في أندونيسيا المسلمة تعتمل عدد من العادات والتقاليد المعبرة عن ارتباط واعتزاز هذا الشعب الكريم بالإنتماء للدين الإسلامي الحنيف، ولتأكيد هذا الارتباط، يصر عدد منهم تسمية فلذات أكبادهم عبر عادات تبدو غريبة لكنها لا تخلو من حلم إيمان قوي، ذلك أن بعض الأندونيسيين يحبذون تسمية أطفالهم مما هو موجود في صفحات القران الكريم من أسماء وكلمات.
ويتم ذلك بإحضار المصحف الشريف ويغمض الأب عينيه ويفتح المصحف ويضع على إحدى الصفحتين إصبعه على أي كلمة من آيات القرآن الكريم، فيسمي ابنه على ما وقع عليه ابهامه ومهما تكن الكلمة، حتى لو كانت الكلمة ذات دلالة غير حسنة.
في بالي حيث تطغى الأقلية الهندية على مجمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياحية هذه الأقلية لها تاريخ خاص بهم يحددون بموجبه أعيادهم وأيام الأسبوع لديهم خمسة أيام هي [ بون – واغى – كليرون – لفى – باينغ ] لكن أيام الشهور وشهور السنة متساوية تقريبا مع التاريخ الهجري، على أي حال ما ذكرنا بعالية ليس له علاقة بغرائب المعتقدات في اندونيسيا، لكن لوحظ في حالة توافق يوم الجمعة بالتاريخ الهجري مع يوم (لغى) بالتاريخ الهندي فان هذا اليوم بالنسبة للمسلمين في بالي يعتبر يوم مقدس حيث تمتلئ المساجد بالمصلين حتى ممن لم يكن يصلي في غير هذا اليوم وتكثر العبادات وتقام أفراح الزواج وتكثر الصدقات وإعمال الخير ويعم الأمن والأمان بعد تربيط الشياطين لمدة 24 ساعة فقط وبعدها يعود الكل إلى ما كان عليه سابقا.
يميل الاندونيسيين بصفة عامة إلى تقديس العلماء المسلمين خاصة ممن كانت لهم كرامات دينية بالصدفة ويسمونهم بالأولياء والأقرب إلى الله في الدنيا عن بقية المسلمين، ففي حياتهم يأتون إليهم من مسافات بعيدة تصل إلى عدة مئات من الكيلومترات برا وبحرا لغرض الطلب من الولي الدعاء له بالصحة والزواج وإعادة المسروقات والتعويض الخسائر التجارية ...الخ وهذه التصرفات ليست مقتصرة في حياة هؤلاء العلماء بل حتى بعد مماتهم بل وقد يصل الموضوع إلى نوع من الشرك فعلى سبيل المثال يريد احدهم السفر إلى العمرة أو الحج فانه يعتقد جازما انه لابد من الاستئذان من الولي في قبره قبل السفر والصلاة في مسجده ويطلب منه الدعاء أو التوسط له بقبول عمرته أو حجه وعند العودة من العمرة أو الحج يزور قبره حمدا لله على ذلك لكن الزيارة بعد الحج تكون بعد العودة بأسابيع و أشهر حسب الإمكانية بعكس الذهاب إلى الحج الذي يجب أن يكون قبل السفر مباشرة، وفي مناسبات وفاة الولي يأتي الزوار من مناطق بعيدة جدا للإقامة والصلاة والدعاء في مسجد الولي والشوارع المحيطة به وقد يصل الزوار إلى عدة ألاف مما يسبب مشاكل لرجال الأمن في منطقة المسجد والقبر، وعادة ما يكون قبر الولي بجانب مسجده الذي كان يصلى ويدعو فيه من الخارج.
إما صفة هؤلاء العلماء (الأولياء) فهي طبيعية جدا بلغوا مراحل متقدمه من الدين والإسلام في جميع مناهجه ويرفضون تماما التزمت والتقديس لكن الموضوع يبدأ باحترام العلماء ومن ثم طلب الدعاء منهم في حياتهم وبعد مماتهم يزداد تعلق العامة بهذا الولي، وقد لوحظ إن الكثير من هؤلاء العامة لا يتقيدون بتبعية لولي معين بل بالأقرب إليه مسكنا، وتقدم لهؤلاء الأولياء
والكثير من الأرزاق المادية والعينية والحيوانية فيضطر إلى توزيعها مرة ثانية على الفقراء، إما في مماته فيتم جلب الأرزاق مطبوخة والفاكهة للزوار الفقراء حول مسجد الولي.
وفي اندونيسيا حاليا حوالي تسع أولياء رئيسيين الذين بلغوا مرحلة أولياء الله في أرضه في نظر الكثير من العامة وهم:
1- ملك إبراهيم المتوفى في قرسي القريبه من سورابايا جاوا الشرقية عام 822هـ.
2- رادين رحمة الله المتوفي في سورابايا الشرقية عام 1478هـ.
3- الشيخ إسحاق الملقب سونان قيرى المتوفي عام 1506م في دماك جاوا الوسطى.
4- رادين مقدوم إبراهيم الملقب بيونان بوتان توفي في توبان جاوه الشرقية.
5- راين قاسم شريف الدين الملقب بسونان درجات توفي في لامونغان في منطقة سورابايا جاوه الشرقية.
6- رادين سعيد الملقب بسونان كالي جاغا.
7- رادين جعفر الصادق الملقب بسونان قدس توفي في قدس جاوه الوسطى.
8- رادين عمر سعيد الملقب بسونان موريا المتوفي في موريا جاوه الوسطى.
9- شريف هداية الله الملقب بسونان قوتنق جاتي المتوفي في شربون جاوه الغربية.
العـــزاء
نظرا لمساحة اندونيسيا التي تتكون عادة من 3000 جزيرة ما بين كبيرة وصغيرة وعدد سكانها حوالي 200مليون مواطن يتكلمون حوالي 40 لغة قبل إن تتوحد حاليا بلغة واحده تسمى اللغة الاندونيسية Bahasa Indonesia هذا التفاوت في اللغة والتباعد في الجغرافيا ساعد على وجود عادات وتقاليد مختلفة في مجالات عديدة مثل العزاء والزواج وممارسة الشعائر الدينية واللبس والرقصات الفوركلورية، وفيما يلي سأحاول أن أوضح بعضا من طقوس العزاء في منطقة سورابايا. عندما يتوفي الشخص يتم الإعلان عنه من مئذنة المصليات أو المساجد القريبة (في حال ما يكون الميت في قرية) ثم يتم تجهيز الميت حسب الشريعة الإسلامية من قبل أهله وقبل خروج الجنازة يجتمع الأقارب والجيران في منزل الميت حيث يقرؤون شيئا من القران الكريم والأذكار الدينية ثم يقوم احدهم بالدعاء وإهداء ثواب ما قرؤوه للميت، وفي الطريق إلى المقبرة يرمون الزهور ويرشون الماء في كل تقاطع يعبرونه، وبعد الدفن يغطى القبر تقريبا بالزهور وإذا عادوا بعد الدفن يقدم الطعام للمشيعين.
وبعد سبعة أيام يقوم أهل الميت بجمع الأقارب والجيران لقراءة القران والأذكار وإهداء ثواب ما قرؤوه للميت ثم يقدم الطعام الذي اهدي إليهم من الجيران والأقارب ويتم تكرار ذلك في اليوم العاشر والأربعين واليوم المائة وبعد سنة كاملة، وتتوقف بعد ذلك هذه الطقوس ما عدا بعض ميسوري الحال حيث تتكرر هذه العادة لعدة سنوات، وعادة ما يقوم بهذه الطقوس الأقرب إلى الميت الزوج والزوجة والوالدين والأبناء ...الخ
الـزواج
في أندونيسيا بصفه عامه يوجد ما يسمى الصديق القريب (bacar) أو الحبيب بين الفتاة والشاب وهذا تقليد طبيعي معترف به حتى بين الأسر ويبدأ ذلك من السن المبكر في مراحل الدراسة الإبتدائيه وعادة ما يتم تغير أحد الصديقين بشكل متسرع في السنين الأولى للطفولة نظرا لتغير السريع لأمزجتهم ويزداد الثبات وطول فترة الصداقة (الحب) كلما بلغت أعمارهم مرحله متقدمه (22-25 عاما ) وقد ينتهي بالزواج في أحيانا كثيرة. وهذه العادة موجودة حتى بين المتقدمين في السن مثل المطلقين والأرامل وهي تعتبر فتره اختبار لإمكانية الانتهاء بالزواج.
وعندما يهم الشابين بالزواج بعد الاقتناع التام بذلك يشاور والديهم وعائلتهما المقربين ثم يختار ما يسمى باليوم الميمون وذلك بحساب تاريخ ميلاد الشاب والشابة بالإضافة إلى اختيار اليوم الذي يوافق الأيام الجاويه السعيدة ثم يتم زيارة دار الشابة المخطوبة في ذلك اليوم الميمون وإذا تمت الموافقة قاموا باختيار اليوم السعيد لعقد الزواج والزفاف والمهور تختلف باختلاف منازلهم الاجتماعية فمنهم من يغالون ومنهم من يتسامحون وتتراوح مابين 20 إلى مائه مليون روبيه (8-40الف ريال) وفي يوم الخطبة يزور أهل الخطيب مع مجموعه من الأقارب رجال ونساء (لا يسمح بحضور العريس في هذه المناسبة) حيث يحمل والد الخطيب صندوقا صغيرا مزينا بالحرير والزهور بداخله المهر المتفق عليه مسبقا.
كما يحمل المرافقون كاسات وأواني بها هدايا من حلى ولباس وأطعمه وحلويات وفاكهه وهي مغلفه ومزينه بالحرير والزهور. بعد الترحيب والجلوس تتم إعادة الخطبة رسميه من قبل الأقرب للعريس ثم يقوم الأقرب للعروسه بقبول الخطبة ثم تقرا الفاتحة ويقدم الطعام والشاي والحلى بعد ذلك.
ثم يتم عقد النكاح في مكتب القاضي أو في المسجد أو في المنزل بحضور شهود من أهل العريس والعروسة مع ملاحظة أن القاضي المملك تنحصر وظيفته بالعقد الشرعي ويوجد موظف سواء لدى عقد النكاح أو في مكتبه لتسجيل عقد النكاح رسميا لدى الدولة. في يوم الزفاف يأتي العريس مع مجموعه من أهله في زي خاص بأعيان وسلاطين إلى منزل العروسة فتخرج العروسة في استقباله على باب المنزل حيث يقدم لها صندوقا صغيرا فيه شيء من الحلي كهدية رمزيه للوفاء وحسن المعاشرة. ثم ترمي أمام الزوج الحافي بيضه فيدوسها بقدمه فيتلطخ بها فتنحني العروسة لتغسل قدم العريس بالماء المعد لذلك ثم تنشفه بالمنشفة رمزا للوفاء والطاعة ثم يركبون سيارة مزينه بالزهور إلى موقع حفل الزفاف وبعد ذلك موقع السكن الذي عادة ما يكون في منزل والد العريس.
التعليقات (0)