مواضيع اليوم

عقدة الزعامة في مطالبة مسؤول مصري سحب لجنة القدس من المغرب

شريف هزاع

2010-05-09 21:06:43

0


ترأس العاهل المغربي محمد السادس مؤخرا، بفاس مراسيم تقديم حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس لسنتي 2009 و2010. وتتابع عرضا وشريطا يلخصان مضمون المشاريع التي أنجزتها الوكالة برسم 2009 بغلاف مالي بلغ 7،5 مليون دولار وتلك المبرمجة لسنة 2010 بمبلغ 12 مليون دولار، ويساهم المغرب في هذه المشاريع بنسبة 56 في المائة.
وأكد المدير العام لوكالة بيت مال القدس عبد الكبير العلوي المدغري أمام الملك محمد السادس، أن أهل القدس يقدرون ويثمنون عاليا وقفة جلالة الملك العظيمة إلى جانبهم. وقال "إننا يا مولاي لنغتنم هذه المناسبة لننقل إلى جلالتكم دعاء أهل القدس رجالا ونساء وأطفالا لجلالتكم، وتقديرهم لجهودكم، وتثمينهم لهذه الوقفة العظيمة التي تقفونها إلى جانبهم، وامتنانهم للشعب المغربي وجميع الدول والشعوب الإسلامية التي تسهم في تمويل هذه الأعمال والمشاريع".
وأضاف المدغري أمام الملك بأن "قادة الأمة أكدوا الإجماع على شخص جلالة الملك، بما قدمه جلالته من جهود وتضحيات كبيرة وبدفاعه المستميت على الهوية العربية الإسلامية للقدس الشريف، سواء لدى قادة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية أو قداسة بابا الفاتيكان، أو بتجنيد جلالته للدبلوماسية المغربية في جميع المحافل الدولية ومواقفه الثابتة القوية في القمم العربية والإسلامية".
وقال إن الوكالة أصبحت تتوفر على مكتب لمتابعة العمل داخل القدس بالإضافة إلى مكتبها في رام الله وهيئة استشارية لها مكونة من نخبة من الشخصيات المقدسية يرأسها محافظ القدس. كما صارت لها شبكة نسائية من الجمعيات النسوية النشيطة في القدس وتعاون كامل مع إدارة الأوقاف الإسلامية بها ومع السلطة الوطنية الفلسطينية، مشيدا بدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس لكل ما يصدر عن جلالة الملك من مبادرات في خدمة القدس وأهلها الصامدين.
وبخصوص حصيلة عملة وكالة بيت المال القدس، أشار عبد الكبير العلوي المدغري إلى أن ميزانية 2010 على سبيل المثال بلغت 12 مليون دولار وميزانية سنة 2009 بلغت 7،5 مليون دولار، مبرزا أن الوكالة خصصت لقطاع التعليم ما يزيد على 6 ملايين دولار لإنجاز مشاريع لدعم بنيته التحتية، إذ قامت باقتناء أرض عليها بنايتان في منطقة رأس العمود والأعمال جارية الآن لتأهيل البنايتين لتصبحا جاهزتين في بداية الموسم الدراسي المقبل كمدرسة وروض للأطفال. كما بنت الوكالة "مدرسة المسيرة الثانوية" للبنات في مخيم شعفاط، وتم تجهيزها.
وأضاف أن الوكالة اقتنت بناية في حي باب حطة، وأوقفتها لمنفعة مديرية التربية والتعليم تحت اسم "مدرسة النهضة ج"، كما بنت طابقا إضافيا في الكلية الإبراهيمية، وطابقا إضافيا بمدرسة مركز الطفل العربي.
وأنهت الوكالة أيضا مرحلة التصاميم والترخيص لبناء مدرسة دار الأيتام في وادي الجوز، وكذا المرحلة الأولى من برنامج المدارس الجميلة، وهو برنامج يهدف إلى إصلاح وتأهيل وتجهيز مدارس القدس، مذكرا بأن العمل بخمس مدارس قد انتهى وشرع في المرحلة الثانية التي تشمل هذه السنة أربع مدارس، كما تم تجهيز عدد من المدارس بالحاسوب وبالتجهيزات المدرسية.
وقال أن الوكالة توزع، 2000 حقيبة مدرسية بأدواتها على التلاميذ المحتاجين في مطلع كل موسم دراسي، كما تخصص 56 منحة جامعية كاملة للطلبة المقدسيين سواء في جامعة القدس أو في الجامعات المغربية.
وذكر بأن الوكالة تباشر في الوقت الحاضر شراء خمس عقارات مهمة داخل القدس الشريف لدعم قطاع التربية والتعليم، على أن تشكل هذه العقارات نواة لإحياء أوقاف المغاربة في القدس الشريف.
وأضاف أنه بتوجيهات سامية من جلالة الملك وبتمويل من ماله الخاص، تشرف الوكالة على إعادة بناء كلية محمد السادس للعلوم الزراعية والبيئية بجامعة الأزهر في غزة بمبلغ 5 ملايين دولار، حيث تم استكمال الدراسات الأولية والتصاميم، ووضع دفتر التحملات وأن الوكالة تنتظر فقط ترخيص السلطات الإسرائيلية بإدخال مواد البناء للشروع في إنجاز المشروع.
وفي الميدان الثقافي، قامت الوكالة بإتمام شراء عقار أثري قريب من المسجد الأقصى بخمسة ملايين دولار، والأعمال جارية الآن لترميمه وتأهيله ليصبح مركزا ثقافيا يحمل اسم (بيت المغرب) بما لا يقل عن مليوني دولار.
وأضاف أن الوكالة تقوم في هذا الإطار بتوزيع 20 ألف رغيف في اليوم داخل القدس الشريف، وتوزيع الطرود الغذائية في شهر رمضان، كما قامت، في شهر رمضان، ولأول مرة بتوزيع الهبة الملكية السامية التي تفضل بها جلالة الملك على سدنة المسجد الأقصى وأئمته وخدامه.
وتعزيزا للبرامج المسطرة وتقوية المنجزات لصالح ساكنة القدس الشرقية، قدم الملك محمد السادس، للمدير العام لوكالة بيت مال القدس الشريف شيكا بقيمة خمسين مليون درهم كمساهمة إضافية للمغرب، لدعم قدرات المقدسيين الذين يعانون من السياسة الإسرائيلية الشرسة التي تمس بالمقدسات والمعالم الدينية والثقافية والأثرية وخاصة منها المسجد الأقصى المبارك، كمواصلة أعمال الحفر والتنقيب وبناء الأنفاق فضلا عن التوسع المتزايد للاستيطان غير الشرعي زيادة على هدم منازل المقدسيين.
وقال الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين إن "الدعم الإسلامي والعربي الوحيد المادي على أرض الواقع في القدس هو من وكالة بيت مال القدس الشريف بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس".
وأضاف، أن جلالة الملك محمد السادس، فضلا عن الدعم السياسي المعروف، تبرع قبل عام من ماله الخاص بإعادة بناء كلية الزراعة التي هدمت أثناء اجتياع قطاع غزة بمبلغ خمسة ملايين دولار
وأكد أن كل أهالي القدس يقدرون عاليا ويثمنون هذه الجهود التي ما فتئ يبذلها جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، وكذلك ما تقوم به وكالة بيت مال القدس بتوجيهات من جلالته في دعم العائلات الفقيرة خاصة ، معتبرا هذا الدعم المادي الملموس بمثابة "إسعاف للمقدسيين على الأرض".
وأشار إلى أن وكالة بيت مال القدس تقوم بأنشطة ترميم البيوت المهدمة والآيلة للسقوط، وتقدم مساعدات للمستشفيات والمراكز العلاجية، كما أنشأت مركزا علاجيا داخل المسجد الأقصى لإسعاف الذين يتعرضون للإصابات نتيجة المواجهات مع جيش الاحتلال.
عدد من المهتمين أكدوا أن تقديم حصيلة بيت المال القدس في هذا الوقت لا يخلوا مما فرضته تداعيات تصريحات مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر التي حمّل فيها المغرب مسئولية محاولات تهويد القدس، وعاد ليجدد هذا الادعاء مرة أخرى.
وهو ما أثار حينها ويثير حفيظة المغاربة على المستوى الرسمي والشعبي، وعبرت حينها وزارة الشئون الخارجية والتعاون المغربي عن استنكارها لهذه التصريحات. كما وجهت السفارة المغربية بالقاهرة بيانا إلى المجلس الأعلى للآثار المصري موضحة أن المغرب ليس مسؤولا عن المحاولات الصهيونية لتهويد القدس، وأن مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قد جانبه الصواب حينما حمل المغرب وحده هذه المسئولية على حد قولهم.
وكان مختار الكسباني مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر قد علّق في وقت سابق على قرار نتانياهو بضم الحرم الإبراهيمي للتراث الإسرائيلي بالقول إن "تراخى المغرب سبب ضياع آثار فلسطين"، وطالب بوضع ملف القدس في أيدي دولة إسلامية قوية ذات علاقات دولية متينة مثل تركيا، وأضاف في تصريحات صحفية أخرى أن قرار نتنياهو ضم الحرم الإبراهيمي، جاء نتيجة وضع الدول العربية "ملف القدس" في أيدي "المغرب" الذي يعاني من ضعف خارجي و داخلي على حد تعبيره.
وكادت هذه التصريحات أن تثير أزمة دبلوماسية بين المغرب ومصر، حيث سارع المدير العام لوكالة بيت مال القدس عبد الكبير العلوي المدغري إلى القول بأن تصريحات الكسباني ليست سوى "كلام فارغ" و"صوت نشاز" وأنه "لا يعرف شيئا" عن المجهود الدبلوماسي للمغرب.
وسارعت مصر لمحاصرة تدعيات "الكسباني" بأن قالت على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية حسام زكي "أن التصريحات الإعلامية الصادرة عن أحد العاملين بالمجلس الأعلى للآثار بشأن موضوع القدس لا تعبر عن وجهة نظر مصر بأي شكل". موضحا أن مصر "تعتز برئاسة المغرب الشقيق" للجنة القدس التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وبـ"الإسهامات المغربية العديدة" في شأن القدس سياسيا وماديا وأدبيا.
وأعلن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار زاهي حواس في بيان له أمس الثلاثاء أن تصريحات مختار الكسباني أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة بسحب ملف القدس من المغرب وتسليمه لدولة إسلامية أخرى لا تمثل المجلس الأعلى للآثار، ولا تعبر عن المجلس الأعلى للآثار بأي شكل من الأشكال، وإنما تعبر عن وجهة نظره الشخصية كأستاذ للآثار الإسلامية بجامعة القاهرة وليس باعتباره مستشاراً بالمجلس الأعلى للآثار".
واعتبر بعض المراقبين أن الزوبعة التي أثيرت أخيرا حول مسؤولية تهويد الآثار الإسلامية في القدس، إنما تكشف عن صراع خفي عربي-مغاربي في الكواليس حول ترؤس واحتضان مقرات منظمات وهيئات إقليمية. وأن بروزها على السطح إنما هو يرتبط بتداعيات مطلب دول مغاربية بتداول الأمانة العامة للجامعة العربية على باقي الدول، حتى لا تبقى حكرا على دولة المقر مصر.
وتوقف مهتمون بالدبلوماسية العربية أن إعلان مثل هذا الموقف جاء مباشرة بعد قمة سرت الليبية التي كشف فيها عن مطلب مغاربي عربي لتدويل منصب الأمين العام للجامعة العربية خلال الولاية القادمة، حيث لا تزال تداعيات هذا النقاش ملتهبة في كواليس الدول العربية بعد إعلان عمرو موسى عدم الترشح مرة أخرى لمنصب الأمانة العامة.
وسجل عدد من المتتبعين المغاربة أن مصر موغلة بعقدة السعي الدائم إلى الزعامة، حتى إنها لم تقدم شيئا للفلسطينيين سوى رغبتها في قيادتهم وقيادة العالم العربي والإسلامي.
واستنكروا تصريحات الكسباني، الذي لم ينتبه إلى حذبة بلاده التي تفتح سفارة لإسرائيل في قلب عاصمتها، وليس المغرب، وأن بلاده تصر على مواصلة بناء جدار فولاذي على حدودها لسجن مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة، كما أن سلطات بلاده متهمة اليوم بقتل أربعة فلسطينيين اختناقا بالغاز السام في أنفاق غزة.
وأضافوا أن الكسباني لهذه الحذبات يجب أن يكون أخر من يتكلم عن ضياع القدس وتهويدها، لأن بلاده بصمتها وتواطئها تبارك سياسة إسرائيل الرامية إلى محاصرة الفلسطينيين وتجويعهم والمساهمة في مخطط لقتلهم ببطء.
