مواضيع اليوم

على هامش تكليف بنكيران بتشكيل الحكومة بالمغرب

حسن محمد لمعنقش

2011-12-05 14:33:00

0

 أسدل الستار على انتخابات 25 نونبر بالمغرب، وأُعلن عن فوز حزب العدالة والتنمية المحسوب على التيار الإسلامي، بالأغلبية، مما يعني تكليف أمينه العام بتشكيل الحكومة. وقد سبق ذلك زعم الدوائر الرسمية أن نسبة المشاركة بلغت 45% من المسجلين في اللوائح الانتخابية، وهي نسبة تثير الشك في قوة تمثيلية البرلمان المنبثق عنها للشعب المغربي، وبالنتيجة تمثيلية الحكومة القادمة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن مثل هذه الأمور لاتشكك واقعا في التمثيلية، إذ لسنا في السويد أو سويسرا أو غيرهما...ولذلك سنضرب صفحا عن هذا الموضوع.
وتجدر الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية خاض غمار الانتخابات رافعا شعار "صوتنا..فرصتنا ضد الفساد والاستبداد". غير أن الأحزاب التي يسعى عبدالإله بنكيران إلى التحالف معها سجلها طافح بالفساد، إذ عانى المغاربة، حتى آخر حكومة شكلتها مجموعة من تلك الأحزاب، من سوء إدارتها للشأن العام. فكيف يمكن لبنكيران أن يكوّن معها حكومة "ضد الفساد والاستبداد"؟
ومما ينبغي التذكير به موضوعُ المعتقلين الإسلاميين. فلا أحد الآن أصبح يصدق أن أولئك المعتقلين، وعلى رأسهم معتقلو ما سمي بـِ "السلفية الجهادية" وما سمي بـِ "خلية بليرج"، هم إرهابيون. فقد حوكموا بمقتضى قانون "إرهابي" صادق عليه –للأسف- كل برلمانيي العدالة والتنمية. ولقد أصبحت الآن براءة أولئك المعتقلين مما نسب إليهم في حكم البديهيات. ولعل عبدالإله بنكيران يؤمن –على الأقل- ببراءة الشيوخ حسن الكتاني وعبدالوهاب رفيقي وعمر الحدوشي...كما آمن ببراءة الأخ العبادلة ماء العينين(1). فهل الحكومة المقبلة التي سيترأسها ستعمل على إطلاق سراح كل مظلوم من هؤلاء المظلومين؟ ذلك ما نرجوه، فـَ "الظلم ظلمات يوم القيامة" كما قال الصادق المصدوق  .
هناك ملاحظة أخرى تجدر الإشارة إليها. فبعد حصول التيار الإسلامي في تونس ومصر والمغرب على أغلب الأصوات في الانتخابات البرلمانية، سارع مجموعة من رموز التيار العلماني، في حملة استباقية محمومة، إلى التحذير من أي محاولة للإسلاميين لتغيير الطابع العلماني للدولة. هذه الحملة العلمانية الشرسة دفعت بعض قادة العمل السياسي إلى إعلان أنهم لن يمسوا ما يعتبره العلمانيون "مكتسبات حداثية" حتى ولو ناقضت شرع الله سبحانه.
إن الخضوع لهذا الضغط العلماني عليه بعض الملاحظات:
الأولى:
إن أي حزب سياسي يسعى إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع يتقدم للناخبين بمشروع –أو هكذا يفترض أن يكون- سيعمل على تطبيقه في حال فوزه. بمعنى أنه يسعى إلى دولة المشروع ودولة الفكرة. فكيف يُسمَح لحزب محسوب على التيار الإسلامي أن يشارك في الانتخابات، ثم ترفع في وجهه "لاءات علمانية" إذا ما فكر –مجرد تفكير- في تطبيق مشروعه؟
الثانية:
إن قبول الإسلامي بالخضوع للضغط العلماني يجعل منه مجرد "موظف" لدى العلماني يطبق مشروعه، لا حامل مشروع متميز. كما يجعل من الحكومة التي يكونها حكومة تعمل وفق أجندة يحددها التيار العلماني، لايجوز له أن يحيد عنها أو يغير فيها. ألا يعتبر هذا خداعا لمن صوت على الحزب بصفته الإسلامية؟ فأين هي المصداقية؟
الثالثة:
لعل مما يعنيه هذا "الضغط العلماني" أن الديمقراطية التي يؤمن بها العلمانيون هي "ديمقراطية الغالب"، بمعنى ديمقراطية من يملك وسائل الضغط والتأثير، لا من يأتي نتيجة صناديق الاقتراع. فلايهم من يأتي عبر تلك الصناديق، لكن المهم هو مدى استعداد هذا الآتي للقبول بالتوجهات العلمانية والخضوع لها. ولذلك فإن الكلام في هذا الإطار عن "حكومة إسلامية" أو "ملتحية" لمجرد أن من يقودها إسلامي، هو كلام يفتقر إلى الصحة. وقد نسمع فيما بعد –إذا ما فشلت تلك الحكومة- من يصيح: "انظروا إلى الحكومة الإسلامية ماذا فعلت !". لكنها إذا نجحت كان المستفيد أيضا التيار العلماني الذي قبلت تلك الحكومة بالأخذ بتوجهاته.
__________
1-كان بنكيران يزور محكمة الاستيناف بسلا، مرة بعد أخرى، إبان محاكمة أفراد ما سمي بـِ "خلية بليرج" ويسأل زوجة الأخ العبادلة فقط، وليس كل المعتقلين، عن أحواله ، ثم ينصرف إلى حال سبيله. ومما عاينه المشاهدون في برنامجين تلفزيين صمت قياديين من الحزب عن إثارة قضية هؤلاء المعتقلين، بمن فيهم الأخ العبادلة وهو من نفس الحزب، في حين أثارها من يحسب على اليسار (ذ.محمد الساسي)!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !