مواضيع اليوم

عقيدة العنف والقتل عند الاسرائيليين - الحلقة الثانية -

Nooor Alaml

2010-10-28 08:45:56

0

التلمود والعدوانية تجاه الأغيار:
كلمة "التلمود" مستخرجة من كلمة "لامود lamud" التي تعني "تعاليم". وبالمجاز المرسل تعني هذه الكلمة الكتاب الذي يحوي على التعاليم اليهودية التي تدعى بدورها اليوم، ومنذ زمن طويل، باسم التلمود(1).

أما أصل التلمود فإن أحبار اليهود يدّعون انه كتاب الهي شأنه شأن التوراة، وان موسى عليه السلام بالاضافة الى تسلمه القانون المكتوب على ألواح من الحجر من ربه على جبل سيناء، فإنه تسلم أيضا تفسيرات وشروحا لهذا القانون، أو ما يدعى بالقانون الشفوي أو التوراة الشفوية. وتناقلت الأجيال اليهودية هذا القانون الشفوي الى أن تم جمعه في كتاب واحد خوفا من الاندثار والنسيان.

والذي جمعه هو الحاخام جيهودا حسب قول الأب برانايتس، أو الحاخام يوضاس (يهودا) بعد المسيح بمائة وخمسين سنة حسب قول الدكتور روهلنج في كتابه (اليهودي على حسب التلمود)، وسمي هذا الكتاب بـ(المشناه).

وكثرت تفسيرات وشروح وحواشي واستطرادات الحاخامات لكتاب المشناه في مختلف الأمكنة والأزمنة، الى أن تكون قسم جديد من تلك الشروح عرف باسم (الجماره) ويعتبر جزءا من التلمود.

وهناك تلمودان عند اليهود، أحدهما يعرف بتلمود أورشليم الذي يضم النسخة التي كتبت في القدس من الجماره، والآخر يعرف بتلمود بابل الذي يضم نسخة الجماره المكتوبة في بابل. وهكذا فإن الجماره بنسختيها البابلية والقدسية، بالاضافة الى المشناه، شكلت جميعها التلمود بمدرستين مختلفتين. لكن نسخة القدس من الجماره لم يعتد بها، نظرا لغموضها وتميزها بالاختصار الشديد، بينما اعتمد اليهود في المقام الأول وفي جميع الأزمان والظروف نسخة بابل(2).

كما ان هناك كتبا أخرى ليست من صميم التلمود لكنها تنتمي الى نفس الأسلوب وتعتبر ملحقات له، وهي تنشر ضمن طبعات التلمود.

والتلمود أكثر قداسة عند اليهود حتى من التوراة نفسها، جاء في إحدى كتب التلمود: "إن من درس التوراة فعل فضيلة لا يستحق المكافأة عليها، ومن درس المشنا فعل فضيلة استحق أن يكافأ عليها، ومن درس الغامارة – الجمارة – فعل أعظم فضيلة"(3).

وجاء في نص آخر: "من احتقر أقوال الحاخامات استحق الموت أكثر ممن احتقر أقوال التوراة، ولا خلاص لمن ترك تعاليم التلمود واشتغل بالتوراة فقط، لأن أقوال علماء التلمود أفضل مما جاء في شريعة موسى"(4).

أما عن قوانين التلمود تجاه الأغيار فحدث عنها ولا حرج، فهي تزرع عنصرية بغيضة لدى اليهود تجاه كل من هو غير يهودي. ولليهود لفظة خاصة يطلقونها على الأقوام والشعوب الأخرى وهي (جوييم)، واشتقاق لفظة جوييم هذه ما يزال الى الان غامضا، يثير نقاشا طويلا بين العلماء. فبعضهم يؤثر التوقف ويقول لا أدري، بينما يحاول آخرون أن يلتمسوا للمفرد "جوي" وجمعه "جوييم" أصلا في اللفظة العبرية "جوية" التي معناها "جثة" أو "جسد" أو حتى "رمة"(5).

ويعتبر التلمود الغوييم حيوانات وبهائم في أشكال آدمية، لنقرأ النص التالي في إحدى كتب التلمود (ميدراش تالبيوث): "خلقهم الله في أشكال آدمية لتمجيد اسرائيل. الا ان الآكوم(6) خلقوا لغاية وحيدة هي لخدمتهم (لخدمة بني اسرائيل) ليل نهار، وهم لا يستطيعون التخلص من هذه الخدمة. ومن اللائق ان يقوم على خدمة ابن ملك (اسرائيلي) حيوانات بأشكال طبيعية، فالحيوانات الكائنة بأشكال انسانية عليها أن تخدمه"(7).

وبالتالي فإن صب الزيت على الغوي أمر يعفي من العقاب لأنه ليس بشرا! النص التالي من التلمود يبين لنا ذلك بالقول: "تعاليم الرابيين هي: من يصب زيتا فوق غوي، وفوق أجساد ميتة، يُعفى من العقاب. هذا شرعي بالنسبة للحيوان، لأنه ليس بشرا. لكن كيف بمكن القول ان صب الزيت على غوي يعفي من العقاب، مع ان الغوي هو أيضا من البشر؟ ان ذلك ليس صحيحا ولا شرعيا، حسب ما هو مكتوب: أنتم قطيعي، وقطيع مرعاي هم بشر. انتم اذن تدعون بشرا، لكن الغوييم ليسوا كذلك"(8).

ومن هنا وباعتبار التلمود مفسرا للتوراة، فإن وصية (لا تقتل) مثلا من الوصايا العشر في التوراة يقصد بها النهي عن قتل اليهود فقط. أما قتل الأغيار فمسموح به، بل مأمور به في أكثر الأحيان.

جاء في كتاب (بوليميك): "إن لحم الأميين لحم حمير، ونطفتهم نطفة حيوانات غير ناطقة. أما اليهود فإنهم تطهروا على طور سينا. والأجانب تلازمهم النجاسة لثالث درجة من نسلهم، ولذلك أمرنا بإهلاك من كان غير يهودي".

ولا يجوز إنقاذ حياة شخص غير يهودي، يقول التلمود: "اقتل الصالح من غير الاسرائيليين، ومحرم على يهودي أن ينجي أحدا من باقي الأمم من هلاك، أو يخرجه من حفرة يقع فيها، لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين". بل وبدلا من إنقاذه ينبغي سد الحفرة التي يقع فيها! "إذا وقع أحد الوثنيين في حفرة يلزمك أن تسدها بحجر"(9).

ونقرأ في نص آخر: "إن رأيت مهرطقا لا يؤمن بالتوراة، ساقطا في بئر، وقربه سلّم، سارع الى هذا السلم وأبعده، وقل للمهرطق: عليّ أن أذهب به الى ابني لأساعده على النزول من سطح البيت وسأعود بالسلّم اليك بسرعة، أو تخلص منه بطريقة أخرى"(10).

أما الأغيار الذين ليسوا خصوما لليهود ومع انه لا يجوز قتلهم في الحال، إلا انه لا يجوز أيضا إنقاذهم من الموت حسب النص التالي: "الآكوم الذين هم ليسوا خصومنا، يجب أن لا يقتلوا في الحال. مع ذلك فيجب أن لا يُنقَذوا من خطر الموت. فإذا رأيت أحدهم على سبيل المثال يغرق في البحر، فلا تنتشله إلا إذا تعهد بمنحك مالا"(11).

وعدم إنقاذ الأغيار يشمل حتى الطبيب اليهودي، لنقرأ هذا النص: "يجب الامتناع عن مداواة الآكوم حتى مقابل مال، إلا إذا كان ذلك الامتناع يعرّض لعداوتهم"(12).

بل ان من يقتل شخصا غير يهودي حسب التلمود فإنه يقدم قربانا الى الله، يقول ايالكوت سيموني: "كل من يسفك دم شخص غير تقي (غير يهودي)، عمله مقبول عند الله، كمن يقدم قربانا اليه". والكتاب الخاص بالوثنيين (ابهوداه زاراه) يقول: "حتى أفضل الغوييم يجب قتله"(13).

وفي إحدى صلواتهم يقول اليهود: "صبّوا جام غضبكم على الشعوب التي لا تميزكم، وعلى الممالك التي لا تتوسل باسمكم، وصبوا عظيم سخطكم عليها، ودعوا حنقكم الغاضب يستولي عليها، اضطهدوها بغضب وحطموها من تحت سموات الرب"(14).

وحتى المباني والمساكن ليست معفاة من عنصريتهم وحقدهم وكراهيتهم، فالتلمود يقضي على اليهودي الذي يمر بالقرب من مسكن يقطنه غير يهود، بأن يطلب الى الله تدميره، أما اذا كان المبنى مدمَّرا فعليه أن يشكر إله الانتقام(15).

والأمر بقتل غير اليهود أو طردهم يتأكد أكثر عندما يكون اليهود أقوياء وبيدهم السلطة، جاء في كتاب أبيديم: "يجب أن لا يسمح لوثني بالبقاء في الأمكنة التي يكون اليهود أقوياء"(16).

وهذا النص التلمودي يفسر ما جاء في سفر الخروج: "وأجعل حدود أرضكم من البحر الأحمر جنوبا الى البحر المتوسط غربا. ومن الصحراء شرقا الى نهر الفرات شمالا، وأسلم الى أيديكم سكان الأرض فتطردونهم من أمام وجوهكم. لا تقطعوا لهم ولا لآلهتهم عهدا. ولا يقيموا في أرضكم.." الخروج: 31 – 33. فالنص هنا يحدد حدود أرض اسرائيل، والتي تشمل كامل صحراء سيناء وكل أراضي الاردن وسورية ولبنان، وحتى أجزاء من تركيا وجزيرة قبرص غربا في بعض التفسيرات التلمودية. فضمن هذه الحدود الجغرافية لا يسمح لغير اليهود بالبقاء، ويرتبط ذلك بمدى قوة اليهود، فعندما يكون اليهود أقوياء فإن من واجبهم الديني العقائدي طرد جميع الفسطينيين والعرب وكل الشعوب الأخرى.

ومن الملاحظ ان التلمود يصب جام غضبه أكثر على المسيحيين. فهو يطلق على المسيح عليه السلام أسماء حقيرة منها: "جيشو" أي: ليُمح اسمه وذكره. أو "نجار بار نجار" أي: نجار ابن نجار.

ويعتبر التلمود المسيح ابنا غير شرعي، حملته أمه وهي حائض، حيث يقول التلمود المقدسي عن مريم (عليها السلام) انها هربت من زوجها واقترفت الزنا. كما يعتبر التلمود المسيح ساحرا ومشعوذا ومضللا للشعب.

ويصف التلمود دين المسيح بالكذب والهرطقة وانه عبارة عن تعاليم مستحيلة الادراك، ويعتبر الأناجيل كتب الخطيئة والشر. ويطلق على المسيحيين أسماء منها: (أبهوداه زاراه) أي عبدة الأوثان، (أوبدي ايليليم) أي خدام الأوثان، (آكوم) أي عبدة النجوم والكواكب. ويصفهم بأوصاف مشينة، منها انهم زناة ومهرطقون وقتلة ونجسون يشبهون الروث وأبناء الشيطان..الخ.

أما الكنائس فهي حسب التلمود بمقام قاذورات، وإن الواعظين فيها أشبه بالكلاب النابحة، وانها كبيوت الضالين ومعابد الأصنام, ويجب علي اليهود تخريبها. ويدعى أحيانا بـ(بث تيفلاه) أي بيت الباطل والحماقة، و(بث أبهوداه زاراه) أي بيت الوثنية، و(بث هاتوراف شيل ليتسيم) أي بيت ضحك الشيطان.

ولا عجب بعد ذلك أن يتعرض المسيحيون أيضا في فلسطين لبطش اليهود الصهاينة، ولا عجب من تدنيس كنيسة المهد في بيت لحم ومحاصرتها من قبل قوات الاحتلال كما حدث ذلك أثناء الاجتياح الاسرائيلي للضفة الغربية عام 2002.

ونكتفي هنا بتلك النصوص التي هي غيض من فيض، لعلها تجعلنا نشعر بخطورة هذا الكتاب الهدّام على الانسانية جمعاء، ونفهم خطورة القوم الذين يؤمنون به، وكيف ان تعاليمه تؤثر على نفسياتهم وتزرع فيهم بذور الشر. وما سلوكهم العدواني وجرائمهم في غزة وفي فلسطين المحتلة ولبنان وغيرها، إلا نتيجة منطقية للايمان بتعاليم هذا الكتاب.

ولعل كتاب (فضح التلمود.. تعاليم الحاخامين السرية) يشبع نهم من أراد الاستزادة في هذا الشأن، فهو دراسة عالمية قام بها الأب برانايتس العالم الكاثوليكي اللاهوتي القدير في اللغة العبرية، والذي كان عضوا في هيئة تدريس جامعة الروم الكاثوليك للأكاديمية الامبراطورية في مدينة سان بطرسبورغ (ليننغراد) الروسية، وقد كتب دراسته باللغتين العبرية واللاتينية. ولأن التلمود كتاب سري يتداوله اليهود فيما بينهم فقط، فإن غير اليهودي الذي يطلع عليه ويكشفه للعامة تكون عقوبته الموت حسب قوانين التلمود نفسها، ولذلك لقي الأب برانايتس مصيره الذي توقعه وذكره في خاتمة كتابه، حيث تمت تصفيته على أيدي أعدائه اليهود إبان الثورة البلشفية في روسيا عام 1917.

وقد يقول البعض ان اسرائيل دولة علمانية لم تقم على أساس الدين، ولا تولي اهتماما لتلك التعاليم التلمودية ولا تطبقها عمليا. صحيح ان أغلب القوانين في اسرائيل لا تميز بين اليهود وغيرهم نظريا، لكن ينبغي أن نعلم أن الدين هو المسيّر الأول لعقلية الاسرائيليين، وان الحاخامات لهم نفوذ واسع في تلك الدولة ومؤسساتها وخصوصا في أوساط الجيش.

يقول المفكر الاسرائيلي الراحل اسرائيل شاحاك: "يعرف أي شخص يعيش في اسرائيل كم هي عميقة مواقف الكراهية والوحشية هذه تجاه الأغيار كافة، وكم هي منتشرة في وسط أكثرية اليهود الاسرائيليين. وهذه المواقف محجوبة عادة عن العالم الخارجي، ولكننا نجد أن أقلية مهمة من اليهود في اسرائيل وخارجها، أصبحت تدريجا، ومنذ إنشاء دولة اسرائيل، وحرب 1967، وصعود مناحم بيغن الى السلطة، أكثر صراحة حول مثل هذه الأمور. وباتت التعاليم اللاانسانية، التي تعتبر العبودية بموجبها، القسمة والنصيب الطبيعي للأغيار، تُقتبس في اسرائيل في السنوات الأخيرة، حتى على شاشة التلفزيون"(17).

واسرائيل شاحاك هذا مفكر ومؤرخ يهودي اسرائيلي بارز، كان مؤيدا للقضية الفلسطينية ولعلمنة المجتمع الاسرائيلي، بدأ نشاطاته المعادية للصهيونية وللسياسات الاسرائيلية منذ ستينات القرن الماضي، فقد كان شاهدا - كما يقول عن نفسه – على يهودي متعصب لا يسمح باستخدام هاتفه في أحد أيام السبت، لاستدعاء سيارة اسعاف من أجل شخص غير يهودي صودف انهياره في الضاحية التي يسكنها بالقدس. ويقول عن هذه الحادثة: "طلبت اجتماعا مع أعضاء هيئة المحكمة الحاخامية لمدينة القدس، المؤلفة من حاخامات تعينهم دولة اسرائيل. وقد سألت هؤلاء عما إذا كان مثل هذا التصرف يتوافق مع تفسيرهم للديانة اليهودية، فأجابوني بأن هذا اليهودي، موضوع البحث، كان مصيبا في تصرفه، بل تقيا صالحا. ودعموا قولهم هذا بإحالتي الى فقرة في مختصر معتمد للشرائع التلمودية".

ولذلك أصبح شاحاك من المنبوذين في اسرائيل ودفع ثمن انحيازه للحقيقة وصدامه مع الأوساط الدينية التقليدية.

وأختم كلامي بقوله تعالى والذي هو أصدق وصف لهذه الحالة عند اليهود: [فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاَ فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ] البقرة/79.

الهوامش:
1- فضح التلمود، الأب آي. بي. برانايتس، ص 21.
2- المرجع السابق، ص 25.
3، 4- كتاب (اليهودي على حسب التلمود) للدكتور روهلنج والذي ترجمه الدكتور يوسف حنا نصر الله ضمن كتاب سماه (الكنز المرصود في قواعد التلمود) وهو يضم كتابا آخر تحت عنوان (في حادثة قتل الأب توما وخادمه ابراهيم عمار) لشارل لوران.
5- الشخصية الاسرائيلية، الدكتور حسن ظاظا، ص 47.
6- آكوم اسم يطلقه التلمود على غير اليهود ومعناه عبدة النجوم والكواكب.
7، 8- فضح التلمود، ص 91، 92.
9- (اليهودي على حسب التلمود) الكنز المرصود في قواعد التلمود، ص 90، 91.
10- فضح التلمود، ص 137.
11- المرجع السابق، ص 138.
12- السابق، ص 137.
13- السابق، ص 146.
14- السابق، ص 149، 150.
15- الديانة اليهودية وتاريخ اليهود.. وطأة 3000 عام، ص 154.
16- فضح التلمود، ص 148.
17- الديانة اليهودية.. ص 158، 159.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !