عطست الدجاجة .. والأستاذ ت. س. رئيس التحرير

الحديث عن الندوة الثقافية (وفي رواية الغزوة الثقافية) مثل الحديث عن انفلونزا الطيور ..مجرد عبث في انتقاء المواضيع ..
فعطاس الدجاج الذي أصاب العالم بالهلع ورصدت لعلاجه البلايين لن يقتل في أحسن أحواله أكثر من مليون إنسان.. بينما يموت عشر ملايين أفريقي سنويا بسبب الملاريا التي تعالج بالكلوروكوين أبو نصف ريال..
ومثلهم يفتك بهم الجوع ...
هذا بعيدا عن ضحايا الحروب التي يصرف على نفقات خمس دقائق منها ما يصرف على أبحاث السرطان في سنة..
مالذي يجعل العالم يقتله الذعر لمجرد زكمة دجاج ؟
إنه نفس السبب الذي يريدنا الأستاذ ت. س. أن نرتعد لأجله في حديثه عن ندوة ثقافية.
مجرد عبث في انتقاء المواضيع ..هذا كل ما هنالك..
أهمية الندوة مثل أهمية انفلونزا الطيور ..
فاي ..
بالعربي .. مجموعة خالية !

أولا دعوني أقولها .. بمنتهى الصراحة ..
لا أجد تصرفا مناسبا حيال الثقافة التي يتحدث باسمها أولئك اللاطمون على الأخلاقيات غير المتحضرة ..
اللاطمون في خوارهم المستديم في حظائر صحافتنا..
الأستاذ ت. س. ورفاقه ..
لا أجد تصرفا مناسبا تجاهها سوى أن تستخدم كورق الحمامات يضاف إلى مناهجنا تحت بند الاستجمار من باب تطوير المناهج..

ليس من حق الأستاذ ت. س. إسكات أحد.. إلا إن كان يظن أن شاربه المنتف يجعله مثل هتلر..
أن تؤمن بالحرية يلزمك أن تؤمنّها أولا لمن يختلف معك..
فإطلاق عنان الحرية للمطبلين لك وحجبك لها عن خصومك يضعك في مصاف ستالين وخروشوف وتشاوتشيسكو .. وغيرهم من الذين سطروا ملاحم الحرية بشرط أن تكون أولا في صالحهم ..
ثم مالقضية في مسألة الاعتداء؟
تشومسكي -وهو بالمناسبة خير من ملء الأرض من ت.س.- تعرض للاعتداء من مجموعة يهود "متحضرين" في محاضرة بجامعة هارفارد بعد أن انتهى الوقت -حقا-..
أعني ليسوا وحدهم أبناؤنا الذين يثأرون من محاولات الإسكات ..
الطلاب كسروا زجاج جامعات مونتريال بعيد ندوة لنتنياهو ..
مظاهرات الجياع تملأ العالم قبيل كل اجتماع للأثرياء .. إن كانت هذه وسيلتهم الوحيدة لإسماع صوتهم ..
أنا لا أقول أنها ظاهرة رائعة أو ممتازة ..أو حرية بالتشجيع ..
إنها مجرد ظاهرة إنسانية ..
مثل ذهاب المرء للخلاء بعد أن يكرع زجاجة خروع ..

شخصيا لا أستطيع أن أتحمل الأستاذ ت. س. يتحدث عن الرقابة إلا في حالة واحدة ..
أن تتحول الآذان براغي بلا جدوى .. معلقة في الرأس ..
ومجرد لحمة تتدلى للزينة ..
ربما أن مشكلتي تكمن في أنني أعتقد أن الأعضاء الكثيرة في أجسادنا لها مهام تختلف عن مهمة الأيدي التي تصفق وتصفق وتصفق ..

وعلى الضفة الأخرى .. يقف المهملون كأرشيف قديم في مستودعات الأرض .. يفتحون عيونهم أمام الكاميرات ليصورون لنا أن هناك معركة بين ثياب السهرة مع ملابس الإحرام ..
بين بشت الشيخ المهيب أمام كرفات رجال الأعمال ..
صراع بين المتراصين في الصفوف الأمامية وحملة الميكرفونات ..
يصوغون خطبهم النارية المكرورة .. وقصيدة جديدة في حب صلاح الدين ..

المسألة لا تعدو أن تكون فيلما دراميا ... يستحق –ونحن نترقب توزيع جوائز الأوسكار- جائزة أوسخ فيلم ..
لأنه الممثل الشرعي الوحيد لموتنا العالمي الجديد ..
يا ت.س.
ويا أتباع الدعوة الرشيدة ..
واصلوا اللعب في كازينو الأخلاق ..
لدينا فائض من المشائخ ورؤساء التحرير ..
ورصيدنا ضخم من غيوم بلا مطر ..

فحيح ..
الكثير من الفحيح

http://www.muhawer.net/forum/showthread.php?t=11417