ينتابني شعور مروع بالفقد… اليوم أنا على وشك فقدان ثلاثة أشياء… صديق عزيز… و جزء من الضمير الذي أشدو دائما مدعياً بأني أتحلى به… و قلبي… أحداث متلاحقة تلهث في حياتي لهثا يحيرني… و يشوش تفكيري… يمنعني من اتخاذ أي قرار صائب… لا شيء عندي حاليا أينما ينبغي أن يكون… أو كيف ينبغي أن يكون؟؟ يحزنني أن ترحل دون حتى أن أعاتبها… لكني لن أفعل لأنني لست على استعداد لسماع مبررات مختلقة و أعلم بأنها لا جدوى من العتاب… فأجد نفسي الآن في مفترق طرق يجبرني على الاختيار… والاختيار عندي محسوم في هذا الأمر… لسوف أبتعد… فشخصيتي لا يضاهيها ثمن… شخصيتي لا يضاهيها ثمن.. أما ضميري… ضميري الذي يعذبني… يجلدني في الدقيقة ألف مرة… على كل قول و فعل قد يحتمل معنيين: أســرار :
… ما عدت أعرف من أنا… ولا ما أريد… أشخاص تدخل بسرعة الصاروخ إلى حياتي متسللة…
لا أعلم من أين أتوا.. ولا إلى أين هم ذاهبون… كل ما أعلمه منهم هو مجرد صور غير واضحة… و كأنهم أشباحا تعيش داخل عالمي… أرى فيهم متناقضات… و الكثير مما أرفضه… و مازلت لا أعلم لم هم في حياتي؟!… بالأمس قابلتها ثانية… وكما قالت هي: – ليس عني- اقتربت فابتعدت… وابتعدت فصارت هي تقترب… ولا أدري ماذا أفعل… لا أستطيع أن افقد قلبي عندها… ولا أملك توقفاً… أظن بأني سوف أستمر في البعاد رغم وجعه و صعوبته… ولكنني أعلم بأنه ما ينبغي على فعله الآن… الصواب… ومتى كان فعل الصواب سهلا؟؟!…
ولكني لم أكن أعلم كيف يمكن أن يكون الصواب أحياناً مفزعاً إلى هذا الحد… والأغنية التي أهدتها لي مازالت كلماتها ترن في أذني… تقول لي بأنه من الصعب عليها وداعي برغم أني عائد…!!
و بأنها لا تستطيع التنفس من دوني… لماذا تراها أهدتها لي اليوم… أتساءل… فرغم كل شيء تبقى هي من هي و أنا من أنا… و نحن لا نناسب أحدنا الآخر و كلانا يعلم ذلك… ففيم العناء إذن؟
هي تحيرني… وأنا لست من أشد المعجبين بحالة الحيرة… ولا أريد أن تشغل تفكيري… أريد منها أن تذهب… أو تتركني أرحل… دون أن يشغل أيا منا تفكير الآخر… أو يترك أية ذكريات… فلنحزم أشياءنا… ويذهب كل منا إلى حاله
والصديق الذي أفقده… يعز علي فقدانه… و يؤلمني… ولكن يؤلمني أكثر أن أستمر في الاقتراب… يجرح كرامتي بالترجي له دوماً.. وكرامتي التي لم و لن أسمح لمخلوق أن يتلاعب بها مهما كان الثمن… الصداقة عندي قد أضحي بكل ما أملك من أجلها… أما الكرامة… أضحي من أجلها بحياتي… ولا يضاهيها ثمن… و إن كان هذا الثمن فقدان أعز أصدقائي…!!
أجلس… أستعيد ذكرياتنا سويا و ما مررنا به على مدى السنوات الماضية… فيعصر قلبي الألم… لا أستطيع تخيل يوما يمر الآن دون وجود هذا الصديق في حياتي.. لا أستطيع تخيل حدثا كبيرا كان أو صغيرا يقع دون أن أقوله لها… قد حذرت مرارا و تكرارا… ولم يجدي نفعا تحذيري…
أحدهما لا يناسبني… أين هي ليلة البارحة… أين ذهبت في النهار الذي سبقها… ما لي لم أسمع لها صوتا منذ يومين أمام أحداث تزلزل الجبال… و بعد أن كان صوتها القاسي يدوي صارخا في أذني لحظة تلو الأخرى… ما له اليوم صامتا صمتا يشبه الأموات… يشيح بوجهه هاربا من الأحداث… ماذا تغير… أشعر بإرهاق داخلي يحني قامتي الشامخة على الدوام… و الجميع يتسائلون باستغراب ماذا قد حل بي؟!
فكل ما يعتمل بداخلي ظاهرا كما النهار فوق وجهي و جسدي… أين أنا من إشراق أمس الأول… وكأن هموم الدنيا تسطر حروفها على وجهي… بخط عريض واضح… أشعر بأنني جلست أتابع أحداث حرباً على مدى يومين… وكأنني لم أكن أعيش هذه الأحداث اللاهثة بالفعل… وكأنني لم أقابل هؤلاء الناس بالفعل… يراودني إحساسا بأن ضميري بدأ يدعو جسدي للتآكل و التهاوي تحت وطأة الضغط العصبي بعدما تأكد من أن الكلام لن ينفع في هذا الموقف… أريد أن أذهب بعيدا… وحدي… حيث يوجد البحر… وفرس لا يكل و لا يتعب… لأحسم حياتي أو تحسمني… أجدها أو تفقدني… فأنا لا أقبل بأنصاف الأمور… مهما كانت هذه الأمور… أريد رحيلا لا ينتهي… رحيلا هادئا بلا صخب… دون النظر إلى الخلف… نهائيا… أريد أن ألقي بحقيبة ممتلكاتي بكل ما تحمل من أشخاص و تفاصيل في البحر… أراها تبتعد مع الأمواج… فأدير ظهري… و أكمل المسير على الرمال المبللة… بعيدا عنها… وخلال المسير… يطالعني وجهاً غير مألوفا… لم أراه من قبل و لا أعرف اسمه… يبتسم في وجهي مطمئناً… وتأخذ يدي… و تسير إلى جواري… في صمت… دون أسئلة… أو كلام… فقط تقبل لما عليه الوضع من الآن فصاعدا… ورغبة مماثلة… في مشاركتي الرحيل....
إذا ناوي على الروحه .. وحاسب للغياب حساب ..
أبي اسألك قبل لاتروح ,, قلبي فين خليته ,,؟!
الوطن 17/9/2007 م
التعليقات (0)