المراقب لحركة الشباب والمثقفين العراقيين يلاحظ كثرة العقبات التي تواجه حركة التغيير في العراق. ولابد من محاولة لحصر او فهم لتلك العقبات. على الاقل من باب اظهار الاسباب ووضع اليد على موضع الداء
تسألت وانا على يقين ان الكثيرين منكم قد تسال عن اسباب انحسار مظاهرات ساحة التحرير. وقد يكون البعض ممن سيقراء هذه الفكره المتواضعه يؤيد من ذهب الى عدم جدوى التظاهر في العراق . وكلماتي هنا لا تهدف ابتداء ً الى التقليل من شأن التظاهر ولا من التقليل من جهد اللذين اختاروا الشارع ساحة لفرض التغيير. كما انني لن اشكك ولم اشكك في نوايا كل اللذين ذهبوا الى خيار التظاهر السلمي . فهذا الخيار في النهاية خيار حضاري لايقوى عليه الكثيرون . وهو خيار القوي الشجاع المتمكن والمومن بعدالة قضيته.
لن اطيل في سرد الاسباب التي سيقت تأييدا للقائلين بعدم جدوى التظاهر. فالخروج الى الشارع هو قرار واختيار جماهيري. شأنه شأن اي اختيار، له من المعارضين ومن المؤيدين. ولايمكن لتظاهرات العراق ان تشذ عن تلك القاعده. كما ان اكثر المتفائلين ممن اختار هذا الطريق لم يكن ليفكر يوما ان مظاهرات التغير التي نادى اليها الكثيرون ستسقط حكومة المالكي او قد تحدث تغييرا جذريا يقفز بالعراق الى المراتب العليا بين ليلة وضحاها
الا ان ماحدث يعتبر خطوه مهمه تحسب للعراق شعبا وحتى نظاما. واقصد بالنظام هنا بالدوله العراقيه وبمشروع الديمقراطيه الذي ينقصه النضوج والقياده التي تسعى الى تقييده اكثر من تنفيذه . هذا المشروع الذي يفتقر الى كل مقومات الحياة فلا جيش بمعنى الجيش لحمايته كضمان لمستقبل الدوله والشعب ولاقائمين على مؤسسات امنيه او جهات تنفيذيه تضمن ادامة هذا المشروع. ان الديمقراطيه في العراق في خطر حالها كحال الثروه العراقيه. حالها كحال الجيش العراقي كمؤسسه وطنيه حالها كحال البنى التحتيه والامثله كثيره.
كما ان العقبه الاخرى في وجه نداء التغيير والنزول الى الشارع العراقي هو الشارع ذاته الذي تعسكر حول محاور الطائفية والقوميه والمذهبيه. وهو ذات الشارع الذي جاء بكل من نزل العراقييون منادين باسقاطهم بعد سنه تقريبا من انتخابهم ووضعهم بادينا في مجلس النواب ومقاعد الوزارات والمؤسسات الاستراتيجيه.
فالقائل بأن العراق حاله مختلفه عن مصر وتونس والبحرين واليمن لم يخطئ في طرحه. والقائل بان الحكومه العراقيه الحاليه هي حكومه منتخبه لم يخطئ. فهو يدرك ان الاحزاب العراقيه تعي جيدا قواعد اللعبه في العراق وتدرك ان الوصول الى البرلمان لايتم اليوم عن طريق طرح برنامج او الوعد بتحقيق نقله اقتصاديه او توفير المزيد من فرص العمل او زيادة الضمان الاجتماعي. كما يحدث في الديمقراطيات النموذجيه.
لذلك نجد ان تخوين الاخر. وزعزعة الثقه بالاخرين هي العامل المشترك بين الاحزاب العراقيه الرئيسيه. لا بل يذهب البعض الى ابعد من ذلك. فلا يفتاء ان يذكر اتباعه بالمظلوميات وتهديدهم ان الاخر البعثي او الارهابي او القومي هو من يتربص بهم ان اخطاؤا الاختيار. هنا نجد محور القومي في الحالة الكورديه والتركمانيه والاشوريه هو من يستقطب الناخب الكوردي والتركماني والاشوري كلا الى محوره القومي. وكذلك وهذا هو الاخطر . يتجه اصحاب المذهب والطائفه الى من قد يمثل مصالح الطائفه على اكمل وجه. مما افرز واقعا مريضا يحفل بانعدام الصقة بين مكونات العراق الرئيسيه
العقبة الاخرى وهي ليست بالهينه. هي انجراف الكثير من الطبقه المثقفه مع التيارات القوميه او المذهبيه. وخير دليل على ذلك هو التمثيل المتواضع التي تحضى به الاحزاب الوطنيه. وهذا لعمري من اهم المخاطر التي تحيط بمشروع التغيير. فالوعي مستأمن بيد الطبقه المثقفه على اقل تقدير وعندما ينحسر الوعي الثقافي لخدمة الاجندات الضيقه ومع رغبه عارمه مكتسحة للشارع العراقي في الانحياز للتكوين الاصغر على حساب التكوين الاكبر وهو العراق. يقف المثقف العراقي منفردا يواجه الة اعلاميه وجيوشا من المسلحين. والسنة مسلطة في البرلمان ورجال دين مسيسين في دور العباده يقف المثقف لوحده بوجه كل هذه العقبات دون ان يعي حقيقة حجم العقبات التي تقف امامه
ان من اولى الخطوات التي يجب ان نتخذها هي عمليه فرز واحصاء لتلك العقبات ووضعها في مكانها الصحيح ومن ثم تطوير ادواة واستراتيجيات تحدد الاهداف بوضوح وتؤكد على الادوات التي ستساعد في تنفيذ عمل تلك الادوات لتحقيق تلك الاهداف. وهنا يجب ان لاننسى ان ذلك ليس بالمهمه السهله.
وللحديث بقيه
التعليقات (0)