مواضيع اليوم

علمني القَدَر

محمد سعيد مزوار

2014-10-11 22:35:19

0

 

تعلمتُ منذ الصغر أن أنصت إلى صوتي الداخلي، إنه لا يخدعني ولا يغدر بي على الأقل، وحتى وإن هو قادني إلى غرفة الانعاش مرات عديدة، فهو لم يقصد ذلك ولم يخطط له، صوت كان مرشد الحكماء منذ فجر التاريخ، وقاد الإنسان إلى عالمه الإنساني منذ مشكاة النهضة ومآثر الصناعة والتجارة، لكن هناك دائما بعض الأمور التي تجعل الفرد الإنساني غير مدرك لما من حوله يدور.

لا يمكن الفرد المقاتل حلولا كثيرة تجعله ينجوا من تحدياته المختلفة، هناك فارق طفيف بين الكثرة والمجون، لكن نصف الصفر يبقى صفرا في كافة العمليات الحسابية، وما أكثر المبتدئ الرياضية التي يحفظها الفرد الإنساني دون أن يدرك معناها ولا كيفية البرهنة عليها. لذلك هناك جنون يسيطر على البشر دون إدراكهم له.

يرجع الناتج الفردي إلى كثافة عمل الفرد والاستراتيجية التي يتبناها في تأديته لتسيير المعطيات، لا يعود أبدا إلى ما يمكن تجريده من منطلقات يابسة بلا ضمير، لطالما عاد الإنسان إلى حضن الكون، كون أن الكون ذاته هو معطى موضوعي للذات البشرية.

من الكثافة التي تمكن الإنسان من أداء أعماله المباشرة هي تلك التي تستغل أمانته من أجل الوصول إلى منبع الشذرات الهلامية بلا تردد، الواجب، الانضباط والاحترام هي كلها خرقات لكل ما تمثله هذه الكلمات، وعليها تُبنى الآمال بطرفة عين كما تهدم الأحلام بجرة قلم.

من يتمالك نفسه أمام مشهد عودة الجرس إلى الرنين هو إنسان قابل للعودة إلى ما تصنعه النوايا من قضايا تعلمه الحكمة بكل لوازمها، هذه هي أعطر تحية تجرد الفرد من شخصياته المتحركة.

لا توجد أمور خارجة عن المعتاد إلا وأن حاربها المجتمع البالي، والغالي من أمور الجديد ما هي سوى تجديد لما تم التعارف عليه بأنه قديم، فأين هو الجديد من باب التجديد؟

مستلزمات العملي لا تعني بأن المجال مفتوح لكل الأفراد حتى يدلوا بدلوهم كما يريدون، لكن تبقى الأفكار فضاء رحبا لكل إنسان طامع في أكثر من جسامة الأجسام، هي تجارة يتم من خلالها تسويق الزائل وشراء الخالد، تجارة مربحة للغاية.

لكل إنسان هواجسه التي لا تتركه ينام، لكن الفرق بين الأفراد هو كامن في طريقة تعامل كل فرد مع هاجسه، هناك من يخنقها وهناك من يربيها، والأمران خطيران رغم كل ما يقال.

عندما يولد الفرد الإنساني في الظلمة فإنه يشتاق النور بشدة، وعندما يحرم الإنسان من أمر ما فإنه يشعر بالنقص في باقي حياته، حتى أنّ الناقص يبقى مدينا للمنقوص كدين وجب على العبد تسديده لسيده.

ما أضعف ايمان البشري بالمشكاة التي من شأنها تداول العالم، ذاك المصدر الذي يرمم الناس على حسب اعتقادهم، ما من قدرة على التكيف هي قادرة على فهم القدرة ذاتها بلا تقدير لكافة أبعاد التقديرات للقدرات، هناك فروقات بسيطة لكنها مؤثرة في مسار حياة الإنسان بشكل ملفت للغاية، لا يمكن أن يغفل الفرد الواعي عن تفاصيل زوايا الأفكار، لأنها صائغة النجاح كما أنها مؤسسة الانحدار. لا يهم كقدار الألــــم إن كان ذا نتيجة قيّمة.

مسالك الحياة لا تسرد على الدهر بسبب وضوحها، وإنما لكل مسلك سرعته واتجاه منجاته، فعندما يواجه الفرد مخاوفه، هو يصدح بكل نجوى للأمور العالقة في سراديب قضائه، العالم أكبر وأخطر من أن يعلم منحاه، لكن الإنسان هو محرك الكوابل الأرضية التي هي في متناوله، هو القادر على تحريك الحياة، ومن يدعي بأن القوى الغيبية هي التي تسيّر العالم، هو يشرب من كؤوس الضعف والجبن بلا دراية، فمن قال مثلا بأن الحرّ من مصدر فوقي على البشر احتماله لم يصل أبدا إلى اختراع المكيفات، بل بقي عبدا للمكيفات التي اخترعها الجاحد بالأوامر الغيبية، وبالتالي هناك تغيّر في المفاهيم، وهو تغيّر فاصل في العناصر والأحكام؛ لأنّ الدنيا تسير وفقا لمعطيات واضحة تنشد الغموض، بينما هناك من يسير بالغموض إلى الظلمة، لكي يضمن الولاء والعبودية لذاته باسم الغيب والطاعة له. إنها من الحقائق التي تستدعي التأمل قولا وفعلا وحقا.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !