على قارعة الطريق هناك أمور رائعة

على قارعة الطريق هناك أمور رائعة

ما أعمق الإنسان حين يفكر في غلاء كيانه، لهذه الصفة بالذات عمق أعمق من المتوقع على الدوام، إذ لا يفكر الإنسان كفاية في تقدير ظرفه وتقرير طرفه سوى عندما يتعلق الأمر بمخلفات ضميره المسكوب على رقعة جاحدة لوجوده أصلا. هذا بالذات ما يجعل تعقب المصير انتصارا دون الإمساك به أو التعويل عليه. فتعود إشكالية الإنسانية إلى الظهور من جديد، وتعود مشكلة تكوين إنسان قابل للتغييب أمرا قابلا للتأثير، فتدور الدنيا بكافة البشر، ولا يشعر بدورانها إلا اليسير منهم.

لا يترك الفرد الإنساني جناحه دفعة واحدة، إنما هو كسيف أخيل عندما ارتطم قاربه بشواطئ طروادة، سيف لا يقطع الرؤوس مجاملة، وإنما هو فكر يقطع الذوات بطريقة مضحكة وصارمة، طريقة تستهلك كل ما هو جميل بكيفية قاضمة، طريقة تندب عمر الزمان لتصنع من ندبتها نهرا قابلا للحياة أو هو قابل للمراجعة تحت ستار الحياة.

ليست كل الأمور هي واحدة مع أنّ أصلها هو الواحد، ثم أن التوحيد هو أمر لا ينبع سوى من ذات تأمر العصيان فيعود إلى عصيانه، لأن العالم أخذ من كل بؤرة ما يريد، ليترك الفلسفة وحيدة دون مريد، ولهذا جعل الفرد الإنساني عقله هو مأخذه، هو إنسانيته وكفاءته التي من شأنها تحويل الجمود إلى جحود، لسان عبّر عن كل المكوّنات دون رغبة منه، لتصبح اللذة ضربا من جزء مجنون من الحياة قولا وعملا، جزء طار بعيدا ليتصوّر المجرّد ثم يقترب من خط الوجود المصور لما هو عنيد.

هي الأمور تأخذ سبيلا عمليا وموزونا للغاية، هي العمالة التي تمكّن الإنسان من رؤية رؤاه تتحقق وفق آلية العمل المتوازن، وهي مبدعة البوصلة النهائية لكل توازن، إذن هي: هي.

أن ترجع إلى العودة هو بحد ذاته عمل كبير، أن يكون لك قدرة على إملاء واجباتك على ذاتك بطريقة مناسبة هو واجب أيضا، وأن تلبي حاجاتك وفقا لما هو غير متداول هي ثورة قيمة كبرى تأخذ صيغة تواجدية سمحة، لأن العالم الفلسفي هو أشمل من العالم الإنساني، لأنه يضم البشرية والكلية المادية والنسيج الحيوي مهما كان لون مصائره ومساره. لدا على الإنسان أن يكون وصيا على نفسه في كل بداية جديدة.

هو سلوك أيضا حين يضع الحطب النار جانبا ويتخذ من سلامة الروح مسلكا مثبتا، هو سلوك من طرف عقيدة تنافي ما هو موجود في هذا الوجود، وهو جوهر يحرك كل جزء من الكل العام لأيّ من علاقات الجواهر ببعض، على اعتقاد بأن الجوهر هو عالم داخل العالم عند العالِم بالعالَم.

بين الفترات هناك أمور تحدث توهجا، وهذا هو سبب المدركات الغالية جدا، إدراك يقود إلى وعي بأن الكائن الحي هو حي بكينونته الفاعلة، وكل استقالة لكل ما هو مؤثر في الفعل هو استقالة من الحياة.

عندما يجرف الطوفان كل ما يصادفه في طريقه، فإن هناك أمورا أكثر من جميلة تبقى عالقة بذهن المتأمل في الحياة، من أهم هذه الأمور الرائعة هو أن هناك إنسانـا فَكَّرَ يوما ما، عاد إلى لم يتوجب عليه العودة له، واكتشف بأن التأمل هو منقذ البشر من مرتزقة الأزمان وقطاع الطرق.

إبداع الفرد الإنساني هو ما يمكن تصنيفه ضمن دوائر الحياة، لكن ليس كل الأحياء هم أحياء بإبداعاتهم، لأن الإبداع كالمعدن النفيس، والمعادن النفيسة هي كذلك بواسطة سطوة الأقلية عليها، ولو كان متاحا للكل لما بقي ثمينا للغاية. لكل فرد من الإنسانية عملة يرتاح لها، وأثمن العُمُلات هي تلك التي لم يجرفها الطوفان البشري في طريقه.