ويرى المغاربة جميعا أن تضحيات المغرب كثيرة بالنسبة للقضية الفلسطيني حتى أنها تكاد تقارب إيمانهم بمغربية الصحراء. وأن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، قام ويقوم بجهود مهمة جدا؛ لدعم القدس، واتخذ من خلال وكالة بيت مال القدس مبادرات لمساعدة المقدسيين وبناء مدارس وترميم آثار إسلامية بالقدس، لكنها تجد عرقلة إسرائيلية مستمرة على الأرض.
وأكد عدد من المسؤولين أن رئاسة المغرب للجنة القدس تأتي منسجمة مع المواقف العربية والإسلامية على مستوى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
واعتبروا أن تصريحات المسؤول المصري غير مؤسسة وغير معقولة، إن الجميع في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي يتحملون مسؤولية المحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس.
وذهب مراقبون دوليون أن التصريحات المصرية أعادت النقاش حول مستوى المواقف العربية والإسلامية حيال الاعتداءات الإسرائيلية داخل فلسطين، إذ لا تتعدى هذه المواقف اللفظ، وفي "أفضل" الحالات تبرعات مالية لفائدة أنشطة رمزية لـ"دعم صمود المقدسيين" وإنشاء مدارس.
ومعلوم أن تصريحات لجنة القدس صرحت من وجهة نظر "الكسباني" تسارعُ وتيرة الإجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس وتنويع الإجراءات الهادفة إلى ذلك، ومن آخرها إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلية في شباط الماضي قرار ضم الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في الضفة الغربية، وكذلك اعتزام بناء كنيس جديد ومدرسة في حي جيلو بالقدس الشرقية المحتلة على أراض صودرت من فلسطينيين. وتضع إسرائيل لتهويد القدس سياسات ممنهجة وتغطيها بجهد دبلوماسي وترصد لها الميزانيات.
وتواجه مدينة القدس منذ استيلاء إسرائيل عليها 1967، أكبر عملية تزوير لطابعها الإسلامي والعربي أو ما تسمى بعمليات "تهويد القدس"، تشمل أسوار البلدة القديمة وأبوابها والمحيط الملاصق للبلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، والأحياء المقدسية داخل الأسوار، والتي كانت إحدى حلقاتها مؤخرا إعلان ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح لقائمة التراث اليهودي، وعزم إسرائيل إقامة متحف على منطقة المقابر الإسلامية بالقدس المحتلة، متحدية القانون الدولي الذي يجرم ذلك.
إضافة لإقامة مشاريع سياحية إسرائيلية تتناقض مع الطابع الديني الإسلامي في القدس، والتركيز على منطقة حائط البراق على أنها "حائط المبكى" المقدس في المعتقدات التلمودية لاختطاف المدينة المقدسة.
والأهم هو الحفريات تحت أساسات "الأقصى" تمهيدا لانهياره وبناء الهيكل المزعوم مكانه بالتزامن مع بث أدبيات وأيدولوجيات توراتيه تحرض على هدم الأقصى، في وقت يتسابق فيه نحو 25 تنظيماً إرهابياً يهودياً على اقتراف الانتهاكات والجرائم ضد القدس ومقدساتها وأهلها.
ويهدف الكيان العبري من هدم المنازل الفلسطينية إلي إيجاد التواصل مع المستوطنات المحيطة والتي تتزايد يوميا، وعزل وتفريغ المدينة من الفلسطينيين، ومنعهم من الوصول إلى المسجد الأقصى ليتسنى بعد ذلك هدمه، وقد صاحب هذا العمل تحرشات وانتهاكات من جماعات يهودية متطرفة قامت بدعوات لاقتحام المسجد.
يشار إلى أن لجنة القدس تأسست عام 1975 بناء على توصية من منظمة المؤتمر الإسلامي وأسندت رئاستها حينها إلى ملك المغرب الراحل الحسن الثاني. وتتكون اللجنة من ممثلي تسع دول أعضاء في المنظمة وتسعى للحفاظ على الهوية العربية والطابع الإسلامي لمدينة القدس.

عبـد الفتـاح الفاتحـي
كاتـب ومحـلل صحفـي
Elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات