقية.

التعايش الاخوي

لاكثر من مرة اكد الرئيس البارزاني قوة وصلابة العلاقات الاخوية الكوردية العربية التي هي اكبر من كل المؤامرات التي تحاك ضدها.

وقد كانت كوردستان وماتزال الملاذ الوحيد الآمن لكل من تكون حياته مهددة في اي مدينة من العراق ومهما كانت قوميته ومذهبه وانتماؤه.

ومنذ سقوط النظام والالاف من العوائل العربية تتوافد الى كوردستان وتلقى منها كل العطف والرعاية، الا يكفي هذا كدليل للمشاعر الطيبة التي يكنها الكورد للعرب؟

وفي المناطق التي يسكنها خليط من العرب والكورد والمشمولة بالمادة 140 من الدستور، ان لم تكن حكومة أقليم كوردستان تقدم لهم الدعم القوي والمساعدات والخدمات بقدر الامكان فمن أجبر الاخوة العرب على التصويت للقائمة الكوردستانية؟

لو لم تكن علاقات المحبة والتآخي طاغية لكان الوضع مختلفاً ولاصبح الوضع كما قالت عنه احدى الصحفيات ان العرب لا يريدون الكورد.

للاسف ان البعض من الاخوة العرب لا يريدون الاستمرارية لهذه العلاقة التاريخية، لذا فهم يتحينون اي فرصة لافتعال اي فتنة الهدف منها عدم استقرار العراق وبالتالي من الواجب على كل صحفي عربي ان يرى الوضع بعينه ثم ينقل الصورة كما هي لان اي محاولة لتغريب العراق وخطط هذا البلد نحو العراق ستكون له عواقب وخيمة لمستقبل مجهول المعالم.

وأخيراً لابد أن نتساءل: على الرغم من ان العالم اليوم بات يعرف بالقرية الصغيرة وكل شيء فيها واضح، او هل مازالت القضية الكوردية مبهمة وغير واضحة؟ الا يتابع الاخوة العرب الوضع في كوردستان؟ او لم يروا الماضي الاليم، صور حلبجة، الانفال، الهجرة المليونية؟ هل تحتاج كل هذه الصور الى شرح او تفسير؟ ام ان هناك تنصلاً وتجاهلاً واضحاً لهذه القضية الانسانية التي لابد ان تحل يوماً..

سؤال اتمنى ان يجبيني عليه اخوتنا العرب اينما كانوا.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !