مواضيع اليوم

عقل مؤهل بمثابة خاتم زفاف

محمد سعيد مزوار

2016-07-23 20:58:52

0


يلاحظ الإنسان عدّة أمور تبدوا له أكثر دهاء من غيرها عند وقوعها، فتحرّكه لطمة داخلية روحية لتجعل منه فاعلا عقليا بشكل إلزاميّ وطوعي مرهق، فلم يبق لديه سوى القتال بشكل أنيق مثلما كان يفعل الملوك في زمن مضى، يسعى كل واحد منهم إلى المجد، حيث يصبح الكلّ أمام تحديات تختلف في الشدة والدرجة، لكنها موجودة وتحرّك عالما غريبا للغاية، وبطريقة تبدوا للخارج عن دائرتها غير مألوفة أبدا.

يعلّق الإنسان بربريته بعيدا عن ما هو متفائل من أجله، يحاول وهو الضعيف أن يصبح مبدعا ومبتدعا بشكل لا جدال فيه، حيث تغلي الروح بطريقة تتخذ من معاملات كثيرة قيما تستلزم أن يصبح الإنسان لا إنسانيا.

هذه القضايا الروحية جعلت الفرد أكثر توازنا من ناحية إشراق ما هو بصدد معالجته، فبعيدا عن الفارق البسيط بين الحياة والموت، هناك الكثير ليتلى كتعاليم العظمة، وعبرها ينسج الإنسان حكايات الفكر، جاعلا منها مراهم للروح بلا منازع، فتذوب المراكز والرتب، ويعاد للنفيس من المعادن ما فقده أثناء عمليات التنقيب والتحويل، من عمليات التجميل والتزيين، فلطالما فقدت الفاكهة الجميلة من حيث الحجم والمظهر المذاق الملهم والرائحة العطرة.

سيكون أمام البشر فرصة إعادة تنظيم محتويات أيامهم كل مرّة، وستعيد دواليب الأحداث وضع كل إنسان ضمن ما هو موجود من أجله، ومن يعتقد أن التفكير هو عبارة عن وظيفة تشبه حراسة أبواب الأسياد فهو بعيد عن الواقع، لأنّ التفكير الأبدي يجعلك خالدا بعدما يجعلك سيّدا على نفسك في الحد الأدنى.

لن يكون من السهل الإعتياد على وجود فكرة تحمل آلام المخاض من أجل إكتسابها مظهرها الأخير، لن يكون سهلا أن يؤلّف الفرد منهجه الخاص كتمهيد لبناء أو شقّ نهجه الخاص أيضا، لكنّ علوم الذات تثبت في كل إختبار ميل معظم "الخراف" إلى العيش بطعام "العشب"، ثم الاستسلام لساطور الجزار بعدما تبلغ من الحجم مبلغها المريح.

من لا يؤمن بما يفعل سيفشل حتما، من لا يصبر على ما يقوم به سينهار في أوّل منعرج من طريق حياته، ومن يستقيل من أيّامه بغية أن يلبس أثواب غيره فإنه بالتأكيد سيكون ملتحفا بثوب لا يملكه ولا يظهره جميلا إلا لمن هم من طينته.

ما أصعب أن تؤلّف قطعتك الموسيقية الخاصة بك وبمجهودك الخاص، لكن وبمجرّد نجاحك في تأليفها ستربح مكانة لن يقدر لا الزمن والسفهاء على محوها من الذاكرة، لطالما أحبّت الجماهير الكبيرة الموسيقى لكنّ الملحنين فئة قليلة العدد، وعظيمة العدّة.

صبرا يا فؤادي صبرا، فيوم حفلتك الموسيقية قد اقترب، وعلى أنغامها سيرقص الجميع حقدا وحبا، غيرة وإعجابا، حسدا واحتراما، وعلى كلماتها سيتوب آخر المذنبين في حق نفسه وفي حقي، فأوّل المظالم لا تقع سوى على آخر الشرفاء، وأوّل الجرائم لا تقع سوى على أوّل الأبرياء، وأوّل الكلمات لن يسمعها سوى أوّل وآخر الأميين معا.

لا يمكن أن يتساوى البشر، فبينهم مسافات تصنعها العقول، لكنهم يشتركون في مقامات الحضور أمام الكفاءة والعلم، وهذه العوامل هي التي تصنع الفارق الذي يعمد إلى طمسه الفاشلون كونه الفاضح لفشلهم بصورة جلية تماما، أمور كهذه تبدوا مزعجة لمعظم الرابضين على سطح الكوكب الأزرق، لكن في نفس المقام فإن هناك من يفرّق جيّدا بين ما هو قائم على العلم وما هو قائم على الزيف، وهي حاسة تصنعها المشقة، لتصبح معيارا لما يمكن أخذه في الحسبان، ويا لجلالة الهيبة العظيمة حين يصير الفرد المكافح مَلِكا على ذاته أولا.


mezouarms@yahoo.co.uk






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !