أي علاقة يمكنها أن تربط بين رفيق الحريري و الأميرة ديانا؟
لكي لا يأخذكم التفكير بعيدا عن دائرة الضوء، أقر بأن العلاقة بينهما هي علاقة موت، موتٌ فاجعةٌ في باريس، و آخر زلزالٌ في بيروت، و أقر بأن العلاقة بينهما – أيضا – هي علاقة جاه و شهرة و سياسة، فالأميرة زوجة سابقة لولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز، و الحريري رجل أعمال ثري فوق العادة و رئيس وزارء لبنان المستقيل للتو من منصبه، و أقر بأن علاقة ما بعد الموتين هي بيت قصيد هذا المقال...
كانت ديانا وصديقها دودي الفايد قتلا إثر تحطم سيارة المرسيدس التي كانا يستقلانها في أحد الأنفاق في باريس، وكان مصورون يلاحقون سيارة ديانا ودودي بعدما غادرا فندق الريتز في باريس في الحادي و الثلاثين من آب/أغسطس 1997. ..و كان الموت...
و كان موكب رفيق الحريري يمر و سط بيروت، حينما دوى انفجار كبير، أودى بحياته و عدد من مرافقيه، في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005...و كان الموت...
إثر مقتل أو وفاة الأميرة ديانا أجري تحقيق في فرنسا، واستمر عامين، ألقى اللوم على سائق السيارة هنري بول، الذي فقد السيطرة على السيارة لأنه كان ثملاً ويقود بسرعة...ربما...
و بعد مرور تسع سنوات على الحادث، سوف تبدأ جلسات الاستماع الأولية في التحقيق في حادث مقتل الأميرة بداية العام المقبل. على الرغم من الشكوك التي أثارها مقتلها في حينه، لماذا كل هذا التأخير؟ هل يعني هذا أن قضية أميرة ويلز و معها ابن الرجل العربي الثري دودي الفايد لم تكن في مستوى التدويل و ممارسة الضغط من أجل إجراء التحقيق بشأنها؟ ألم تكن جديرة بتحريك الأمم المتحدة و مجلس الأمن بهدف الوصول إلى الجناة و معاقبتهم؟ ما الفرق بينها و بين قضية رفيق الحريري؟ لماذا تم تدويل هذه الأخيرة؟ لماذا تمت ممارسة الضغوطات بهدف تشكيل لجنة تحقيق دولية؟ لماذا قادت الاستنتاجات، حتى قبل بداية التحقيق و صدور تقرير ديتليف ميليس، إلى تورط سوريا في عملية الاغتيال؟ قد يقول البعض أن رفيق الحريري كان شخصية سياسية و رئيس وزراء أسبق للبنان، طيب، فجورج قرنق الذي قتل إثر تحطم المروحية التي كانت تقله شخصية سياسية أيضا، و نائبا لرئيس دولة السودان لمدة ستة أشهر فقط على اتفاق السلام الذي قاده للمنصب، ألا يستحق هو الآخر إجراء تحقيق دولي بشأنه؟ لماذا يتعهد الرئيس الفرنسي جاك شيراك ألا يظل اغتيال رفيق الحريري "من دون عقاب"؟ و لماذا يغض الطرف عن جريمة وقعت في عقر داره و في قلب عاصمته؟ ألا تستحق جرائم اغتيال إسرائيل قادة الفصائل الفلسطينية و مناضليها إنشاء لجنة تحقيق دولية؟ ألا يستحق ما تعرض له لبنان و ما تتعرض له الأراضي الفلسطينية يوميا تحقيقات دولية؟ لماذا تصر أطراف لبنانية على الربط بين الجريمة و سوريا؟ لماذا كل هذا التناغم بين أجندة فريق الرابع عشر من آذار و الأجندة الأمريكية؟ لماذا المطالبة – فور وقوع الجريمة – بإخراج الجيش السوري من لبنان، و إقالة رئيس الدولة إيميل لحود، و نزع سلاح حزب الله؟
إن شكوكا عديدة ترافق قضية مقتل الحريري، و قد كشف يورجن كاين كولبه الخبير الألماني في علوم الجرائم السياسية، في كتابه " ملف مقتل الحريري – إخفاء الأدلة في لبنان " الصادر عن دار النشرKai Homilius Verlag ، كشف النقاب عن اتهامات جديدة لجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية بالتورط في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري ، وتورط الإدارة الأمريكية ورئيس لجنة التحقيق السابق " ميليس " في عملية تحميل التهمة لسوريا وفق حسابات سياسية محددة.
يعتقد صاحب الكتاب اعتقادا راسخا أن تفجير موكب الحريري في الرابع عشر من فبراير 2005 في بيروت، تحول إلي سبب استندت عليه الولايات المتحدة الأمريكية لخلخلة الأوضاع بشكل كامل في لبنان، وحصد المزايا السياسية عن ذلك في كل المنطقة، هذا إلي جانب تسخير الأمم المتحدة لتبني الرؤية الأمريكية بكامل تفاصيلها عن الحادث، وتحريك الشارع اللبناني على نحو عجل بإعادة خلط الأوراق هناك ، لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، هذا علاوة على التهديدات التي وجهتها واشنطن والدول الغربية لسوريا، استناداً على فرضية تورطها في مقتل الحريري، وهي فرضية انتشرت فور حدوث العملية في بيروت، وحتى قبل أن تُجمع أشلاء القتلى، مع تسخير آلة الإعلام الجهنمي في شتى أرجاء العالم للترويج لتلك الفرضية، استناداً على معطيات سياسية مختلف عليها، دون برهان جنائي أو علمي حول ذلك.
و ما لفت انتباه يورجن كاين كولبه، أن الأمم المتحدة لم تحتاج لكثير من الوقت لتتبنى فرضية حكومة الرئيس جورج بوش، و لم تكن الجثة قد بردت بعد، حتى تبنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة فرضية واشنطن، الأمر الذي دفع بالكثيرين لاشتمام رائحة المصلحة السياسة وراء تلك الفرضية.
لقد رافقت الشكوك مقتل أميرة ويلز كما رافقت مقتل رفيق الحريري، لكني معني بتتبع سير التحقيق في قضية الحريري، باعتبار بعدها العربي و الإقليمي، و أنتظر مثل الكثيرين صدور التقرير الفصلي لرئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي البلجيكي سيرج براميريتس.
أما أميرة ويلز فستتولى القاضية إليزابيث بتلر- سلوس (73 عاماً) التحقيق في قضية مقتلها.
التعليقات (0)