عطر زوجة المهرج ( 4 _ 6 ) . للشاعر/ إبراهيم أبو عواد .
لماذا تطل جمجمتي على النِّيل ، وتطلُّ خاصرتي على الفولغا ؟ . وطنٌ يموتُ . أجريتُ له تنفساً صناعياً، يموتُ . خلعتُ جِلْدي وغطيتُ به رعشة أطرافه ، يموت . شطبتُ دستورَ الدولة البوليسية ، يموت . قلبتُ نظام الحكم في حُفر المجاري ، يموت . نسيتُ وجوه البشر العائشين تحت الأرض ، يموت . إن وطني امرأة أضاعت غشاءَ بكارتها . والزوجاتُ الخائنات يضعنَ العاطلين عن العمل في قائمة الاحتياط العاطفي .
كالطفيليات يعيشون على الزوجات الخائنات ، وفي عيونهم دبابيسُ الشفق ، حيث يصير ضياعُ الحلم حلماً بحد ذاته . ما فائدة العَشاء على ضوء الشموع أثناء جنازة كوكب الأرض ؟ . ما فائدة عبقرية حارس المرمى في فريق مَيِّت ؟ . في بلادي لا شيء يزدهر سوى الاحتضار . ديناصورٌ يستريح تحت حبة عَدَس . أركض إلى هاويتي مُعطَّرةً باليانسون السام . وطنٌ ليس لنا ، جسدٌ يذبحنا . إنهم باعوا فلسطين ليشتروا حبوبَ الفياغرا ، فلم يحفظوا كرامتهم أمام أعدائهم ، ولم يحفظوا ماءَ وجوههم أمام نسائهم .
بلدي . يا أجمل خيوط أكفاني ، يا أحلى ألوان نعشي ، يا انتحاري اللذيذ ، لماذا يسأل رجالُ الأمن في جنازتي عن مستقبل الصراصير في بيتي ؟. وَجَدْنا المكياجَ ولم نجد المرأةَ . لا أقلق على مستقبلي لأن بلادي قَتلتْ مستقبلي مذ كنتُ في بطن حزني . كن يا نعشي أكثر لمعاناً من الصلبان الموحشة على صدور لاعبات التنس الصربيات الجميلات كالتطهير العِرقي في تلمود الكراهية .
لا تفرحنَ كثيراً يا أميرات الأنقاض في أعراسكن ، فأنتن مجرد دمى متحركة بين أصابع النخاسين . وحيدةً كابنة لاجئ سياسي على شُرفة منزلهم في المشرحة كانت أعضائي المتقاتِلةُ على الفراغ .
ما يكتبه خدي الأيمن يمحوه خدي الأيسر فأضحيتُ قناعاً بلا وجه . أعضائي ملتصقة على زجاج القطارات ، لكن خرائطَ اختناقي سكةُ حديد للبجع المضرَّج بالنبيذ الملوَّن كمجازر الفرنسيين في الجزائر . غداءُ عمل مع جثة امرأة. كأن رموشي خيوط العنكبوت . هي ديناصورات خدودي تغار على أسماك جارتي . إن أظافر ذاكرتي تهدد باعتزال كرة القدم . دمُ النعامات على زجاج سيارة المرسيدس ، ودمُ الأشجار على تحف الكاتدرائيات . ما فائدة قميص النوم الشفاف لامرأة غارقة في الأرق السميك مدى الحياة ؟ .
لا تملك ثمنَ العلاج فلتمتْ كالجرذان الطازجة خلف أسوار اللامعنى ، ولتصنعْ حكومةُ المجد من لحمكَ جواربَ لبنات الإمبراطور . أُمي تقود كفاحاً مسلحاً في المطبخ وأبي يَضطهدها ويرفض هدنةً بين بلاطِ المطبخ والصحونِ . سأركبُ حصاني الخشبي المزروع في جناح طائرة إيرباص. ضَعْ بطيخةً في علبة السردين ولا تتذكر أحزانَ المطر . عندما تفقد إشارةُ المرور قدرتها على القيام بواجباتها الزوجية . أمهاتٌ ينتظرنَ أبناءهن الجنود الذين لن يعودوا . تزوجتُ نفسي وذهبنا معاً إلى شهر العسل في منتجعات الدولة البوليسية . والوطنُ حلمٌ جميل تبخَّر في مقلاة المرتزقة . والشتاءُ سحابة صيف .
لا أثق بحزني . شوارعُنا إشاراتُ مرور ولا أحدٌ يمر . إن خنصر الشجرة فضاء الموتى . هل أهاجر إلى كوكب غير مكتشَف ؟ ، هل أتعاطى الماريجوانا ؟ ، ماذا أفعل لكي تفرحَ حكومةُ الغباء السياسي ؟ . أنا فارسةُ أحلام هذا الرماد . قَطِّرْ مكياجَ السجان في عيون كلاب الصيد . خنازيرُ ترعى قطيعَ خنازير في إسطبل الجماجم ، حيث الشعوبُ الصامتة تصير أرقاماً على أثداء البغايا .
على حبل أفكاري تهرول رؤوس المشنوقين الطازجة . امرأة تُزف إلى جلادها ضاحكةً كرموش السناجب، وشعبٌ يُزَفُّ إلى المذابح الروتينية مُصَفِّقاً لموكب الحشرات الإمبراطوري. خُذْ عِظامي ، وأعطني خبزاً أُطعِم هذا الحزنَ الجائع ، هذه المعدةَ المتوحشة ، هذه الشوارعَ القذرة ، هذه الذكرياتِ الموبوءة . لا أقدر أن أزرع رايتي في الشفق .
يحترمون السيارةَ لا الشخصَ الذي يقودها . أنا وقلبي افترقنا في منتصف الطريق بعد أن مزقت مناديلَ الوداع صواعقُ شموع دمائنا . يتكدس المطرُ كالأسمنت على رقاب العوانس ، والضجرُ سجانُ كلِّ أنواع المكانس . كأنني موظفة مجتهِدة تتعرض للتحرش الجنسي .
يا ملكةَ الأعراب . كلُّ أميرات الركام للبيع ، فاستفيدي يا شواهد القبور من خبرة عماد الفايد في الكفاح المسلح في غرف نوم الصليبيات . نحن لصوصٌ في طلاء أظافر البجع المنبوذ ، فلا ترتدي قناعَ الطهارة يا حكومة البعوض .
أُقاتِلُ على عدة جبهات . ودموعُ أرامل ميونيخ ينسجها نهرُ الفولغا رايةً بيضاء أمام الجيش الأحمر لكن دمي أسمر . اكذبْ على شعبكَ تكنْ قائداً رمزاً . أصنعُ من ألوان جثمان جارتي حبل مشنقتي وأتسلقه حتى يبصق الجوعَ في زجاجة الشوك .
يا اكتئاباً يتقمَّص وهجَ نزيف الراهبات ويفرض شروطَه على الأباطرة أمام حاشية الضفادع . رجلٌ يحبني لكني لا أحب نفسي . أنا سعيدة أنني لم أتسبب في قدوم أبناء إلى هذه الأرض اليباب . أفضل وسيلة للتخلص من قرف حكومة الرفات أن تهاجر إلى السيليكون في حبات رمل المحيط الهادي. وَحْدي أتجول في شوارع القمامة ، تمشي الأظافرُ على أرصفة لا تَغتسل من دم الحيض . لا تسأل الدودَ عن هوية لحمي . لستُ نَبِيَّاً لتمتنع الأرضُ عن أكلي . يا ضباباً يقضي حياته في غرف الفنادق ، حيث لا زوجةٌ تضع الكافيارَ على نار الشمعة ، ولا ضابط مخابراتٍ يتجسس على مكالمات الأكسجين في دمكَ .
رئتي صحراء نيفادا ، وعيناي خشبتان يزرعهما الضجرُ في جثامين رموشي الرافضة لأساطير الخشب . ذكرياتي تجرُّها الديدانُ على جلود الزوجات الخائنات . شعبٌ يتصدق على حكومة الرمال ، وحكومةُ الحطب تبصق على الشعب . الكل يتحدث في السياسة ، ولا أحد يفهم في السياسة . قالوا لي إن الذي يخسر في الحب يربح في الحياة ، لكن الغريب أني خسرتُ في الحب والحياة معاً . شيء مؤسف أنك حينما تسافر إلى كوكب المريخ لا تجد من يستقبلكَ ، حتى رجال المخابرات لم يأتوا .
الجو رومانسيٌّ . ولكن ينقصنا دم عماد الفايد على أنغام فيفتي سنت . حَيْرةُ حضارة الذباب بين لاعبات التنس الأرضي الروسيات والصربيات . تنورة الإمبراطورة تتناقص مثل ذكريات الشعوب المسروقة . امرأة تم بيعها بالعملة الصعبة ترتدي ثوب الحِداد الأبيض ترقص في عرسها مأتمها أمام كاميرات الإبادة والتطهير العِرقي ، ولا تعلم أنها ممسحة لحذاء زوجها .
أنا الهاربة الأبدية من الحب. وحينما يذهب كوكبُ الأرض إلى الدمار نرتاح من قرف الغبار ، ويرتاحُ الغبارُ من قرفنا . ما فائدة الرومانسية إذا كان العُرسُ بين شواهد القبور ؟. جدائلُ شَعر المستنقع أوردةُ الماريجوانا . إن أنكرتِ معرفتي يا زنزانتي ، فكلُّ غرف الفنادق تعرفني ، كلُّ قطع الصابون في الحمَّام ، كلُّ المفاتيح المرقَّمة . كأن كوخاً ينام بين أصابعي يحضن عالِمَ اجتماع فاشلاً اجتماعياً . أصنعُ من كريات دمي برج مراقَبة ، وأرشد كلابَ الحراسة إلى التهام نخاع عظمي ، ويُفجِّرني الغيمُ في تفاصيل ظلال العناكب .
المستقبلُ الرومانسي للخوخ. وأنا على خشبة الإعدام التقيتُ بعريس افتراضي، وبعد أن أُعدمتُ صارت ليلةُ دخلتي سِفْرَ الخروج إلى شطآن يكتبها تاريخُ الإبادة . لا أحدٌ يفهمني لأني لا أفهم نَفْسي . سأشربُ نخبَ دمي احتفالاً بانتصار النهر على رباط حذائه في غرفة نومه ، حيث عشيقاته مصلوباتٌ على أوسمة الفراغ . سفينتي تَغْرق والرُّبانُ يدرس التركيبَ الكيميائي لمزيل العَرَق الخاص بلاعبة التنس .
سلاماً أيتها البلاد التي تبصق على الشرفاء وتحترم اللصوصَ. لا تجرحوا مشاعر الصراصير التي ساندتْ حملتي الانتخابية في الوطن المتخلِّف ، ودعمتْ مسيرتي الرومانسية خصوصاً في الانتخابات المزوَّرة . رقيقةٌ أنا كالأحكام العُرفية وقوانينِ الطوارئ . بحثتُ عن متعة بعيداً عن المال والجنس ، فاكتشفتُ متعتي في حقن فئراني بمضادات اكتئابي .
عندما تنتحر شطآنُ بنادق الشتاء ، وتقتلني بدم بارد الحكومةُ الساخنة كالبيتزا ، سأرتاح من قرف الحكومة ، وترتاح الحكومةُ من قرفي. والذين سيمشون في جنازتي يعرفون أنفسهم ، ويعرفون لونَ خدودهم على حيطان المجزرة . أنا الأنثى الرومانسية الوحيدة في ثلاجة الموتى .
أضحيتُ بعد موت الشفقِ ضباباً غريباً لا حزنَ له سوى الفرح . عِشْ في قلب امرأة لتجد أحداً يبكي عليكَ بعد إعدامكَ على عمود الكهرباء الواقف كدستور الدولة البوليسية أمام بيت من أحببتَ حياتها وأحبَّتْ موتكَ . حزنٌ بحجم طلاء أظافر بنات الإمبراطورة .
أكتب استقالتي تُوقِّعها بجعةٌ لا تَفهم في السياسة، يُقدِّمها المطرُ للنزيف المتشظي أهراماً من عَرَق غامض لفلاح يُحتضَر كالليمونة . بساطيرُ النَّعامات على رقاب الأغنام . ذكرى الحب الضائع في ذكرى الوطن الضائع . سأتبرع بكل كريات دمي ، وأموت متسوِّلةً على أبواب المجرة .
خذ دستورَ الدولة البوليسية هديةً لزوجتكَ في عيد احتضارها . إنني دستور أعمدة الكهرباء التي يحفر الألم عليها ذاكرةَ الشعوب المنطفئة كالسيليكون الخام . استغربتُ حينما رأيتُ نخاعَ عظمي خالياً من الديدان . كان نزيفي صافياً كالدمار الناصع .
امرأةٌ تجرُّ أنوثتها بحبال الكريستال ، وتسقط قرب جثة رُمْحها . يصنعون أوثاناً من لحمٍ ودم ويسجدون لها. والليلُ محاطٌ بالحواجز الأمنية . يا وطناً يسلخ جِلدَ الإنسان ، ويمنح تعاليمَ الشامبو لجلود الكلاب ، متى تموت لنصنع حُلْماً آخر بلا سلاطين ؟ .
أنا عاطفيةٌ كالانتخابات المزوَّرة . رقيقةٌ كخشب أعمدة الكهرباء التي تصير بعد التقاعد مشانق . جذابةٌ كشفرات المقاصل . مُخلِصةٌ كالحواجز الأمنية، أحترم الحياة الزوجية كالسجانين . أنا وأغلالي نتدارس دورَ الراقصاتِ في الوحدة الوطنية وإنجازاتِ لصوص البلاد في تعزيز الديمقراطية وحقوق الأغنام.كالنسر المصاب بعيار ناري أنتَ يا قلبي تنزوي في الغابات المهجورة لتعالج نفسكَ أو تموت .
أُمَّاه ، قد ذهبتِ إلى الموت تفترشين قيودكِ ، ولم تسألي نفسكِ : (( مَن سيبكي عليَّ بعد تسميمي ؟ )) . طلاء أظافري هي العودة المظفرة للجيش المهزوم. سأعلنُ غبائي: (( لأني أحبُّ العالَمَ قررتُ أن أُخلِّص العالَم مني )) .
http://ibrahimabuawwad.blogspot.com/
التعليقات (0)