المرونة التي أقدمت عليها الحكومة الإيرانية مؤخراً بشأن البرنامج النووي توحي بأنّ النظام في إيران يخطط الى مرحلة تعكس الرغبة في الخروج من المأزق الإقتصادي الذي يمرّ به النظام الإيراني حالياً بسببب العقوبات الإقتصادية التي شلّت القدرات الإقتصادية والتنموية في هذا البلد ويسعى الإيرانيون الى المضي قدماً في برنامجهم النووي وعدم إعادة عقارب الساعة الى الوراء وفي الوقت نفسه إعطاء قليل من التنازلات يمنحهم الحصول على بعض أموالهم المجمّدة في الخارج و يوقف العقوبات الصارمة المفروضة عليهم .وهذا بحد ذاته لو تحقق سيكون مكسباً جدياً قد يحققه النظام الإيراني بفضل هذه الحكومة التي يترأسها عميد المفاوضين النوويين السابقين.
وقد حددت الحكومة الإيرانية خطوطها الحمراء قبل بدء التفاوض والتي ترتكز على عدم السماح بشحن اليورانيوم المخصب بنسبة 20% خارج أراضيها فهذه النسبة من اليورانيوم عالي التخصيب يقرّب المسافة أمام الإيرانيين لتصنيع قنبلة نووية و يُعدّ الدرجة الكافية لإنتاج سلاح دمار شامل حيث لو حصل ذلك سيحصّن النظام الإيراني نفسه و سيتكرر السيناريو الكوري الشمالي في الشرق الأوسط. وهذا ما يسعى له النظام الإيراني على مايبدو خلال عقد من المباحثات النووية مع الدول الغربية.
كمية التخصيب والخط الأحمر قد أكها كراراً ومراراً المسؤولين الإيرانيين وكان أخرهم التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني بعد فشل المفاوضات النووية الأخيرة في جنيف الرئيس الإيراني في حديث له أمام البرلمان وكذلك المفاوض الإيراني الحالي عباس عراقجي نائب وزير الخارجية وكبير المفاوضين حول النووي وهذه التصريحات الرسمية لكبار المسؤولين الإيرانيين تبيّن الخطوات التي يحاول النظام الإيراني الوصول اليها من خلال التفاوض النووي و تقديم التازلات التي ظهرت للعلن بعد التغيير المفاجئ في السايسة الإيرانية بعد الإنتخابات الرئاسية الأخيرة .
إنّ سياسة النظام الإيراني في مجال النووي مرتبطة بماهية النظام الإيراني وخلال نظرة سريعة على تركيبة الحكومة الإيرانية الجديدة سوف يعرف القاصي والداني أنها لم يطرأ عليها أي تغيير جذري فظلّ الحرس الثوري يتقلّد المناصب الرفيعة في حكومة روحاني الجديدة فحصة وزارة الدفاع بيد ممثل الحرس حسين دهقان وقد لعب دهقان دوراً كبيراً في تأسيس حزب الله في لبنان الثمانينات من القرن الماضي وحصة مجلس الأمن القومي بيد الحرس الثوري لأنّ رئيسه حرسياً حتى النخاع.وبقيت سياسات إيران تجاه الثورة السورية كما كانت عليه في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد فأي تغيير خصل غير الوعود الفارغة و عمليات التجميل التي حاول النظام أن يجريها على وجهه ليظهر أكثر جنتلاً.لكنّ ماهية النظام الإيراني المخبّئة وراء هذا الوجه الجميل هي في الواقع قبيحة و مقززة.
إنّ البرنامج النووي الإيراني له علاقة في صميم النظام الإيراني وبما أنّ العقود الثلاثة والنصف الأخيرة كشفت عدوانية و وتدخّل النظام الإيراني في شؤون الدول العربية فإنّ الملف النووي مرتبط حتماً من أجل التدخّل و تصدير الثورة عبر تقديمه لحلفاء إيران في المنطقة والتلويح به لضرب مصالح أعداء إيران إذن برنامجهم مخصص لنفس الأهداف التي قامت من أجلها ثورة الخوميني المبنية على أساس التدخل و النفوذ تحت مظلة ولي الفقيه الذي يصفونه بولي أمر المسلمين جميعاً.
التعليقات (0)