عصر الاحتيال

علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــ
aliatia123@yahoo.com
كاتب وصحفي عراقي

يذكر بعض الدارسين ان هناك كتاباً طريفاً للجاحظ اسمه (حيل اللصوص) يدون فيه الجاحظ بماعرف عنه من استقصاء وفطنة بعض ماسمعه وشاهده وقرأه عن طرق الاحتيال التي مارسها لصوص ذلك الزمان الذي عاشه ! فلكل زمان رجال ولصوص ! لكن يداً معينة لم تسمح بطباعة او استنساخ (حيل اللصوص) ربما حفاظاً على اموال وممتلكات الناس وحسناً فعلت هذه اليد او حسب تعبير العرب القدامى (لاشلت يداك) مع ان بعضهم يقول قولاً مستحسناً بلسانه فيقال له (لاشلت يداك)!!.
اقول ان اليد التي غيبت هذا الاثر الادبي ارادت ان تحمي المجتمع من شرور المتعلمين لحيل اللصوص لكننا نعيش في عصر العولمة وثورة الاتصالات الكبرى ومن يعطس في مجاهل افريقيا فان الفضائيات يمكن ان تنقل عطسته عبر الاقمار الصناعية خاصة اذا كان يضر وينفع وله جاه او على حد قول المثل الشعبي (الغني فلوسه بعبه والناس تحبه)! .
وجدت هذا المستهل الطويل نسبياً مدخلاً لأعرض اخر مبتكرات اللصوص في ورقة كهرباء مصورة بالسكنر ومحذوف منها اسم صاحبها يحمل نماذج منها شخص تبدو عليه سيماء متسول وهو يستغل خلو البيوت صباحاً من الرجال ليعطي الورقة المزورة بوصفه محصل اجور الكهرباء وانه يقوم بأستحصال الاجور مباشرة ثم يوقع على ظهر الورقة المزيفة بعد ان يستقطع اثني عشر الف دينار ويغادر الى زقاق اخر !.
ان مثل هذه الطريقة يمكن ان تفسر لنا سر الخروقات الامنية التي تعكر صفو التحسن الامني النسبي في عصر تكمن سر قوته في المعلومة ولقد صح القول (من يعرف اكثر فان قوته تتناسب مع معرفته) فلقد مضى زمن العضلات والشوارب المفتولة وجاء عصر الشبكة العنكبوتية وانتقلنا من عصر تأميم النفط الى عصر تأميم المعلومات ! .