شيركو شاهين
sherkoo.shahin@yahoo.com
تتمايز مقاييس النمو الذهني والتطور العقلي بين الناس من خلال اختلاف توجهاتهم العملية ومستوياتهم الفكرية والعلمية، وكذلك هو الحال فيما يخص اسلوب استعراضهم لمشكلة معينة (ذات طابع خاص او
عام) والبحث عن حلول ملائمة لها تختلف من شخص لآخر. ولو القينا من خلال هذه المفهوم نظرة عابرة على مجتمعنا نرى كم هي العقول الفذة والمدركة ومن لها القدرة على التخصص في مجالات معينة ومعالجة اصناف مختلفة من المشكلات الطارئة التي قد تواجهها، لكن الازمة الحقيقية في هذا الشأن تكمن في الفجوة الناشئة بين المعطيات الفكرية التي نما عليها وتمتع بها شخص معين وبين واقعه واختلاف قيمه، بحيث إن كل ما يفكر فيه قد يكون جزءاً منه شبه مستحيل تحقيقه او نجاحه على أرض الواقع.
ومثلا على ذلك ، فكم من عقول ذات اختصاصات اعلامية (ادبية وثقافية) هي اليوم مازالت تقف سجينة لنماذج درستها في الغرب (حيث شتان بين واقعنا وواقعهم) وبالتالي أصبحت غير قادرة على النشاط والتفكير في ضوء الواقع الاعلامي المر الذي نعيشه في بلادنا اليوم. وحتى انه لم يعط لنفسه الحق في التطور والحداثة بما يوافق معطيات الفترة الراهنة لهذا الواقع وصياغته ليتناسب مع ما يحمله تفكيره من نظريات فكانت النتيجة هي ان الحركة الاعلامية لدينا مازالت متعثرة ومبنية في الاساس على نظريات غير قادرة على التكيف مع البنى الثقافية للبلد سواء كانت البنى ثقافية او الاجتماعية أو السياسية. ها نحن اليوم على مشارف عامنا الرابع على مابعد سقوط الدكتاتورية، ومازلنا نسمع حلولا ابعد ماتكون نابعة من قيم الداخل. فمعظم هذه الحلول لم تكن من ثمرات الإبداع الداخلي وإنما مجرد نقل ونسخ لثمرات عقول عاشت في المجتمع الغربي والدليل على ذلك أن الكثير من هذه الحلول لا تزال عالقة وغير صالحة للتطبيق وبعضها الآخر قد يؤدي تطبيقها إلى إفراز تناقضات اجتماعية قد لا نقدرعلى مواجهتها ولا أقصد من ذلك النقد المجرد فقط أو التقليل من أهمية أمور معينة ولكن أقول ذلك لإيماني المطلق بأن أي فكرة لا تكمن قيمتها في طبيعتها وإنما فيما ينتج عنها من آثار عملية تفيدنا في حياتنا .
فالحقيقة تقاس بمدى تناسقها في عقولنا وبمدى تطابقها مع الواقع الخارجي الذي تتوافر فيه الظروف المناسبة على مختلف الأصعدة وأخيرا بالكيفية التي ستتم بها الممارسة العملية وبالتالي مدى النفع الذي سيعود علينا
نشر بتاريخ 3/6/2006
التعليقات (0)