مواضيع اليوم

على الطريق - عن "السفير" اللبنانية

Ahmad Ahmad

2009-07-27 14:16:38

0

 على الطريق
استعادة للمحرّمات: جمال عبد الناصر والثورة والمقاومة 

 


طلال سلمان 
 

استأصل «العرب» ذاكرتهم ورموها في سلة المهملات وارتاحوا إلى خروجهم من التاريخ الذي بات يكتب بالإنكليزية مترجمة إلى العبرية وبالعكس..
صارت «الثورة» و«إرادة التغيير» و«القدرة على إعادة صياغة الحياة بما يحقق كرامة الإنسان» و«تحرير الأرض بالإرادة»، كلمات وتعابير نابية وشعارات مهجورة تدل على التعلق بالماضي الذي لن يعود، والغرق في أحلام اليقظة، ومجافاة لروح العصر... والعصر أميركي والسيد إسرائيلي، والمقاومة مغامرة على حافة الجنون!
 
وصار «جمال عبد الناصر» اسماً محرماً، يفضل تحاشي ذكره أمام الأطفال، لأن كل استفسار عن عصره سيعظِّم من حجم الفضيحة التي تجللنا بعار الاستسلام!
فاسمه يعني: «ارفع رأسك يا أخي، فقد مضى عهد الذل والاستعباد»..
واسمه يعني، كما سمعناه في مواجهة العدوان الثلاثي في العام 1956، الذي شاركت فيه بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل: «سنقاتل، سنقاتل، ولن نستسلم...».
واسمه يعني: «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة... ولسوف نسترد حقوقنا بقوة الشعب وإرادته».
واسمه يعني رفض الهزيمة والعودة إلى الميدان بعد تدارك الأخطاء التي مكّنت العدو الإسرائيلي من تحقيق انتصار أعظم من أحلامه!
واسمه يعني العزة والكرامة للأمة، ورفض الشروط المذلة، واستعادة المنهوب من حقوق الشعوب ومواردها وثرواتها الوطنية.. وبين عناوين هذه السياسة تأميم «الشركة العالمية لقناة السويس» لتعود إلى أصحابها الأصليين الذين حفروها بدمائهم، شعب مصر، فلم يتركها للمستعمر الأجنبي، ولا هو فتحها أمام غواصات العدو الإسرائيلي وبوارجه الذاهبة لتهديد أخ شقيق أو بلد صديق.
واسمه يعني مواجهة قوى الاستعمار والظلم في كل أرجاء الوطن العربي ومناصرة ثورات التحرير مشرقاً ومغرباً من الجزائر وحتى اليمن.
إننا نعيش في ظل انقلاب شامل على كل عناصر القوة والقيم والمفاهيم التي تؤكد جدارتنا بالحياة في هذا العصر، وأولها أن تكون إرادتنا حرة، وأن ينبع قرارنا من مصالحنا، وأن نتصدى لأعداء حقنا بأن نبني بلادنا بجهدنا، وأن نحمي استقلالها وحقها في القرار في كل ما يتصل بشؤونها.
 
إننا، وعبر النظام العربي السائد، نستسلم قبل أن تبدأ المواجهة، ونفرط بكرامة الأمة وحقوقها قبل أن تبدأ المفاوضات..
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإننا نبرئ الاحتلال الأميركي من كل الجرائم العظمى التي ارتكبها ويرتكبها في العراق، وأولها وأخطرها تدمير دولته وتمزيق وحدة شعبه إلى طوائف ومذاهب وعناصر وأعراق، وتحريض كل طرف على الآخر وادعاء موقف «الحكم»...
آخر الخدع التي مارسها هي ما أسماه «الخروج من المدن» لكي يترك لقوى الأمن العراقية أن تقوم بواجبها!! وبالتالي فهو قد نفض عن نفسه المسؤولية في حين أنه يعرف أن العراقيين الذين حرّض بعضهم ضد بعض، وأغرى بعضهم بالانفصال، وزيّن لآخرين الفيدرالية، لن يتفقوا، خصوصاً أنه كلما تقاربوا رماهم بكرة النار مرة أخرى فتفرقوا..
 
ويكاد النظام العربي، الذي صمت متواطئاً عن الاحتلال الأميركي للعراق، أن يكون شريكاً في المسؤولية عن كل ما أصاب أرض الرافدين، فهو يتهم العراقيين في وطنيتهم لكي يبرئ الاحتلال... ويتهم العراقيين بالطائفية، وهو من يغذيها ويتباهى بانتصاره في الترويج «للهلال الشيعي» حتى حققه بدماء العراقيين وسائر العرب.. من قضى نحبه، ومن ينتظر العاصفة الدموية التي تهدد بتدمير المنطقة جميعاً.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن النظام العربي لا يكتفي بتبرئة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه اليومية (والمهولة) ضد الشعب
الفلسطيني، بل أنه يتواطأ مع هذا الاحتلال ويدين الفلسطينيين بعلة انقسامهم، وهو مسؤول عن أساسها وتفرعاتها.
إن أهل النظام العربي «حلفاء» فعليون للعدو الإسرائيلي. وهم قد جروا «السلطة الفلسطينية» للتغطية على تواطئهم على القضية، ولقد لبت وهي تلبي حتى من قبل أن تنادى!
... وبرغم كل هذه التنازلات بل الخيانات فإن إسرائيل تواجه الرئيس الأميركي ـ المعجزة، الذي جاء يبشر بيننا بالإسلام، وتتحداه فلا توقف بناء المستوطنات بل هي تمدها إلى قلب القدس العربية التي قررت وهي تنفذ قرارها بجعلها «عاصمة أبدية لدولة إسرائيل»، وتكاد تصادر كل أراضي الضفة الغربية والأغوار بمستعمراتها الاستيطانية.
وبرغم كل هذه التنازلات بل الخيانات فإن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تتهم «النظام العربي» بالتطرف لأن أهله لم يملكوا من الشجاعة ما يجعلهم يتقدمون خفافاً إلى الصلح الجماعي والاعتراف الجماعي بإسرائيل ومنح فلسطين، كاملة، لدولة اليهود المطهرة.
 
[ [ [
 
مع كل نشرة أخبار، بما فيها من فواجع وإهانات، تعود إلينا صورة جمال عبد الناصر، ونسترجع أصداء خطاباته ومواقفه وقراراته التي تؤكد القدرة في الأمة.
 
ومع كل انحراف يرتكبه أهل النظام العربي نستذكره، وقد كان المانع للانحراف والتفريط، بقوة الإرادة الشعبية، وليس بخطابه فحسب.
إننا نستذكره ليس للبكاء على الماضي، بل لتوكيد القدرة في الأمة..
 
 
وفي ذكرى الحرب الإسرائيلية على لبنان التي أكدت قدرة هذا الشعب الصغير على المواجهة وعلى الانتصار بمقاومته المجاهدة وبتكاتف شعبه وبتضامن الشعوب العربية، من فوق رأس «النظام العربي»، يحتل طيف جمال عبد الناصر الوجدان ليؤكد لنا أننا قادرون.. لو أردنا.



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !