احد الأصدقاء الديماغوجيين قال لي الشهر الماضي ( السلطة مخطئة ولو كانت على صواب ، وحماس مصيبة ولو كانت على خطأ ) !!كيف كنت سأناقشه بعد ذلك ؟! وبأي منطق ؟
لكنني أقول له اليوم إنني لا ابيع ألوان العلم الفلسطيني لتركيا حتى لو جاءتني بألف سفينة غذاء ودواء !
ثم إن تركيا التي تدافع أنت اليوم عن وضع هلالها على علمنا كان يمكنك الأسبوع المقبل ان تشتمها لو لم يحدث ما حدث وألغت مناوراتها المشتركة مع جيش الدفاع الاسرائيلي !!
كما ان تركيا النظام الرسمي ، ليست هي التي صعدت لسفينة كسر الحصار، بل هم ناشطون معهم ناشطون اردنيون ومصريون وامريكيون ولبنانيون ... الخ الخ !وتركيا الرسمية ليست اكثر من حنجرة تزاود وتبيع وتشتري بالقضية كما فعلت بنا عشرات الانظمة على مر هذي السنين !
....
ولكن ربما على الشعب الفلسطيني ان يموت أكثر .. بنشاط اكثر .. لنكتب قصائد أجمل !!فهذه خلاصة موقف بعض المثقفين والناشطين و الذين يحبون الفلسطيني قتيلا أو شهيداليعيشوا نشوة المظاهرة ، والهتاف !
فعليه أن يلقي السلاح إن سئموا مشهد الدم، وأن يمتشقه أن اشتاقوا لمشاهد المغامرة، وعليه أن يموت ليتفاخروا انه سليل عائلتهم، وأن يجوع ليكتبوا شعرا وطنيا صاخبا، وأن يصمد تحت الحصار ليهتفوا في مسيراتهم الحاشدة أيام العطلات!
هؤلاء الذين يدينون بالولاء الأعمى لخطيب المسجد الذي صاغ عقولهم، وحدد لهم قدراتهم على التفكير، خطيب المسجد الذي لم يقل لهم كيف تصير حكومة حماس حلالاً وشرعاً ، فيما الذي كلّفها بتشكيل الحكومة ابن حرام ومسخ ، وهو الذي اقسمت اليمين امامه !!
كيف يصير الجلوس على غصن الشجرة فضلاً عظيماً ، فيما الشجرة نجسٌ وحلال قطعها !!
كيف يصير الانقلاب على سلطة رام الله جهاداً وتحريراً ، فيما أنصار السنة الذين احتجوا على فوضى حماس شياطين تهدم عليهم مئذنة المسجد بقذائف حماس في الأشهر الحرم !!
كيف نقيم الدنيا ولا نقعدها على وصف عباس للصواريخ بالعبثية ، ثم تاتي حماس بعد اتفاقها السري مع اسرائيل وهدنتها غير المعلنة لتصف صواريخ الشعبية والجهاد بأنها ( خيـانيـــة ) !!
اسمحوا لي هنا ان اقتبس التالي من مقالة لي ايام الحرب على غزة :( ربما كان من السهل كتابة عبارات عاطفية تمجد صمود غزة، وتمتدح انتصار الدم على السيف، وتصرخ وتستنكر حتى يسيل الزبد من بين شدقي المقالة !ذلك أن الكثيرين لا يريدون رؤية الحقيقة كاملة، ويفضلون الخيار المريح الذي يعود بالجماهيرية، ويستجدي تصفيق السذج من الناس، فليس أسهل من صف الشعارات جانب بعضها، واستخدام مفردات مبحوحة ومهترئة، عن النصر والصمود، والبطولة، في حين أن الذين يسقطون هم من طرفنا فقط... فكيف نحن إذا من صمد ومن انتصر ومن قاوم ؟!هل ثمة من يزعم أن هناك مقاومة الآن في غزة؟.
السؤال الذي لم يسأله أحد هو ما الرقم السحري، الذي يجب أن يبلغه عدد الشهداء، لتتحرك حماس وتنفذ تهديدها ووعيدها الذي نسمعه على الفضائيات يوميا، بأنها ستزلزل الأرض تحت اسرائيل، وستجعلها تندم على حماقاتها، وأنها ستحرق وتدمر وتقتل وووو... فماذا تنتظر حماس ؟!
اذا كانت الحركة الاسلامية تمتلك فعلا أسلحة قادرة على فعل ذلك، ولا تستخدمها، فتلك مصيبة تصل حد الخذلان لكل هؤلاء الشهداء.. لأنها لو استخدمتها لاستطاعت صنع نوع من توازن الرعب ودفعت المعتدي لإعادة حساباته، ولتناقص عدد الذين يموتون كل يوم.أما اذا لم تكن تملك أسلحة قادرة على ذلك، فتلك المصيبة الأعظم، والخذلان الأشد، فهذا الانفاق السخي يوميا من التهديدات بحرق اسرائيل هو الذي يعطيها الذرائع أمام العالم لحرق الناس والأطفال والبيوت والأشجار!
فكيف تزج الحركة بشعبها الى هذه المذبحة، ثم تختفي فجأة هي وقادتها، تحت الأرض، كعادتها في كل قصف او اجتياح !
أما الحديث الغريب عن الانتصار الذي ستحققه الحركة في هذه الحرب فهو حديث لا يرقى الى مستوى العقل، ولا يخاطب سوى السذج، أو الذين يتعامون عن الحقيقة، فأي انتصار والشهداء وصلوا الى حوالي 400 شهيد ولم تقتل صواريخ حماس سوى اثنين او ثلاثة أولهم كان عامل بناء عربي من أهالي ال 48 !!
إلا اذا كانت حماس تطبق النظرية العربية القديمة القائلة بأن الحرب لا تعد خاسرة، حتى لو مات كل الشعب، ما دام قد سلم رأس النظام، وهو ربما ما أشار اليه صراحة اسماعيل هنية في ظهوره الوحيد أول أيام القصف حين قال: سنصمد ولو أبيدت غزة كاملة، وسننتصر!! فأي انتصار الذي يقصده ؟ وماذا سنفعل بغزة إن صارت مجرد مقبرة كبيرة للشهداء؟! لعنة الله على الأوطان إن كانت مجرد تراب وأرض خاوية ينعق فيها الناطقون الإعلاميون!!
ما الحكمة من ذلك؟ وما معنى الصمود عند هذه المجموعة من خطباء المساجد الذين يتولون ادارة حرب؟!
ما تعريف الانتصار وما تعريف العمل الوطني وما تعريف المقاومة؟ وهل لو توقفت الحرب غدا ستقيم حماس احتفالاتها بأنها انتصرت وأن اسرائيل لم تحقق أهدافها؟ هل الأهداف الثمينة فقط هي رؤوس قادة الحركة والى الجحيم بكل اؤلئك الأطفال والطفلات والنساء والشباب الذين استشهدوا؟!
هل فعل خالد مشعل ما عليه واكتفى حين خرج في اليوم الأول للمجزرة على قناة الجزيرة فألقى خطبة عصماء وجه فيها الناس كيف يموتون، وألقى تعاليمه الرشيدة بالصمود حتى موت آخر غزاوي، وبدا مشعل في تلك الليلة أشبه بالملقن الذي يقف فوق رأس الميت عند القبر، قرأ حشدا كبيراً من الأحاديث النبوية والآيات القرآنية حتى تطاير الزبد من فمه، ولم يقل كلمة واحدة يمكن أن تنسب لما يسمى بـ السياسة !!
فما الذي تريده حماس من هذه الحرب؟! برأيي أن هذه الحرب تخاض لأجل شخص واحد فقط هو خالد مشعل الذي أصيب بوسواس، أو هاجس، أو عقدة اسمها حسن نصرالله، وظل لوقت بعد حرب تموز يقلده بالشكل والحطة على الكتفين، وحركات اليدين، والمفردات والعبارات، ثم لم يقتنع فأراد أن يخوض حربا مشابهة، بحثا عن نجومية مشابهة، حتى لو دفن بيديه مليونا ونصف المليون فلسطيني!!
الطريف في الأمر أن حماس تتصرف في بياناتها ومؤتمرات ناطقيها الإعلاميين كأنها فوجئت بردة فعل النظام الرسمي العربي، وكأنها كانت تتوقع جيوشا جرارة تهب لانتشال الحجر الذي رمته هي في البئر، بينما لم تفعل هي أي خطوة سوى ما فعلت الأنظمة، بل تفوقت على العرب الرسميين ببيانات الاستنكار والاستهجان والتهديد الصاخب.
ثم لو بادرت مصر الليلة، وفي حالة الحرب هذه، إلى فتح المعبر دون أي سلطة رسمية عليه من الطرف الفلسطيني، وتركته رهن العشوائية ومشرعا لجموع الناس، الذين سيجدون بوابة ضخمة مفتوحة أمامهم للهروب من المجزرة ، فكم فلسطيني سنجد في غزة صباحاً؟ أجزم أنه لا أحد !
وسنكون أمام موجة نازحين جديدة تعيد للأذهان سنة الـ67 أو الـ48، وأمام غزة فارغة ومشرعة لاحتلال سهل.
فلأجل من يموت الغزّاويون الآن ؟!
أرجوك لا تقل لي من أجل فلسطين . ) – انتهى الاقتباس –
فكم مرة على الفلسطينيين ان يموتوا ليرضى ايات الله في طهران ؟ وهل النظام الذي يسحل شبابه في الشوارع ويغتصب نساءه وشيوخه في السجون لمجرد احتجاجهم على نتائج انتخابات الرئاسة كان حريصا على الديمقراطية الفلسطينية حين دعم حماس ؟ أم هو يفاوض أمريكا على برنامجه النووي بالورقة الفلسطينية ؟ النظام الإيراني الذي دائما ما هدد بحرق نصف اسرائيل ، ثم ثلثها ، لم يحرق سوى ثلثي العراق !العراق العربي .. والبلد الوحيد الذي قصف اسرائيل بالصواريخ !
فما الذي فعلته ايران للفلسطينيين في حرب غزة غير ما فعلت البحرين ؟ وما الذي فعلته سوريا غير ما فعلت تونس ؟ وما الذي فعلته تركيا غير الذي فعلته الكويت ؟؟؟ وما الذي فعله حزب الله غير الذي فعلته سلطنة عمان !!
لنكف عن تصديق تلك الكذبة الكبيرة بأن هناك دول ممانعة ودول موافقة ، فالكل في النهاية يهرول للمفاوضات، والذي لم يدخل قاعاتها بعد فذلك لأن اسرائيل هي التي ترفضه !!
خطباء المساجد الذين يختطفون قطاع غزة يفهمون ذلك جيداً ، لكنهم يختطفون غزة رهينة ليفاوضوا عليها واشنطن ، والذي تريده حماس واضح ومفهوم وجلي تماماً : ان تحلّ مكان المنظمة على كرسي التفاوض مع اسرائيل !!
دعك من دروس السادس الابتدائي التي يلقونها في انصارهم وتجمعاتهم عن الجهاد في سبيل الله، فتلك لا يتلقفها الا السذج الذين لا يرون دوريات حماس التي تحرس حدود اسرائيل الآن من عناصر الجبهية الشعبية والجهاد الاسلامي !!
والشهر الماضي اعلن محمود الزهار القيادي في حماس ان حركته انهت 172 جولة مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل !!!
وخالد مشعل اختار امس تحديدا (عشية وصول اسطول الحرية لغزة) ليعلن ان حركته ستوقف القتال ضد اسرائيل اذا ما انسحبت لحدود ال67وان حركته ليست لديها مشكلة مع امريكا !!
وامريكا ايضا ليست لديها مشكلة مع حماس، فهي تظل تماطلها، ولا تقطع الخيوط معها، ذلك أنها تحتاجها لتظل تضغط بها على منظمة التحرير، والذين يقرأوون السياسة بشكل جيد وموضوعي يعرفون جيداً ان هذا بالأصل هو الهدف من تأسيس حركة حماس !!مثلما كان تأسيس القاعدة لضرب الإتحاد السوفييتي !
وليس هذا اهانة لشهداء حماس ومناضليها الذين التحقوا بحسن نوايا دون ان ينتبهوا لأهدافها الخبيئة.
هل يعي هذا القطيع الذي يصفق لخالد مشعل آناء الليل واطراف النهار حقيقة هذا الرجل ، الذي لم يحمل مسدسا بلاستيكيا في حياته لكنه يريد القتال حتى آخر فلسطيني وهو جالس في قصره في قطر بجوار القاعدة الامريكية !!
حماس التي تختطف غزة رهينة تفرض شتى انواع الضرائب على شعب جائع لا يجد قوت يومه ، وتفرض الضرائب على زيارة البحر ، وعلى المواد الغذائية المهربة من الأنفاق التي يموت الغزاويون لأجل تهريبها ليستطيعوا البقاء على قيد الحياة في ظل حكومة تحتكر المال وتسرق المساعدات الدولية لتوزعها على انصارها ليلاً !
ثم اخيراً تهدم 12 منزلا وينام الفلسطينيون هذه المرة في العراء بأيدٍ ومعاول فلسطينية .. بحجة انها بنيت دون تصاريح !! وكان كل ما هو قائم في غزة منظم ولا وجود للفوضى بتاتا، ولا وجود للمخدرات يهربها ابناء وزراء في حماس !!
هل حقاً مشكلة كبرى ان تقام 12 منزلا بدون تصاريح ؟ وكيف تواجه حماس العالم الذي نقول له ان الاف المنازل التي هدمت في الحرب ما زال اهلها ينامون في العراء لأنه لا مواد بناء لنبني لهم منازل بديلة ؟؟؟
كيف بأي منطق إذا نهدم بيوتا جديدة بأيدينا ؟؟ أي شيطان رجيم يفكر بذلك !!
...ثم يحدثونك عن السلطة الفلسطينية، ما المطلوب من السلطة ؟؟ أن تشن حربا على اسرائيل ؟ ان تقذف بشعبها للمجزرة كما فعلت عصابة غزة ؟؟ ان تقصف اسرائيل بالطائرات ؟؟ لماذا لا تفعل دول الممانعة التي تهاجم عباس ليل نهار ذلك ؟؟ لماذا لا تخرج صواريخها الصدئة من مستودعاتها وتدافع عن ارضها المحتلة لا عن ارضنا ؟؟السلطة لديها سقف للتفاوض منذ ايام الشهيد ياسر عرفات في كامب ديفيد الثانية لم تتنازل عنه، وما زالت . فما الذي فعله محمود عباس لنظل نشتم فيه ليل نهار ؟صحيح انه لم يحرر الاقصى، لكنه ليس هو من باع فلسطين ايضا !!
وعباس لم يقدم بعد رحيل عرفات اي تنازل، فأي سبب موضوعي للهجوم عليه غير الانتصار للعصابة في غزة ، وهي التي شهدت له يومها بانه أشرف على اكثر الانتخابات نزاهة !!
...على الذين اختطفوا غزة ، ويشتمون اوسلو أن ينتبهوا : انتم تجلسون على غصن اوسلو النجس !!
التعليقات (0)