لم يبقى طعم الفرح بأشد الانتخابات نزاهة وشفافية في فم المصريين كثيراً ..
إذ عقب ظهور ملامح انحصار المنافسة في جولة الإعادة بين مرشح الأخوان ومنافسه المرشح المستقل حتى أشهرت كافة الأسلحة القذرة في حرب غير شريفة استخدمت فيها كل وسائل التشويه والتدليس والتحالفات المثيرة للسخرية والاستهزاء والقائمة على الشخصنة والفئوية والمصالح الذاتية ..
كل ذلك فوق جثة الوطن وضد مصلحة البلاد في أسوأ مشاهد ما بعد الثورة المتعثرة تحت أقدام الغلمان ..
جماعة الأخوان المسلمون حشدت كل طاقتها وسخرت كل ما في وسعها بالحق حيناً ، وبالتدليس أحيانا كثيرة لتشويه صورة وسيرة منافسها الفريق أحمد شفيق وتحميله أوزاراً وخطايا ، وإلصاق اتهامات وجرائم به هي أول من يعلم بعدم صحتها ومصداقيتها مستغلة أن حسني مبارك حينما اندلعت الثورة على نظامه عين " الفريق أحمد شفيق" كرئيس للوزارة لمحاولة امتصاص غضب الشعب ولتحسين صورته .. و قد قبل شفيق مهمة انتحارية "جبن" أعتى أدعياء البطولة عن قبولها إيثاراً بنفسه لمناصب "يقنصها" بعد أن تهدأ العاصفة .. أحمد شفيق لم يمكث برئاسة الحكومة ثلاثة أسابيع ولم يمنحه أحد من "الأدعياء الثورجية" أية فرصة للقيام بواجباته وسط الحر الهائج المتلاطم الذي مرت به مصر .. احترم الرجل نفسه وابتعد مفسحاً الطريق لغيره .. فحمل الثورجية "عصام شرف" على أكتافهم ونصبوه رئيساً للوزراء من ميدان التحرير ثم سرعان ما انقلبوا على عصام شرف وصبوا جام سخطهم عليه فتم تكليف الدكتور الجنزوري بتشكيل الحكومة لحين استلام رئيس مصر المنتخب الحكم في يونيو القادم .. أحمد شفيق ومنذ إعلانه الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية فقد تم توجيه حملات تشويه مكثفة وشنيعة ضده ليس أولها إلصاق "وصف الفلول" به .. وأنه تابع ووكيل حصري و"إمعة" لمبارك.. وأنه المسئول عن الإفتكاسة المسماة "بموقعة الجمل".. وأنه "المجرم" المسئول عن تهريب أموال كبار الفلول من المطار إلى الخارج .. وأنه "القاتل" المسئول عن دماء المتظاهرين الذين قضوا في الثورة وغيره وغيره من سيل الاتهامات والجرائم التي "شربها" شفيق في 18 يوماً هي عمر وجوده في رئاسة وزارة مصر إبان بركان الثورة الفائر ..
بمجرد إعلان "شفيق" مرشحاً ضمن المرشحين للرئاسة واستيفائه كافة شروط الترشيح كغيره قام الأخوان والسلفيون وبدعم الأدعياء من "الثورجية" بتسخير بيت الشعب ومقدراته لسلق وطبخ وإصدار قانون مشبوه وعنصري لإقصاء كل من يشكل خطراً تنافسياً على مرشحيهم بالانتخابات .. كمثل محاولة سلق وطبخ قانون ضرب وتفكيك المحكمة الدستورية العليا لتجنب صدور حكم منها يترتب عليه حل البرلمان ..
كافة الحملات المحمومة وغير اللائقة التي قام بها الأخوان المسلمون ومن سلك مسلكهم لتشويه صورة "أحمد شفيق" وآخرها " إفتكاسة " النائب عصام سلطان واتهامه شفيق بالباطل ، وكذا تحريض الغوغاء ليندسوا بمؤتمر انتخابي لشفيق ويقذفوا عليه بعض الأحذية .. ثم ترويج تلك الواقعة المؤسفة على الفضائيات، وإظهار المندسين على أنهم أهل "الشهداء والثوار" انتقاماً من شفيق لدماء "شهدائهم" ..
كل هذا وغيره هو ما أنتج طوفاناً من تعاطف الملايين من الشعب المصري على اختلاف مشاربهم وأهوائهم ونزعاتهم وثقافاتهم مع "أحمد شفيق" وليتناسوا أنه رجل محسوب على العهد القديم ، وهم من أعطوه أصواتهم"نكاية أو خوفاً من جماعة الأخوان" دون أن تعرفه أو تراه أغلبيتهم الكاسحة أو يربطها به ثمة رباط كمثل ما يربط بين جماعة الأخوان ومرشحها مرسي ..
اللعب بالشعار الديني وتوظيف الدين لصالح المنفعة الخاصة بجماعة أو بتيار توصلاً لمنصب أو سلطة أو جاه هو أبشع جريمة يرتكبها الإنسان في حق دينه أولاً وفي حق نفسه ثانياً ..
والأسوأ من كل ذلك المزج بين توظيف الدين واستخدام الأدوات غير الشريفة من ألوان الدعاية والهجوم وإلقاء التهم الجزافية واستغلال ظروف معينة "وضع "فيها الخصم المنافس لتشويه صورته .. كل ذلك ينتهي إلى نتيجة عكسية تماماً على غير ما يأمل المتاجرون بالدين ..
ربما نعذر سليمي النية والبسطاء إذا صدقوا دعاوى المغرضين بأن نجاح "أحمد شفيق" هو بمثابة ردة على الثورة وإعادة انتاج نظام مبارك وأن المعتقلات قد تم فتحها وتجهيزها ربما نعذر هؤلاء .
ولكننا لا نعذر أبداً أولئك المتحامقين والمنتسبين للطبقة المثقفة والأدعياء الثورجية في فهمهم وترويجهم السقيم والمقزز لتلك الصورة المضحكة وتخويف الناس منها بل وإلقاء الخطب والبيانات لحض الناس على عدم اختار "الفلول" شفيق وعمرو موسى و حضهم على التصويت لمرسي أو ابوالفتوح كمرشح "إسلامي" ..مرشح إسلامي في وجه من أيها السذج ونحن في بلد مسلم وشعب مسلم ودستور وإعلان دستوري يقول أننا بلد مسلم بل رأس الكنيسة نفسه يعلن للأمريكان أنه مرحب تماماً بالمادة الثانية في الدستور وباعتبارها حقيقة نعيش جميعاً في أجوائها . . ففي وجه من يقف المرشح الإسلامي؟ مرشح مسيحي مثلاً ؟ لايوجد .. مرشح يهودي ؟! لايوجد .. مرشح بوذي ؟!! لا يوجد .. هناك دستور سيحدد للجميع دور كل منهم واختصاصاته .. وهو الدستور الذي أردوا اختطافه والسطو عليع وتفصيله حسب أهوائهم "الفئوية" ومصالحهم الضيقة وأفهامهم الضعيفة ..
فمصر اليوم ليست مصر قبل 25 يناير ولن تكون ولن تعود إلى الوراء .. هناك دستور "جديد" سيحدد اختصاصات الرئيس وصلاحياته وواجباته وطرق محاسبته ومدة رئاسته .. وهناك رقابة مجتمعية تيقظت ونفضت ثوب السبات عنها ..وهناك مؤسسات قوية تراقب وتحاسب وتتصدى ..
فكيف بين كل ذلك يمكن لرئيس الجمهورية "القادم " أن يمر من بينها ويعيد انتاج النظام القديم ؟؟ شيء مضحك .. بل شيء مخجل وضحك على ذقون البسطاء من العامة واستنساخ لقصة "الفزاعة" التي طالما طارد بها النظام البائد التيار الديني المعارض له ..
قد لا يحمل " أحمد شفيق" كافة المواصفات التي يأملها الشعب المصري في مرحلة ما بعد الثورة ..
ولكنه بالتأكيد هو حائط الصد الوحيد للهجمة الجهولية الشرسة لتيار تجري في شرايينه دماء العنصرية والاستبداد والديكتاتورية بأبشع ألف ألف مرة مما ذقناه على يد الأنظمة البائدة التي سامتنا – سياسياً - منذ يوليو 1952 سوء العذاب ,,,
التعليقات (0)