دائماً تُكرّر المقولة ذاتها عندما تكون في وحدتها، بينها وبين نفسها ترددُ في صمت بأنها والحزن توأمٌ ... توقفت في منتصف الطريق لتنظر خلفها ... أمازال كِلاهما يجرُّ الآخر ...
لم تجد رفيقاً وفياً يحفظُ العهد مثله ... وتذكرّت قول أمها تخاطبها " عنيدة أنت، أتعلمين أنك جئتِ رغماً عنّي فكلّ الطرق المؤدية لإسقاطك فشلت في تحقيق رغبتي وأصررتِ على تقبّل الحياة ... إنّها الظروف القاسية التي دفعتني للتفكير في تفادي إنجابك .. لقد كانت حمولتي وأباك من الاطفال كبيرة، تعجز الظروف عن حملها ... لكن إرادة الله وحكمته كانت الأقوى فبقيت وجئتِ"، لم بقيت هذه الكلمات محفورة في ذاكرتها ومنقوشة داخل سرداب قلبها لا تدري ... إنها كلمات تقفز كفريت الجان أمام عيناها كلّما استعرضت شريط حياتها ... كلّما حاولت البحث عن بقعة ضوء تبرّر لها عنادها في إفتكاك مكان لها في هذه الحياة رغماً عن الظروف التي أصبحت شماعة يتوكأ عليها كلّ من رغب الزهد فيها ....
وقفت في منتصف الطريق تحادث صديقتها " هل تعلمين أنني لا أبلغ المرام الاّ بشق الأنفس وبعد عناء وعذاب، لذا فحين أناله أجد نفسي قد زهدت فيه بل ربّما عافته وأرى الفرح إنكمش في داخلي ليطفح الحزن مكانه والإبتسام معا، أخبريني ما قيمة الثمار في غير أوان قطافها .. أو وقد بلغت من الذبول عتيا؟؟؟..." لم تجبها ... ومع الصمت أكملت " كلّ أمر بلغته كان بعد جولات عديدة مع الحياة فالحرب سجال بيننا ... لكن مهما عتت أمواجها فلا إنكسار ولا إنحناء ... لقد إعتادني الحزن واعتدته ... شردت قليلا ... لملمت أشلاء نفسها ... ألقت نظرة فاحصة على الطريق خلفها ... وأردفت قائلة: كم ظلمناك أيتها الظروف فأنت الإبرة الجاهزة للتسكين ... للتخلي .... للزهد في الناس والحياة ... أنت الوصفة الجاهزة للإنكفاء على الذات ... أنت العصا التي تُرفع ويُنشُّ بها كلّ طالب حق ... أنت القذيفة التي يُطلقها في وجهك كلّ من شعر بأنك قد أثقلت موازينه في الحياة ... وتحت يافطة الظروف تم تسريحها في منتصف الطريق ..
لم تجد بدّا من توديع صديقتها في منتصف الطريق ... ألقت نظرة خاطفة على ما تبقى من الطريق، ثم رفعت جبينها حتى لامس السماء ... تبسمت ثم عادت أدراجها وتركت صديقتها يعفّر الغبار قدميها لباقي الطريق
التعليقات (0)