على خلفية إتهام بوش الأب بالإعتداء الجنسي
مصعب المشرّف
25 أكتوبر 2017م
على إثر مشاهدتها (يوم أمس الثلاثاء 24 أكتوبر 2017م) لصور وإهتمام إعلامي أمريكي عالمي واسع النطاق بمشاركة خمسة رؤساء أمريكان سابقين في حفل خيري لمساعدة المتضررين من الفيضانات ، والأعاصير التي تعرضت لها سواحل الولايات المتحدة الشرقية والجنوبية الشرقية مؤخراً .. إنفعلت الممثلة الأمريكية "هيزر ليند" بمظاهر القدسية وهالاتها (الكـاذبة) التي عمد الإعلام إضفائها على الرئيس الأمريكي الأسبق جورج اتش دبليو بوش (93 سنة) والتعاطف معه وهو على كرسيه المتحرك . فأعلنت هيرتز أن هذا الرئيس الأسبق كان قد سبق ومارس في حقها إعتداء جنسي وهو على كرسيه المتحرك قبل أربع سنوات حين كان عمره 89 سنة . وأن زوجته باربارا قد لاحظت هذا الإعتداء الذي تم التكتم عليه . وأنها وجهت نظرات حادة إلى زوجها جورج اتش دبليو بوش تحذره من تكرار فعلته هذه مع الممثلة الشابة (31 سنة) التي كانت تقف إلى حانبة.
وتتلخص واقعة الإعتداء الجنسي المشار إليها أن الممثلة هيزر ليند كانت قد التقت مع الرئيس بوش الأب وزوجته باربرا خلال حفل ترويجي لأحد أفلامها . ثم طلب فريق الفيلم إلتقاط صورة تذكارية مع الرئيس بوش الأب وزوجته .
وجميعنا يعلم أن الرؤساء السابقون في الولايات المتحدة لا يعاملون بمثل ما يعاملون به في أفريقيا بعد فقدانهم مناصبهم .
جلس الرئيس بوش الأب على كرسيه المتحرك . ووقفت عن يمينه زوجته باربرا. وعن يساره وقفت الممثلة هيزر ليند ثم بعض الشخصيات الأخرى . ويبدو أن إنفعال الممثلة هيزر ليند (وقتها) بهالات الرئاسة ونجوميتها . ثم وكبر سن الرئيس الأسبق يوش الأب (89 سنة وقتها) ... كل ذلك جعلها تتعامل مع الأمر برومانسية تقديسية خاصة . فاقتربت كثيرا في وقفتها إلى جوار الرئيس بوش . والذي يبدو أن بعض آثار الفحولة قد تحركت فيه واتقدت من تحت الرماد . فمال بجانبه الأيسر نحو وسطها حتى التصق بها تماما ... ووضع يده اليسرى على مؤخرتها وداعبها بحميمية غير مشروعة ولا تخفى على كيميائية الأنثى .
وتقول هيزر ليند أن الرئيس بوش الأب قد إعترف بفعلته تلك واعتذر. وبرر تصرفه بأنه إنما جاء على سبيل الدعابة . ولم يكن الغرض الإعتداء الجنسي بالنظر إلى رجل عجوز مقعد مثله.
هناك في الغرب يحترمونك عندما تعترف بجرمك البيّـن . ويقبلون إعتذارك ... ويضعونه في خانة الشجاعة وتأكيد على الندم.
ومن ثم فقد آثرت الممثلة هيزر ليند السكوت لمدة أربع سنوات . ولكن مشاركة بوش الأب في عمل خيري نكأ الجراح وألهمها الإفصاح عن تلك الفضيحة.
المصطلح الذي إستخدمته الممثلة هيزر ليند لتوصيف هذا التصرف هو (إعتداء جنسي).
ومن الضرورة بمكان أن يطلع المواطن خاصة والمسلمون الشرقيون عامة إلى معنى هذه المصطلحات وتوصيفها القانوني . خاصة وقد أثبتت العديد من الأحداث الفردية التي قام بها دبلوماسيون سودانيون في نيويورك خلال الفترة الأخيرة . قد أثبتت مدى الفارق الثقافي والحضاري بين الإنسان الأفريقي وإنسان الغرب .
ومن الضروري أيضا أن نرفض تقليل الأعلام المحلي لدينا من فداحة وخطورة هذه الأفعال رغم خطورتها وجسامتها في الإسلام ولدى المجتمع الغربي والأمريكي...... وفي رفضنا الواضح للتقليل من فداحة هذه الأفعال ما سيؤدي إلى إستقامة الدبلوماسي وإحترام الإعلام الرسمي وما يسمى بالكتيبة الألكترونية لعقلية المواطن على أقل تقدير.
هناك أكثر من مصطلح مختلف المعنى ودرجة الخطورة:
- الإعتداء الجنسي.
- الإساءة الجنسية.
- التصرف جنسي.
- الإغتصاب الجنسي.
وعلى الرغم من صدور "خريطة جسد" في الغرب قبل أكثر من عام ؛ تم فيها تحديد الأماكن في جسد المرأة والطفل (خاصة) بحسب درجة "تجريم" لمسها والإعتداء عليها .. إلا أنها تظل خريطة قابلة للأخذ الرد بحسب الظروف والمسببات والأحوال ..
فعلى سبيل المثال لايمكن وصف الإمساك بإمرأة أو طفل من منطقة حساسة في جسده بغرض إنقاذهم من موت محقق إعتداء جنسي .
وعليه فقد ترك للقاضي أو المحكمة حرية تحديد درجة وجسامة الإعتداء الجنسي حسب العضو من أعضاء الجسد المستخدم لدى الفاعل أو الذي تعرض للإيذاء في الضحية.
كذلك فربما يكن (التصرف الجنسي) في حاجة إلى توصيف دقيق ويتوقف على قناعة المحكمة . فقد يكون التصرف الجنسي مقتصر على حركات يفعلها الجاني في جسده هو أمام الضحية . كالعبث مثلا بأعضائه التناسلية أو الحساسة عمدا أمامها. وبطريقة قد يختلف مدى وخطورة جرمها من وجهة نظر المحكمة...
وبحسب ما ذكر أعلاه جراء تكرار حوادث الإعتداء الجنسي من جانب دبلوماسيين سودانيين في مدينة نيويورك بحق نساء . فقد أصبح موضوع التحرش الجنسي حديث الناس وشغلهم الشاغل في الداخل . أو كأنه ثقافة جديدة طرأت على مجتمعنا . خاصة وأن مرتكبي هذه الأفعال يشغلون مناصب دبلوماسية وأممية رفيعة المستوى ... ويتعاطون مع قناعات إسلامية يلصقونها في أنفسهم .... ويحرصون على الظهور بمظاهرها أمام البسطاء وعامة الناس... وهو ما يشكل منعطفاً خطيراً في مسيرة وأخلاقيات المجتمع.
ويبدو أننا في بلادنا نظن أن الإعتداء الجنسي (بالمفهوم الغربي) يعني الإغتصاب الجنسي وحده.
كذلك يبدو أننا لا نعرف مثلا أن (المشاغلة) أو (المعاكسة) هي تحرش وإساءة جنسية.
وينطبق الحال على الإلتصاق الجسدي بمختلف أشكاله ومواضعه. سواء بالمؤخرات والأفخاذ أو إلصاق اليد أو الأصبع ... فهذه جميعها ومثلها يتم توصيفها على أساس إعتداء جنسي sexually assault. وربما لا تتعدى عقوبتها لدينا حـد قيام بعض أصحاب المروءة والشهامة والغيرة على الدين والمجتمع بضرب المعتدي ، وإخراجه من الحافلة والصفوف وأماكن الإزدحام ؛ في ظل صمت الضحية وعدم رغبتها في التصعيد القضائي.
نجاة الجناة في الداخل بأفعالهم . أو خروجهم منها بأقل الخسائر يشجع حتما على تزايد وإستفحال الظاهرة ..... وقد ساهم بالفعل في " تصدير " هذه الظاهرة المرضية حتى إلى العالم الجديد ونقلها بالحقيبة الدبلوماسية.
وهناك اليوم من يتخوف من أن العديد من عواصم العالم ربما تكون قد شهدت مثل هذه الغزوات الدبلوماسية . ولكن لأسباب تتعلق بعادات وتقاليد تلك البلدان لم يتم تصعيدها إعلاميا وقضائياً.
والمؤسف أن الإعلام الرسمي وعناصر ما يسمى بالكتيبة الألكترونية قد فشلوا فشلا ذريعا في التعامل الإحترافي الذكي مع الأحداث الأخلاقية التي تراكمت مؤخرا وشملت أفعال دبلوماسيين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية في نيويورك .
لقد أتبع هذا الإعلام الرسمي الحكومي والحزبي أسلوب من أخذته العزة بالإثم . وراح يمعن في الكذب والخداع ، وإنكار الحقائق للتعمية على الجنايات الأخلاقية التي يرتكبها المحسوبين عليه من الدبلوماسيين ورجال الأعمال تحت ظل الإسلام وراياته ، وقناعات هي لله والمشروع الحضاري.
وحتما لو عمد النظام السياسي القائم إلى تجريم هؤلاء وطردهم من السلك الدبلوماسي وعضوية الحزب .. كان حتما سيؤدي ذلك إلى إكتساب النظام مصداقية يحسد عليها . ولكان قد أعفى نفسه من كثير ما تعلق بأسواره ودخل حوشه من قاذورات وخبائث هي دون أدنى شك محسوبة عليه وتخصم منه الكثير لا القليل....
ولعلنا هنا في وصف الممثلة الأمريكية هيزر ليند لمشاعرها ومكنونات نفسها تجاه الرئيس الأسبق جورج بوش (الأب) وكيف أنه فقد إحترامها هو ومنصب (الرئيس) الذي كانت تحسب أنه لم يخلق لعامة البشر .. علنا هنا نلحظ كيف إنهارت كل هذه القناعات ، وتبخرت الهالات على نحو جعلها ترفض الإستمرار في المشاركة بهذه الكذبة والوهم . وأنها ينبغي عليها أن تكشف للشعب الأمريكي العار والخزي الذي لحق به على يد رئيسه . وعلى نحو يمنع إنجرافه مستقبلاً في طريق إضفاء هالات من القدسية على أناس لا يستحقونها.
وقالت الممثلة هيزر ليند . أنها من ضمن أناس تفتحت عقولهم وأعينهم على تقديس الرئيس . وقالت : "وأنني حتى قبيل الإعتداء كنت أظن نفسي محظوظة أن سيكتب لي مقابلة "السيد الرئيس" ومصافحته ... وكنت حين أتحدث عنه أقول عنه (السيد الرئيس) ... ولكنني اليوم لو قابلته مرة أخرى وجها لوجه لن أناديه سوى بقولي السيد بوش : لأنه بتصرفه ذاك قد أسقط هالات قدسيته من نظري."
واقع الأمر ربما يكون لثورة "الشعبوية" التي يقودها الرئيس ترامب اليوم دورها في تشجيع الممثلة هيزر ليند وملايين البشر في العالم ..... تشجيعهم على التعامل الواقعي مع بعضهم البعض . وأن لا قدسية لأحد على قيد الحياة في عالم اليوم .... ولا تنزيه ولا عصمة عن الوقوع في الخطأ .. وفوق كل هذا وذاك ضرورة أن يجد الجاني العقاب والقصاص الرادع الذي يستحقه أمام ساحات القضاء العادل ..... وكل ذلك يتطلب تشجيع الناس على الإفصاح شكواهم . وأن تسمي الأشياء بمسمياتها .. وأن يوزن الناس بعضهم البعض بميزان الخير والشر ؛ بدلا عن موازين المناصب والمال والنفوذ الزائل .. إلى غير ذلك من ضرورة لتصحيح الكثير مما علق بأذهان الناس عامة من مفاهيم خاطئة إنطباعية نابعة من القالب الذي يقدم فيه الإنسان نفسه... خاصة تلك القوالب الدينية من لحية ومسبحة وقفطان وزبيب صلاة وغيرها مما درج على تسميته بأزياء الشهرة.
التعليقات (0)