مواضيع اليوم

على أبواب عام جديد

د.هايل نصر

2010-12-20 08:23:13

0

العام الجديد على الأبواب. يلاحق اليائسون من شعوبنا تنبؤات المنجمين, وعرافة العرافين, ويقلبون فناجيين القهوة لقراءة بعض ما يخفيه القادم المجهول. فمنهم من يصاب بالكآبة والإحباط لانسداد الآفاق. ومنهم من يرى أن من صبر دهرا لا يضيره المزيد من الصبر. ومنهم من يبني على السراب آمالا.

ومع أنهم يعلمون علم اليقين أن لا المنجم ولا العراف (ولا ندري الفارق بينهما ولا من أي العلوم والمصادر ينهلون) يغير من الواقع شيئا, أو يكشف سرا من أسرار الغيب. وان فناجين قهوة الصباح المقلوبة لا ينبعث منها إلا رائحة و نكهة البن, مضافة إلى ثرثرة غالبا ما تكون غير بريئة.

هل يتجرأ أن يعلن منجم واحد متبحر في "علم" التنجيم. أو عرّاف حاذق البصر والبصيرة, أو يرتسم في فنجان قهوة, غير ماصلة , بان العام القادم, أو القادم من الأعوام, سيشهد, أو تشهد, بسمة حقيقية غير منتزعة, على شفاه من حفر العبوس على جباههم أخاديد قبل أوانها؟. و أن الغد سيكون واعدا؟. هل يبشر بذلك واقع الأمور؟. ورغم ذلك يبقى التساؤل:

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, أرضا محررة في الجولان, والأراضي الفلسطينية المغتصبة؟ وفكا للحصار. وتصالحا فلسطينيا فلسطينيا لا يقل صعوبة عن تحرير الأرض, وبناء الدولة التي تعترف بها اليوم دولا في أمريكا الجنوبية, وتعلن أخرى من قارات أخرى عن نيتها بالاعتراف , وترفضها منظمات وزعامات فلسطينية لان الاعتراف سيقوي هذا الفصيل على حساب ذاك الفصيل.

ـ هل سيشهد العام الجديد, أو القادم من الأعوام, بداية صحوة عربية وتنسيق لبناء اتحادات أو تجمعات متحدة وتعاون, أو حتى تنسيق مواقف وسياسات, لمصلحة الشعوب؟ أم ستسمر الصراعات والمكائد العلنية والخفية إلى أن يصبح الوطن الواحد أوطانا تسودها القبلية والعشائرية والطائفية ؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, أو القادم من الأعوام, تراجعا في معدلات الفقر والبطالة والمرض والجهل, والأمية, والفساد والرشاوى, وملاحقة الكلمات الحرة وأصحابها؟. وإنهاء للاعتقال السياسي والحصار على الفكر, والتخلي عن التعذيب والإهانات والحط من كرامة الإنسان؟ والحد من التوسع في بناء السجون وتقليص مهام الجلاد والسجان؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, تراجعا, أو تعقلا, في نهب خيرات البلدان العربية من حكامها وأسرهم وبطانتهم (وعلى سبيل المثال لا الحصر, الم تتحدث الأنباء عن رئيس مؤمن جدا يقيم الحدود الإسلامية على الفقراء المعدمين لسرقة رغيف أو بيضة بقطع اليد, ويجلد النساء في الساحات العامة لارتداء ملابس فاضحة (بنطلون غربي كافر) رئيس يزف البشرى لشعبه بانفصال جنوب البلاد عن شماله. شمال منتصر فرح ستطبّق فيه والحمد لله الشريعة الإسلامية. الم تتحدث تلك الأنباء عن سرقته 9 مليارات من الدولارات وينفي!!ّ!؟ الم ينفي قبله بكوكاسا, وبنوكه وحماته, تهريبه أموال بلده إلى حين سقوطه؟ ).

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, برلمانات غير مزورة (بشكل غير فاضح على الأقل وعلى مسامع العالم في الأرجاء الأربعة للمعمورة وليس فقط في مصر المعمورة) تعبر عن إرادة الشعوب وتُسمي بحق سلطة تشريعية؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد ,والقادم من الأعوام, أنظمة لا تقوم على توارث السلطة, ولا يجري إعداد السنين والسنين وتهيئة النفوس والعقول, وتسخير إمكانيات بلدان بكاملها مالية وبشرية, في تهيئة الوريث, ووضع الترتيبات الدولية, بما فيها الرشاوى بالمليارات لشراء الذمم, لقبول واعتراف غير منازع فيه, بالوارث المرتقب حامل اسم الأسرة وارثها و سياساتها, ومكمل ومكارم الأخلاق؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, شيئا اسمه دولة قانون ومؤسسات, وتُرفع عن الدول أسماء رؤسائها لتستعيد أسمائها الحقيقية ؟. حتى لا تختلط على مراقبي جوازات السفر في المطارات الأجنبية ورجال الأمن فيها رعوية حاملي هذه الجوازات هل هي لدولهم أم لزعمائهم؟

ــ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, قول حاكم لمواطنه: أخي المواطن الحاكم في خدمتك, الحكم مهمة ووظيفة ألقيت بها بأمانة على كاهلي بعد انتخابك الحر لي, لن أخون ما أنا مؤتمن عليه, وان لمست شيئا من هذا فلك أن تستردها, قبل أن يسترد الله أمانته فاحشر مع الخائنين.

ـ هل سيشهد العام القادم, والقادم من الأعوام, بوادر ديمقراطية وتعددية حزبية وحقوق إنسان واحترام للحريات العامة والشخصية؟ والكرامة الإنسانية؟ وتصبح المواطنة حق, والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات مرتبط بها وحدها؟. فيعود الوطن للجميع ويعود الدين لله؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد والقادم من الأعوام, تعليما يتصل بالقرن الواحد العشرين, وترتفع مستويات المؤسسات التعليمية, والجامعية منها بشكل خاص, إلى مستويات يصبح معها ممكنا تسجيلها, ولو بالأرقام الأخيرة, في ذيل قوائم التصنيفات العالمية؟

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, المثقف التنويري الذي لا يبيع فكره وقلمه ولسانه للسلطان, و لا ينافق خشية ملاحقات وتكفيرغلاة التطرف من مهووسي هذا الزمان؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, انحسارا في أعداد علمائنا ومفكرينا وفقهائنا وعلماء الفتاوى, ودكاترتنا (من غير الأطباء), لعدم استيعاب المكان, أو لقلة الشواغر, أو لازدياد معدلات البطالة الفكرية, أو لعدم الحاجة لمزيد من مداحي السلطان, أو لوهن وضيق الأوطان؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, انحسار الفضائيات التي تزرع الفضاء بإعلام مضلل, وتسويق خارج الحدود حكاما تجازوا كل الحدود؟, وثقافة الكراهية والتحريض على القتل واستئصال كل من خرج عن طاعة الله وبقي على كفره رغم تبلغه الدعوة؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, قضاء مستقلا نزيها يقف فيه القاضي والمتقاضي في قصر للعدل سقفه القانون وحده, دون صورة الزعيم وكاذب الشعارات؟. قاض ينام مرتاح الضمير بعد كل جلسة يصدر فيها حكما أو قرارا, ومتقاض يعود إلى بيته مرتاح لحكم لصالحه, أو مقتنع بحكم في غير صالحه؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, الاعتراف بحق القتيل في أن يشير إلى قاتله, وحق أهله في طلب العدالة, وحقهم إن فعلو ذلك أن لا يلحقوا بقتيلهم؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, نزول المطر دون صلوات استسقاء, والوصول إلى العمل والوظائف دون منة ومكرمة و استجداء؟. هل سيتم إدراك القوانين الطبيعية لسقوط المطر أوشحه أو احتباسه؟. وإدراك ما قررته القوانين الوضعية من أن العمل والوظيفة حق تكفله الدساتير؟. والحق في العيش الكريم, والضمان الاجتماعي, والضمان الصحي, من الحقوق ذات الصفة الدستورية تدان لعرقلتها المؤسسات والأفراد وكل من يحول دون وصولها كاملة إلى أصحابها؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد والقادم من الأعوام تنازلا عن الادعاء بأننا, رغم كل شيء, خير امة أخرجت للناس, لنقبل بان نكون امة من الناس بين الناس وكباقي الناس؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, بداية انحسار التعصب الديني والطائفي والتقاتل المخفي الممهد للقتال العلني؟. هل سيصبح من المقبول إن في الدولة الديمقراطية العلمانية يتعايش الجميع, وان فصل الدين عن الدولة لا يضر بالدين ولا يضعف قيم المجتمع والدولة؟

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, انحسارا لموجات القادمين للغرب الفارين من الاضطهاد والفقر والبطالة في قوارب الموت, التي لا يحرك مصيرها ضمير الزعماء, وإنما على العكس يطالبون علنا, ومنهم عميدهم, بمليارات الدولارات لتخليص الغرب من المغامرين بحياتهم, ومن خطرهم, أما كيف ذلك, فالأجوبة مكتومة تبقى في رؤوس الزعماء. ورؤوس الزعماء ليست كباقي الرؤوس.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, تراجعا في دعم السياسيين من انتهازيي الغرب لطغاة عالمنا, تراجعا غير مدفوع الثمن؟ تراجعا يقوم على اعتبارات الإنسان وحقوق الإنسان؟.

ـ هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, تراجع اليائسين عن اللجوء إلى المنجمين والعرافين والى الاعتدال في قراءة إشارات الفناجين؟.

هل سيشهد العام الجديد, والقادم من الأعوام, ولادة المعجزة؟.

د.هايل نصر




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات