فيما تتبنى مصر موقفا سلبيا اتجاه الأزمة الليبية بتدخلها الغير المباشر من خلال دعم برلمان طبرق و حكومة البيضاء و أساسا دعما الفريق حفتر القائد العام لما يسمى بالجيش الليبي التابع لحكومة الثني، و احتضان أنصار نظام القذافي و بعض من رموزه و دعم قنوات إعلامية تابعة لهم،  أو المباشر من خلال قصفها لمدنية درنة بدعوى محاربة الإرهاب، تقف الدول الثلاث المغرب و تونس و الجزائر موقف  الحياد وترفض التدخل العسكري الدولي و  عدم  دعم  أي طرف من الطرفين، هذا الموقف الإيجابي أهل الدول الثلاث لكسب ثقة الأطراف الليبية لرعاية الحوار الليبي.

ما لم تستطع مصر الوصول إليه و من ورائها دول إقليمية أخرى، ربما قد تنجح فيه الدول المغاربية الثلاث، ألا وهو  الوصول إلى اتفاق ينهي الانقسام الحالي مع ضمان علاقة جيدة مع  طرفي النزاع ، بعيدا عن المصالح الضيقة و النزوات السياسية، فاستقرار ليبيا  ضرورة مغاربية أولا، وهذا ما يفسر التنافس أو التكامل المغاربي لضمان أجواء إيجابية لحوار ليبي يفضي إلى حكومة وحدة انتقالية، تحول دون غرق البلاد في وحل الانقسام و الاقتتال الداخلي، و الانفلات الأمني الذي قد ينتقل لا محالة إلى دول الجوار وهذا ما تخافه الجزائر و تونس.

لطالما نأت الجزائر بنفسها عن دعم التدخل  الدولي العسكري في القضايا الإقليمية، بينما ارتأت تونس الحفاظ على جبهتها الداخلية و وضعها الاقتصادي و الأمني الهش، علاوة على ذلك، تواجد الإسلاميين في الحكم في تونس و المغرب ربما كان سببا  أخر مشجعا لضمان الحيادية و عدم الانجرار و الغوص في الوحل الليبي.

في الطرف الآخر، مصر تدفع بقوة لوصول حفتر إلى الحكم و لعلها  ترغب في عرقلة الحوار الليبي، ففي خضم المفاوضات يعلن مجلس النواب  بطبرق تعيينه قائدا للجيش، مع أن هذا التكليف قد يفتح باب الصراع المستقبلي بين حفتر من جهة  و رئاسة البرلمان و حكومة الثني من جهة أخرى ،  و اليوم يعلن الطرف المحاور من طبرق رغبته في تأجيل الحوار لأسبوع، فلماذا التأجيل؟

كان الرفض الدولي للتدخل العسكري في ليبيا ورفض الطلب المصري برفع حظر السلاح عن ما يسمى بالجيش الليبي بدعوى مواجهة الإرهاب، هزيمة للدبلوماسية المصرية في عهد السيسي، و سيكون نجاح الحوار الليبي و تشكيل حكومة وحدة وطنية انتكاسة أخرى للقاهرة، مما قد يجعلها تعمل بكل قواها على إفشال هذا الحوار و دعم حفتر للوصول إلى طرابلس  و لربتما إلى السلطة.