دعت حركة 20 فبراير للتظاهر يوم الأحد 24 أبريل، في خطوة تظهر على أن الحركة مازالت غير راضية على الخطوات التي اتخذها الملك، من خلال إعلانه عن اتجاه المغرب نحو إجراء تعديلات دستورية تحد من صلاحيته لصالح الحكومة و البرلمان إلى جانب قرارات أخرى تخص ملفي القضاء و الجهوية الموسعة.
ما قدم إلى حد الآن ، عناوين كبيرة لإصلاحات تركت للجنة معينة أن تحدد ماهيتها باستشارة مع أحزاب لا تمثل الشارع المغربي بأكمله ( نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة بلغت 37 في المائة، تقاسمت نتائجها حوالي العشرين حزب)، إضافة إلى فاعليات جمعوية و مدنية، مع العلم أن الحركة و بعض الأحزاب اليسارية رفضت الاجتماع بلجنة المنوني المخولة بدراسة التعديلات.
ما الذي قدمته الأحزاب المشاركة من اقتراحات للجنة الدستورية؟ للجواب عن هذا السؤال يكفي أن تلقي نظرة على مسار هذه الأحزاب منذ نهاية التسعينات أي منذ تكليف الكتلة ( الاستقلال- الاتحاد الاشتراكي- التقدم) بتشكيل حكومة التناوب، لماذا الكتلة؟ ببساطة لأنها كانت تمثل المعارضة السياسية و كان سقف مطالبها أعلى بكثير على ما نشهده الآن، كانت أحزاب الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي تعارض الملك الحسن بذاته، و كانت في أوج قوتها في السبعينات خصوصا تدعو إلى ملكية دستورية.....فما الذي تغير الآن؟ استطاع النظام المغربي تدجين المعارضة السياسية الممثلة في الأحزاب السابقة ليضمها إلى صف أحزاب اليمين ( أحزاب الأعيان و طبخات وزارة الداخلية)، في عهد الملك محمد السادس لم تكن هناك معارضة حزبية تذكر، الحكومة تضم غالبية الأحزاب، ما الذي استجد؟ حزب إسلامي دخل الحلبة بزخم أكبر، و تحت غطاء رجل من رجالات النظام " الخطيب رحمه الله" دخل حزب العدالة و التنمية البرلمان و المجالس المحلية تحت شروط حددها النظام، كان ولابد أن يتم إدخال الإسلاميين اللعبة، خاصة من يطلق عليهم بالمعتدلين، رغم ذلك يبقى لدى السلطة هاجس تخوف من الإسلاميين، توجس ازداد بعد أحدات 16 ماي، يخرج أحد رجالات النظام، ليعلن أنه بصدد تأسيس حركة ديمقراطية لضخ دماء جديدة في العمل الحزبي، خروج جاء بعد نكبة العزوف الكبير الذي شهدته الانتخابات الأخيرة، غير أن الوافد الجديد لم يكن سوى نسخة مطورة لأحزاب الدولة، ضم شذاذ الآفاق من أعيان و برلمانيين تواترت رحلاتهم على دكاكين الأحزاب اليمينية و حتى اليسارية ليحطوا الرحال عند حزب صديق الملك، إذا لماذا الوافد الجديد؟ صرح مؤخرا علي الهمة بأن رجوعه للخلف سيكون هدية للإسلاميين، عبارة قد تعطي توضيحا لم يوجد حزب دولة كرقم جديد يضاف إلى باقي الأحزاب اليمينية الأخرى من أحرار و دستوري و حركة.
بالمحصلة ما نرى الآن من أحزاب ممثلة داخل قبة البرلمان هي مساهمة في اللعبة السياسية الحالية بكل أبجدياتها، و لا ترقى إلى أن تطالب الآن بما لم تطالب به طوال هذه السنين، و هي الممثلة و الموكول إليها التحدث بلسان الشعب في قبتي البرلمان و المستشارين و في المجالس المحلية، بل و كيف تستشار و قد كانت سباقة لرفض المشاركة في تظاهرات حركة 20 فبراير؟ إنها أحزاب صورية كما الحكومة صورية و البرلمان، و بالتالي فما سينبثق عن اللجنة قد يكون محددا من أعلى و ما يشاهد الآن قد يدخل في لعبة الإعلام و التسويق الشعبي و الخارجي. لربما؟
إن الحديث عن إصلاحات دستورية مزمع تنفيذها لا يكفي، دون اللجوء إلى إجراءات فعلية و عاجلة تمتص غضب الشارع و ترقى إلى تطلعاته، من قبيل مثلا فتح ملفات الفساد و محاربة المفسدين، و تشكيل حكومة وطنية يشهد لأعضائها بالنزاهة، إطلاق السجناء السياسيين، الوقوف عند المطالب الاجتماعية و الاقتصادية الفئوية و معالجتها، تفعيل الحوار السياسي مع جميع فعاليات الطيف السياسي لأجل بلورة خارطة طريق أفضل للمسار ديمقراطي دستوري مغربي يجمع بين الملكية و ما تحمله من إرث تاريخي و وطني و بين حكم دستوري ديمقراطي مبني على مؤسسات قوية نابعة من الشعب و منتخبة بشكل حر و نزيه.
التعليقات (0)