أتمنى لو أمتلك (عقلا أدبيا) ساردا ، حتى أحكي عن الجبال ، والسهول ، والهضاب ، وعن القرى ، والمدن ، والأطفال ، والشيوخ .. عن الرجال ، وعن النساء ؟!..
لكن لماذا لا أتمنى أن أمتلك (عقلا علميا) كعقل النابغة (أنشتاين) ؟.. أو أي عقل عظيم آخر قدّم علما يُضيئ أركان البشرية ؟.. بدل أن أكون (ساردا) و (مُجترّا) ، وحتى (شاردا) ومخطوفا ومذهولا بنصوص غيري من أصحاب العقول الأدبية التي تكتفي بالسّرد ، ولمجرّد السّرد أحيانا ؟!..
الحق أن العقول الأدبية أكثر إستلابا لبقية العقول ، لأن سحرها يعتمد على الإيهام بأشياء ومعاني غامضة ، هلامية ، وأقرب إلى الهذيان منها إلى المنطق ! .. أما العقول العلمية فهي صعبة الفهم لأنها تعتمد على المنطق الرياضي ، وعلى التشفير والترميز ، وعلى معادلات من درجات غير مُصنفة في رياضياتنا وفيزائنا الإقليدية التقليدية !..
في زمننا تحظى كتابات الأدباء بمكانة مرموقة ، وبروّاد كثر على أماكن تواجدها في الكتب وعلى أعمدة الجرائد وفي الصحف الورقية والإلكترونية ، وبمتابعين كثر لإنتاجاتها وعصائر أمخاخها !.. وتحظى بمعجبين (حدّ الهوس) بخزعبلاتها وسردها واجترارها في أكثر الأحيان !..
لذلك أتمنى أن أكون (جيجيكة ابراهيمي) مثلا !.. ، ليس لأن الأستاذة الفاضلة تتذيل ترتيب (الأقلام السّاردة) ، ولا لأنها تمتلك عقلا أدبيا ساردا ومُجترّا فاشلا !.. لا لا .. بل لتتخطفني مدونات إخواني (فارس الأوراس) و (ليلى العامرية) ، ولأكون رمزا (مقدّسا) يُسيلان من أجله الكثير الكثير من الحبر ، ويخصصان له الكثير الكثير من أوقاتهما الثمينة والغالية لكتابته ، وتنقيحه ، ورصه ، وتزيينه ، وإردافه بالكثير الكثير من مشاعر الوله والإعجاب !..
أتمنى أن أكون جيجيكة ، حتى تُذبح من أجلي الكرامة والنخوة وكل خلق عظيم ، وتقدّم كلها على شرفي قرابينا !.. أتمنى أن أكون تلك السيدة رغم أنني لا أعرف عنها شيئا !.. لكن يكفيني أن يكون لطريقتي مريدون ، يدافعون عن مساحاتهم الضيقة ، أيها أليق أن تكون حاضنة لكلماتي المتواضعة ؟!..
نعم متواضعة جدا تلك الكتابات التي رأيت إخواني يتنازعون على (حضانتها) على مدوناتهم !.. بل إنهم وإن لم يكونوا في مستواها ، فلهم من الإمكانات ما يجعلهم قريبين جدا من مستواها !.. وحتى وإن كانوا بعيدين جدا عن مستواها ، فهم قادرون على الوصول إلى مستواها وأيضا تخطيه !..
أرأيتم ماذا أخبرتكم عن السّرد والإجترار ؟!..
(الأستاذة جيجيكة) كما يطلق عليها معجبوها ، لا تستحق كل ذلك الإعجاب حتى بشخصيتها ـ بحسب رأيي الشخصي ـ وليس بكتاباتها فحسب !.. لأنها لو كانت تحترم قرّاءها أو (تعزهم) فعلا ، لأنشأت من أجلهم مدونة خاصة ومستقلة ، لتدرج فيها كتاباتها وتتواصل معهم بشكل مباشر ، كما هو حال الكثير من الصحفيين والكتاب والمفكرين المحترمين المتواجدين بإيلاف وغيرها من منصات التدوين ؟!..
أم إن متابعوها لايستحقون كل ذلك (الكرم الزائد) ، في إنشاء مدونة في (خمس) دقائق على أكثر تقدير ؟!.. أكثير عليهم وقتها الثمين في تدوين ما تجود به قريحتها ، وهم يقضون الكثير الكثير من الوقت في البحث والتنقيب عن (قرابينها الغالية والمقدّسة) ، وفي الكتابة بالنيابة عنها ، وفي تسخير أفكارهم للدفاع عن أفكارها ، فيما لو تعرضت حتى للنقد البنّاء ؟!.. وفي الدفاع عن (حقوق النشر) الرمزية وعن (حصرية) الإدراج ؟!..
لاأرى أن أختي الفاضلة العامرية أقل شأنا ، وإمكانات ، وأقل رهافة ، وإحساسا ، وموهبة من أستاذتها !.. ولا أقل قدرة منها على تقديم تحفا وروائع أدبية نثرا كانت أم شعرا !..
أما أخي فارس الأوراس فهو أكبر من منازعة أخته الصغرى على (لعبها) ، لأن شهامة الأوراسيين معروفة منذ غابر الأزمان ، وارتفاع هممهم يناطح السحاب !.. وذكاؤهم أكثر إتقادا من الجمر المنصهر في كتابات أخي فارس !.. وما عرفت أخي وما عرفه جميع قرّائه إلا بالمقالات الضاربة في صميم قضايا الأمة .. وابل من رصاص الحق والنخوة ينهال على الظلم والفساد والإضطهاد !..
أعتقد أن القول بأن (رُقي المدونة) ، لايكون إلا بتقمص عقول الآخرين ، حتى الأرقى والأكثر نبلا وحكمة من عقل جيجيكة .. هو قول إنهزامي ، وانتكاسة لعصامية الفكر والمبدأ والتوجه !..
عدلت عن أمنيتي بعقل أدبي حتى ولو كان في مستوى اللؤلؤة الرائعة (أحلام مستغانمي) ، ودررها من مثال :
كيف أنت ؟
صيغة كاذبة لسؤال آخر. وعلينا في هذه الحالات ، أن لا نخطئ في إعرابها .
فالمبتدأ هنا ، ليس الذي نتوقعه . إنه ضمير مستتر للتحدي ، تقديره " كيف أنت من دوني أنا ؟ "
أما الخبر.. فكل مذاهب الحب تتفق عليه .
من الأسهل علينا تقبل موت من نحب . على تقبل فكرة فقدانه ، واكتشاف أن بإمكانه مواصلة الحياة بكل تفاصيلها دوننا.
ذلك أن في الموت تساويا في الفقدان ، نجد فيه عزاءنا .
أتمنى أن يبقى عقلي هو عقلي أنا ، بدون تصنيف ، لا في خانة العقول العلمية ، ولا في خانة العقول الأدبية !.. عقلي الحر !..
رائعة يا أحلام كعادتك .. لكنني لن أتقمص عقلك ولن أرتقي بإسمك ، لأنني أملك عقلا أيضا ، وحتى ولو لم يكن أدبيا خالصا وراقيا بمستوى عقلك ، لكنها ليست مسألة ندّية !.. سأعتصر عقلي ما أستطيع ، وسأكون قانعا بما يجود به على قرّائي الأعزاء وعلى نفسي من نقل لقضايا أمتي العربية والإسلامية !.. وسأكمل رحلتي بعصامية حتى النهاية بعون الله ومشيئته .
07 . 06 . 2011
التعليقات (0)