عندما اقتحمت إيلاف فضاء الإعلام الإلكتروني قبل عشر سنوات، لم يكن أحد يدرك قيمة هذا السبق الذي حققته هذه المؤسسة في وقت كانت فيه ثقافة الإنترنت ترفا حياتيا في هذه المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج. أما اليوم فقد أصبحت " إيلاف" أشهر من نار على علم. و هي في عقدها الأول تتربع بجدارة على هرم الإعلام الإلكتروني الناطق باللغة العربية.
مع الفتوحات التكنولوجية المذهلة التي حققها الإنسان، أصبح العالم " قرية صغيرة ". و بات بالإمكان التوصل إلى المعلومة بكل سهولة و يسر. و في زحمة الوسائط الإعلامية التي تقدم الخدمات الإخبارية من كل حدب و صوب، يجد الإنسان نفسه حائرا في الإختيار، و تزداد هذه الحيرة عندما يكون إزاء حدث أو موضوع تتضارب فيه الآراء، وتختلف بشأنه التحليلات و القراءات. هنا ينتقل الأمر من ظاهر الخبر و منطوقه إلى ما وراء هذا الخبر. و هو ما يفتح المجال أمام الحديث عن المصداقية و الموضوعية و احترام الرأي و الرأي الآخر. و تلك عناوين تحاول مختلف وسائل الإعلام أن تظهر بمظهر المدافع عنها. لكن قلة قليلة منها هي التي تنجح في هذا الرهان. لذلك أصبحت القاعدة الأولى للاستقطاب الجماهيري تقوم على مزيج من الإثارة و السبق الصحفي و الجرأة في تناول الأحداث و قراءتها. و قبل ذلك و بعده أيضا، تقوم على الرأي و الرأي الآخر.
أزعم أن إيلاف استطاعت في عشريتها الأولى أن تجمع كثيرا من هذه الحسنات، على الاقل بمعايير البيئة التي تخاطبها. فعندما و لدت " إيلاف"، كان المتلقي في المنطقة " العربية " مشدودا إلى التلفزيون لإشباع نهمه المعرفي. و حينها كانت قناة " الجزيرة" سيدة الإعلام بلا منازع. لكن هذه الجريدة الإلكترونية الأولى من نوعها في المنطقة أوجدت لنفسها حضورا متميزا في الساحة. و مع انتشار موجة" النت" كان هذا الحضور يزداد تألقا و وهجا. و تمكنت في ظرف وجيز من خلق نقاش حاد في الأوساط الثقافية حول مستقبل الجرائد الورقية التي تراجعت بشكل كبير أمام زحف لغة " إيلاف" و أخواتها أو " ربيباتها".... غير أن لغة إيلاف كانت متميزة دائما، و كانت جرأتها تتجاوز سقف الحريات العربية إلى حد بعيد. لذلك واجهت جملة من المتاعب على أكثر من واجهة، وتعرضت للحجب و المنع في أكثر من دولة عربية و غير عربية أيضا. و استطاعت هذه الجريدة الإلكترونية أن تكسر كثيرا من الطابوهات، وتناولت في تحقيقاتها و استفتاءاتها مواضيع مختلفة كانت حتى عهد قريب مصنفة في خانة الممنوع. كما استقطبت عددا من الأقلام اللامعة في العالم العربي من توجهات مختلفة و إيديولوجيات متناقضة. و هو ما مكنها من رفع أرصدتها لدى القراء، حيث باتت من أكثر المواقع التي تحظى بالإقبال و المتابعة.
هذا التألق الإيلافي اتسع بشكل كبير عندما قررت إدارة الموقع منح الكلمة لقرائها عبر " مدونات إيلاف" التي يحق لي الفخر بالإنتماء إليها مع ثلة من المدونين المتميزين الذين يملأون صفحاتها إبداعا يضاهي ما يكتبه أشهر الصحافيين و المتخصصين. و لا يختلف إثنان في الدور الكبير الذي يؤديه هذا الفضاء التدويني الحر و المفتوح في تنوير الناس و تبادل الآراء و الأفكار، خصوصا في ظل الاهتمام الشديد بقضايا الساعة، وفي ظل موسم الثورات العربية التي كان للإعلام الإلكتروني دور بارز في نسج تفاصيلها. و كان رهان الإدارة على المدونات ناجحا جدا بالنظر إلى الإقبال المتزايد عليها من طرف القراء كل يوم. و هكذا أصبح زوار المدونات يتجاوزون باستمرار 200 ألف زائر، يجتمعون في وقت واحد للكتابة أو القراءة أو التعليق.... و في الذكرى العاشرة لإيلاف، نهنئ الإدارة و العاملين بهذه المؤسسة الإعلامية و كل القراء المواظبين على تصفح الموقع. و نرجو أن يكون هذا العيد مناسبة لمزيد من التألق و العطاء. محمد مغوتي.21/05/2011.
التعليقات (0)