عصفور آذار
صالح عبد الكريم أبو شندي
مع الشعاع الأول
لشمس الثلاثين من آذار
كان عصفورٌ من بلادي
كان يزقزق زقزقات
و لا أجمل
ليس ككل النغمات
زقزقته كانت بلا تزو يق
و لا تلفيق
ثم طار
بلا مَدرج أو مطار
خالف قوانينهم
و لم ينصاع
لم ينتظر إذنـًا بالإقلاع
أقلع
أقلع دون أن يضع كمامة الغاز
أو يلبس القفاز
كما يفعل المحترفون
إلا أنه لبس حزامه
الذي لا يشبه حزام المحترفين
طبعًا لم يكن حزماً للأمان
بعد أن حمل حقيبته
على كتفه الصغير
حقيبته التي أعدها مسبقا
لم يكن بها كتبًا أو دفاترا
ولم يكن بها
لوحًا أسودًا و لا أصابع طباشير
بل ملأ بالقنابل و المسامير
وتحزم بما تيسر
من أصابع ديناميت
وقارورة صغيرة
مملوءة بالنفط العربي
سريع الاشتعال
حملها على كتفه
و لم ينسى أن يأخذ معه
بعض حجارة الأبابيل
وتوكل على المعزِّ المُذل
القوي ، المنتقم ، الجبار
ثم طار
حلق عاليًا
عاليا
حتى كاد أن يلامس الشمس
ربما أقل بقليل
ربما وصل القمر
حدق من عليائه
و حلق فوق الوطن
حلق فوق القدس .. نابلس ، غزة و الخليل
فوق حيفا و يافا . . بئر السبع و الجليل
تمتع بالمرتفعات ، الوديان و الأنهار
السهول .. الكثبان و الحفر
فشاهد ما يسر القلب
و يُمتع النظر
بعد أن طاف في السماء قليلا ً
كاد أن يهبط لجمال ما رأى
لكنه تذكر هدفه الأصيل
تذكر الاحتلال
تذكر قهره
ثأره
تذكر الأسر
تذكر أباه
وكيف سحبوه معصوب العينين
عندما لمعتقل الأنصار اقتادوه
يومها كانت أم و أخته الصغيرة تبكيان
تذكر جنازة عمار ابن الجيران
و ماذا فعلت يومها أم عمار ؟ !
فرك عينيه وعاد لرشده نصار
و لعن الشيطان
آه نسيت أن أخبركم
أن عصفورنا كان اسمه نصار
على كُل حال اسمه ليس مهم كثيرا
بل المهم ما فعله نصار
فبعد أن فرك عينه وفاق
عاد يقلب ناظريه في الآفاق
و هو يفكر بكل الأحباب
يفكر بالأصدقاء و الرفاق
فوقعت عيناه فجأة
على تجمع كبير
أمره مثير
تجمع على شاطئ البحر
لمخلوقات كأنها بشر و هم بالبشر
حدق بعينيه كالنسر
حدق و نفسه يملؤها القهر
فتأكد أن كلهم
من الخنازير
شُذاذ الآفاق أولاد العُهر
فانفرجت أساريره
فهنأ نفسه و صاح
فزت بصيدك و رب الكعبة ِ يا نصار
فأنقض عليهم كالصقر
و خلال ثواني وسطهم انفجر
فتشظى جسمه إلى
مئة شظية قول مائتان شظية و أكثر
ما شظية منها خابت
كُل شظاياه أصابت
فقتل منهم مئة و جرح مئة
بل أكثر
شاع الخبر و أنتشر
أذاعته الفضائيات
نقلته كُل الصحف و المجلات
فلمّا إلى المعتقل
وصلَ الخبر
وعرف أبو نصار
أن ولده هو الطيار البطل
حمد الله بما هو أهل له
و قال لمن أراد بفقيدة أن يعزيه
بالرغم أني لفقده حزين
إلا أني به من الفخورين
أما أمه فلما أيقنت
أن ابنها هو البطل
زغردت
و قالت ولدي مغوار ابن مغوار
و دعت الله أن يجعله شفيعًا
لها و لوالده و لسبعين من أهله
يوم الفرار
ثم وزعت الحلوى على الزوار
معلنة على الملأ
أن إخوتة الأربعة الباقين
فدوى للوطن والدار
أما مدرسته
ففي اليوم التالي قررت
قررت أن تقيم
نصبًا تذكاريًا للعصفور
و تكتب عليه
من هنا انطلق شعاع النور
الذي أضاء الطريق
فلنواصل المشوار
و لنواصل المشوار
أن طار عصفور
"كثار" عصافير شعبنا "كثار"
إن متنا
فالعصافير ستواصل المشوار
لأنها قررت الانتصار . . .
رأس الخيمة / الرمس
الثانية من عصر الجمعة 27 / آذار / 2005 م
أبو العبـــــــــــــــد
صالح عبد الكريم أبو شندي
هذه القصيدة نظمت للمشاركة باحتفالات مكتبة اليقظة برأس الخيمة بمناسبة يوم الأرض الذي أقامته لهذه المناسبة أيام 29،30،31 / 3 2005 م ، و أوكل إلىّ تقديم الشعراء المشاركين وهم الشاعر أحمد العسمي
التعليقات (0)