مواضيع اليوم

علمني أن أقرأ فأعلمك من أنا

د. فيليب حردو

2009-08-03 16:29:55

0



علمني أن أقرأ فأعلمك من أنا

المطالعة هي مفتاح العقل وأساس المعرفة, وهي تزيد من قدرة الإنسان ثقافياً وتتيح له فرصة الإطلاع على خبرات الآخرين وتجاربهم للاستفادة منها. فقد أثبت علماء التربية أن القراءة تعمل على زيادة رحابة عالم الطفل وتنمي استقلاليته وتوسع خياله وتشجعه على الابتكار والإبداع وتطور مقدرته اللغوية وتلمه بالثقافات الأخرى وتنمي عنده المقدرة على فهم الآخرين وتساعده في تكوين الشخصية الحوارية. ووقفة ونظرة تحليلية لواقع الغرب نجد أن الأم والأب والأصدقاء ... كلهم يطالعون. ولهذا السبب تطورت هذه الشعوب وأبدعت في كل المجالات الحياتية.

عندما جاء أبني و الذي هو في الصف الثامن يقول لي لقد قرأ أو طالع حوالي 50 كتابا أو رواية هذه السنة شعرت بالسعادة طبعا وبدأت اسأله عن نوعية الكتب التي قرأها فتوصلت إلى مفتاح أو إلى سر تقدم الغرب به على العالم وهو: الارتقاء في المطالعة. وعلى سبيل المثال فعندما تسافر صباحا في القطار أوالمترو إلى لندن فإنك ستجد جيشا من المسافرين وعيونهم موجهة لقراءة كتاب أو جريدة...وحولك جو يخيم عليه الصمت والهدوء والجدية. ويحتل الأولاد بعمر 15 في فنلندا المركز الأول في العالم على مقياس PISA التعليمي.

وعن نسبة المطالعة في العالم تشير الإحصاءات إلى أن الأميركي يقرأ حوالي 11 كتاباً في السنة والبريطاني 8 كتب بينما في العالم العربي ربما هي أقل من كتاب واحد في السنة. فقد ورد في صحيفة الإتحاد الإماراتية أن الدول العربية تنتج فقط 1.1% من معدل الإنتاج العالمي للكتاب والمكتبة العربية للأسف شبه خالية من كتب الأطفال.. لكن دعوني اسأل علماء التربية العرب: لماذا لا نقرأ? وماذا نقرأ? وكيف نقرأ? ومتى نقرأ؟ ومع من نقرأ؟..
هناك أسباب كثيرة ومتنوعة تمنع المواطن -الطفل والبالغ- العربي من القراءة، أغلبها حقيقي ومؤثر وتقع مسؤوليته على الجهات المعنية بالتعليم والثقافة والإعلام في الدولة لدراستها وضع الخطط الجدية لعلاجها.

ربما تكون أهم أسباب عدم إقبال العرب على القراءة الآتي:

- ندرة وسائل تشجيع القراءة وقلة المكتبات العامة وضعفها. ولمحاربة الكسل الثقافي أتمنى أن أرى في كل مدرسة ودور للعبادة مكتبة عامة ومتنوعة وغنية تتبناها وتروج لها وزارة الثقافة بالتعاون مع مؤسسات دولية خبيرة لتزويد وترتيب المكتبات. طبعا هذا يحتاج إلى ميزانية كبيرة قد يساعد بها الاتحاد الأوروبي

- أن التغيير السريع في المجتمع وصعوبة الحياة وتكاليف المعيشة وغلاء الكتب يحد من ذلك أيضا. وهو موضوع يحتاج إلى أن تتدخل الحكومات العربية لدعم مشروع "الكتاب من أجل الجميع".

- أن غالبية الكتب التي تنشر هي جدية وتهم فئة مميزة وضيقة من القراء ومنها تلك الكتب التي تتناول أحداث الساعة والتاريخ والعقيدة والتراث والكتب المترجمة. وفي إحصائية أعدتها أحدى دور النشر العربية أكدت فيها أن الناشرين العرب مجتمعين يصدرون سنويا كتابا واحدا لكل ربع مليون شخص في العالم العربي مقابل كتاب يصدر لكل خمسة الاف شخص في الغرب. وأيضا لا يوجد حاليا ما يناسب أو يجذب الأولاد والطلاب للمطالعة.

- عدم تأقلم الفرد على القراءة حيث أن نظام المناهج الدراسية والمنزل لا يعطي دافعا للمطالعة بسبب أسلوبها الجامد و بسبب ضغط الدراسة والمنافسة القوية التي تنعكس سلبا على الطالب فيختفي حيز المطالعة. فالمطالعة تكتسب، ولا تمطر علينا من السماء.

ختاما، أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتاح فيه للطالب العربي أيضا الفرصة لقراءة 50 كتابا في السنة كما فعل ولدي في بريطانيا وعندها سنكون نحن أيضا في مقدمة الشعوب.

د. فيليب حردو FRCP- لندن

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !