مواضيع اليوم

علاقة خاصة جداً ..

متوكل ابو اسامة

2010-03-30 06:06:45

0

 

 

لا أحد يتصوّر بأنه سيخسر خصوصية ما إلا عندما يفكّر بتقبل واقع جديد .. أو يعيشه فعلاً .. طوعاً أو كرهاً ..

العلاقات غالباً إما تبدأ متوترة لتصبح فيما بعد طبيعية .. عادية .. غنية ..
وإما أن تبدأ " ربما " شاعرية لتدوم كذلك .. أو لتنتهي أحياناً متوترة .. عنيفة .. وإما أن تبدأ غريبة بمختلف المتضادات .. لتبقى أو لتنتهي غريبة أيضاً بنفس المعاني .. أهو القدر ؟! أم تراه الحظ - ربما العاثر - وربما السنين .. كنتُ دائماً أرسم صورة للمستقبل فينتهي بي الحال إلى صورة مقلوبة أو أدنى مما رسمته .. أو صورة شحيحة لدرجة التذمر تارةً والحسرة تارةً أخرى . هذه الحياة تبدو كمن أراد الموت ليعش طويلاً ، أو كمن أراد الحياة ليمت مبكراً .. إلا أنها تعاند وتعاند ..

اضطرتني الظروف أن أترك خصوصيتي .. أحبتي .. حبيبتي الكبيرة .. حبيبتي الصغيرة .. مكتبتي .. جهاز الحاسوب ..أحلامي ..لأتي إلى - مدينة الفرص - ومدينة السياحة الداخلية .. حينما تبحث عن سكن في موسم الذرّوة " الوهمية " تكتشف أن وطنك يصلح أن تكون عاصمته أغلى مدينة في الخيال ...


ليتصوّر أحدكم / إحداكن إنه وصل إلى مدينة في بلده ليمضي الساعات يبحث عن سكن . لا يمكن القول أنه لا يوجد سكن .. ولكن يمكن القول أن السكن أصبح هماً يفوق المقدرة المالية ...

الرياض تعج بالفنادق .. بالشقق المفرزشة .. لكنها تفتقد الإحساس بالإنسان ..

قُدّرَ لي أن أكون في الرياض - مرّة أخرى - ولمدة تقترب من نصف السنة لأسباب مستقبلية .. هاهنا فأنا أحتاج لمبيت .. وياله من مبيت .. لا أستطيع أن أسكن في شقة " خام " اؤثثها من جديد .. إذن ليس أمامي إلا الفنادق أو الشقق المفروشة . الفنادق لا تبدو إختياراً سليماً خاصةً إذا ما كانت الإقامة طويلة .. إذن ليس أمامي إلا الشقق المفروشة ...

- جملة إعتراضية على سرد الحكاية -

" اليوم الجمعة أيقظتني ذات العلاقة الخاصة جداً مبكراً .. أيقظتني الساعة التاسعة - لعلها - لم تعلم بأني استوطنت الفراش بعيد الخامسة .. قاتلها الله ..! "


مشاهد :

- الإيجار الشهري يبدأ من 3000 ريال وينتهي بــــ 30000 ريال ..
- الإيجار الشهري يبدأ من 1800 ريال وينتهي بــــ 5000 ريال ..
- الإيجار الشهري يبدأ من 1500 ريال وينتهي بــــ 2500 ريال ..

أمام هذه المشاهد تصوّرت نفسي أملك دخلاً شهرياً أو قدرة مالية لا تتجاوز الألفين ريال أو الثلاثة في الشهر ..وتصورتها أيضاً مفتقرة إلى وسيلة مواصلات خاصة ..خاصةً إذا قال أحدهم " لا مشكلة طالما تملك سيّارة " مشيراً إلى إمكانية إيجاد فرص أفضل لشقة أرخص .. ماذا يعني ذلك ؟!

بعد هذه المقدمة التعيسة ، سأعرفكم على صاحبة العلاقة الخاصة ..

 


قبلتُ على مضض شقة أو " سويت " سعره أعلى من سعر شقة " فايف ستار في الزمالك أو المهندسين " ، أول يوم كنت تعباً فقبلت هذا الوضع .. " المفاجأة " ذات العلاقة الخاصة جداً كانت أن المبيت ليس بذاك القدر من السوء .. ولكن هناك مشكلة صَعُبَ على أهل المكان حلها - خصوصاً - أن المكان يصبح مهجوراً أغلب فترات السنة .. عدا المواسم ..

المفاجأة كانت " ألاَ حلَ للتخلص من الصراصير " ...

عاتبتهم مرة ، وطالبت منهم التصرف أكثر من مرة .. وأحضرت المبيدات  " فليت وارد باموت "  .. على حسابي .. ولكن لا حلّ...

- تم رش الحمام كاملاً ..
- تم رش الصالة كاملةً ..
- تم رش الغرفة " بدواعيسها " ..

حتى أني فكرت أن  " أبخ " في فمي .. ...


المفاجأة كانت إذن الا نتيجة .. فهذه الصراصير تريد أن تعيش مثلي ومثلكم .. لديها مقاومة عجيبة ومدهشة ..أجد بعضا منها في الثلاجة أحياناً هروباً من هذا الحر الذي لم يرحم أحداً .. وعلى فرشة الأسنان .. >>>> كخ ها كأن أحداً قالها وهو يقرأ ... وعلى الدولاب .. وعلى المرأة .. وفي ثيابي النظيفة والمؤجل غسلها ..وفي المساحة الصغيرة " للسمول كتشن " ..وأخيراً وليس أخراً بدت تترائى لي في أحلامي .. إي والله ...

في ظل كل هذا .. وفي ظل إدارة تعيسة وظروف أتعس .. وعاصمة تبدو الأتعس .. قررتُ تكوين علاقة خاصة جداً ، واتفاقية مع الصراصير ضمنياً .. على الاً أهاجمها من أجل التخلص منها .. والاَ تطاردني في يقظتي وأحلامي ..

أثناء ما كنت أكتب هذا الـــــــtext .. أمامي صرصار صغير وجميل ..أشقر اللون وبعينين زرقاوين تحدقان بي وأنا أمسك القلم و ماض في الكتابة .. أتأمله ويتأملني .. أصغي إلى سكونه ويصغي إلى هزيمتي .. لم يبق إلا أن أصافحه .. أو أسكب له كأساً من شرابي ينادمني تعاستي .. حاولت مخاطبته .. فكرت ..! أي لغة يمكن أن أتواصل معه بها ؟.. قلت لنفسي لأحاول .. حاولت ..وكان :

- أهلين صرصور .. أتدري ما أكتب ؟ إنني أكتب عنك ..عن شعورك باللاخوف مني وأنت لا تبتعد عني سوى هذه المسافة كتلك التي بين الظفر واللحم .. أتعرف أيها الصرصور الذكي أنت لست سيئاً سوى كونك " طملاً " ( ) .. ..هذا هو الشيء الذي يجعلني أمقتك .. ولكن طالما أنتَ قبلتَ بالصلح وألاَ تنجسني .. ففي المقابل سأقبل بألاَ أستخدم ضدك أي " نعلة " وألاَ أشتري any more من المبيدات المضادة <<<< يتكلم أكثر من لغة .. فهل أنت مدرك لما أقول ؟

سكونك وهدؤك وعدم تحركك .. وهذه القرون الاستشعارية التي تتحرك بتناسق إشارة إلى أنك فهمت ما أقول .. أو أنك ميت ..!

أقرّب اصبعي بحذر وهدوء .. يتلامس جزء صغير وناعم بأصبع ضخم - لا حراك - .. يا للهول ! أتكون ميتاً ؟!...

أقرّب أصبعين إلى الجسد الصغير الساكن وألتقط بهما كائن بحجم الظفر فيتحرك شيء .. إذن أنت حي ؟.. أنت تدرك وجعي ..؟ تدرك لغتي.. ؟
يالك من كائن جميل .. أتراك فهمت مالم يفهمه بنو جنسي ؟.. إن كان فتأكد بأنك ستصبح صديقي.. وإنني سأرمي هذه العلبة اللعينة التي اشتريتها لأتخلص منك بواسطتها ..أتراك تفهم ما أقوله ..؟

أعيده إلى مكانه - لا حراك - ..مجرد عيون صغيرة لا ترى إلا بالمجهر ..
أغني له أغنية أحبها : غنيلي شوي شوي .. أحكيلي شوي شوي ..إنه ينصت ..! رباه ..!

لماذا نبخس الكائنات الأخرى قدرتها على التواصل معنا في ظل عدم قدرتنا على التواصل مع بعضنا ..؟..

أمام هذه التجربة ..وهذه العلاقة الخاصة جداً بدأتُ أؤمن بأن للإنسان أمل جديد ..

 

 

 

( ) طملاً = وسخاً




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !