قررَت حكومتنا الجزائرية مُواكبة موجة (التشبه) باليهود والنصارى في رزنامات عُطلهم الأسبوعية ، بعدما كان ذلك مُقتصِراً على مُناسباتهم وأعيادهم الدينية .. ومع ما للقرار مِن أهمية - ليس على الصعيد العقلي الذي يستوجب إعادة برمجته على الرزنامة الجديدة فحسب - بل على الصعيد العقائدي أيضا ، وهذا أهم .. لكن سنبدأ حيث إنتهى (مسعولينا).
فالقرار الجديد يُحدد الجمعة والسبت يومين للعطلة الأسبوعية ، بعدما كانت يومي الخميس والجمعة ، لنحذوا بذلك حذو اليهود الذين فرضوا جميع مُعتقداتهم بطريقة أو بأخرى ، لكن عذر حكومتنا في هذا التغيير أقبح مِن (ذنبها) ، حيث بررت ذلك بالخسائر الإقتصادية التي تتكبدها الدولة خلال يومي الجمعة والسبت ، فالجمعة هي عطلة المُسلمين في حين يعتبرها اليهود يوماً عادياً مِن أيام الأسبوع ، أما السبت فهو اليوم الذي تتوقف فيه عجلة الضخ اليهودي في الأسواق العالمية ؟ ... إذن يومٌ واحدٌ يكفي اليهود أن يناموا فيه ، ليقلبوا به موازين الأنظمة العالمية عامة ، والأنظمة العربية والإسلامية خاصة ، لأن هذه الأخيرة مُكبلة بقيود التبعية والذل.
وهنا أتساءل بيني وبين نفسي ، هل تضورنا جوعاً طيلة العقود الماضية ؟ والتي فتحنا فيها أعيننا على الخميس والجمعة عطلة أسبوعية ؟ بل ووجدناها قارة أباً عن جَد؟
فالقضية أوضحُ مِن مُحاولات (مسعولينا) حجبها بأعذار واهية ، كمن يُحاولُ حجب الشمس بالغربال ، لأن المُواطن في النهايةِ إنسانٌ يُدرك حقائقَ آفاقها أوسعُ مِن حُجج السلطات الضيقة... وما يحُز في نفسه أنه شريكٌ أساسي - من المفروض - في صناعة القرار ، لكن يُهمش في كثيرٍ من الأحيان ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسائل الحساسة التي تمس بالقِيم .. فدولتنا (الفاضلة) تحاولُ الإنضمام لمنظمة التجارة العالمية باستماتة ، مهما كلفها الأمر مِن تضحيات وتنازلات، ومهما انتهجت من أساليب لإحتواء بعض القرارات ، وحجبها عن أنظار المواطنين ونوابهم في المجالس التشريعية .. وكأني بالسلطة ترمي بزبالة قراراتها في شوارعنا دون إحترامٍ لأصواتنا ، التي يخف وزنها ويثقلُ حَسَبَ المواسم ، أما القاعدة الإنتخابية فقد أضحَت درساً في الغباءِ محفوظاً عن ظهر قلب : أن المترشح يصرخ عالياً خلال حملته الإنتخابية أنه المهدي المُنتظر، وأنه الرؤوف الرحيم بالمواطن الكادح ، وحين نجلسه على الكرسي يُحوله إلى عرشٍ ، ويتحول هو إلى إلهٍ دجال.
فأليس دجلاً أن ندعي تدهور الوضع الإقتصادي، في الوقت الذي تنضح فيه أراضينا بالخيرات ؟
أليس دجلا أن ندعي بأن تغيير منهاج المسلمين الأسبوعي هو الكفيل بتحقيق قفزة نوعية ، أوأن ذلك المنهاج هوما يحولُ دون تحقيق تلك القفزة ؟
أليس دجلاً أن ندعي بأن الإسلام دين الدولة ، وننتهج نهج اليهود والنصارى الذين أمرنا الإسلام عينه بمُخالفتهم ؟
لن أنتظر السلطات لتجيب عن أسئلتي ، لأنها أكثرُ من أن تنتهي ، ووقتهم أثمن وأضيق مِن إقتطاع جُزءٍ منه للإستماع لآرائي أو حتى لإنشغالاتي ، كما أنها ستكشف المستور الذي تحاول أن تغطيه بعبارة : ... مصلحة الدولة العليا ...
ومصلحة المواطن ودين وطنه ، هي السفلى وهي الدنيا ، لذلك تُداسُ وتُهان.
تاج الديــن : 2009
التعليقات (0)