عصابات المافيا في الدوائر الحكومية

شاكر محمود تركي

عصابات المافيا في الدوائر الحكومية هو ليس عنواناً لأحد أفلام ممثل (الاكشن) المصري (أحمد السقا) بل هو داء جديد وعلة أخرى تضاف الى مئات المعضلات والمشاكل والعلل التي تجتاح دوائر الدولة على مختلف أنواعها وتخصصاتها، ونتيجة للفساد الاداري الذي ينخر في وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية أنتشرت وبشكل لا يتصوره العقل (الشللية) ومجموعات الضغط والمعروفة سياسيا بـ(اللوبي) في كل دائرة ومفصل حكومي
تكون هذه المجموعة هي المسيطرة على الأمور الادارية والمالية لتلك الدائرة، وتتخذ من مدير تلك الدائرة أو المؤسسة الستار الواقي والدرع الحصين والذي من خلاله تمارس جميع الصلاحيات وتنفذ الاجندات الخاصة بها من سيطرة مالية وإدارية والتي تشمل على سبيل المثال وليس الحصر (الايفادات داخل العراق وخارجه، المكافآت، كتب الشكر والتقدير، الساعات الاضافية، اختيار الموقع الاداري المريح والمربح في الادارة، العمل في اللجان من خلال المبدأ الشعبي المعروف فيد وأستفيد، الدرجات الوظيفية، حيث بعض الموظفين درجاتهم الوظيفية أكبر من أستحقاقهم الحقيقي) وغيرها من الامور الادارية التي لا تعد ولا تحصى، هذه المجموعات شكلت مافيا خطيرة متحكمة مسيطرة لا رادع لها، ولا يستطيع أحد الوقوف أمامها لانها عادة ما تكون منظمة وتشكل دائرة داخل الدائرة الأم، ولا تكاد وزارة أو دائرة حكومية تخلو من عصابات المافيا، والتي أصبحت تعمل في وضح النهار على وفق تنظيم أداري متسلسل، هذه المجموعات تكون معرقلة لعمل الدائرة وهي أيضا قوة محاربة لكل كفاءة فنية أو إدارية تعمل بجد وإخلاص من أجل خدمة المجتمع، كما أن هذه العصابات هي أخطبوط ضخم يستحوذ على المشاريع وأدارتها على وفق مصالح خاصة لأصحابها.

هذه المجموعات الموجودة حاليا وبكثرة في مؤسساتنا الرسمية تتشكل من أفراد عدة فمنهم الموظف الكبير والموظف الصغير الى السائق وحتى موظف الخدمات، بل حتى موظف أو موظفة الاستعلامات، وقد أزداد خطر واعداد هذه العصابات بعد الاحتلال الامريكي، وذلك لعدم وجود القوانين الرادعة، وكثرة ظواهر الفساد الاداري، وضعف الرقابة الحقيقية على أعمال المؤسسات الحكومية على الرغم من ظهور دوائر (المفتش العام، والنزاهة)، كما أن قلة كفاءة مجمل المديرين العامين ومديري الدوائر وضعف شخصيتهم وخوفهم وحب أغلبهم للمال والنفوذ كان السبب الرئيس لانتشار هذه المافيات، حيث يكون مدير الدائرة هو الحلقة الابرز في تلك المجموعة، ويعمل وفقا لمخططاتها وتحت أمرتها، هذه المجموعات تكون مغلقة على نفسها وعادة ما تحارب بضراوة عند اقتراب الخطر منها أو مجرد إحساسها به، لذا يجب دراسة هذه الظاهرة بصورة جدية و وضع الخطط السليمة والصحيحة من أجل معالجتها والقضاء عليها، لانها ستبقى تنخر في جسد وزارات الدولة، كما انها السبب الرئيس في فشل عمل دوائر الدولة، وخصوصا أذا ما علمنا حجم المبالغ والاموال التي تتعامل بها عصابات المافيا تلك، فكلما ازدادت هيمنة هذه المجموعة في دائرة ما نلاحظ زيادة الفساد الاداري والمالي في تلك الدائرة حتى يخيل للمرء أن هذه الدائرة الحكومية هي أقطاعية لمجموعة من الاشخاص أو هي بالتحديد شركة مساهمة خاصة بهؤلاء الافراد فقط، وحتى لا تستمر حالة الفشل هذه، ولتقليل سيطرة وسطوة مجموعات المافيا في دوائر الدولة يجب تشكيل هيئات أو لجان منتخبة من منتسبي تلك الدائرة تكون بمثابة الرقيب لجميع أعمال دائرتهم ،هذه اللجنة المنتخبة والتي تتخذ قراراتها بالأغلبية، عليها أن تتكون من (المدير العام، مدير الادارة، مدير الدائرة القانونية، الرقابة المالية، وخمسة منتسبين من موظفي الدائرة يتواجدون في تلك اللجنة عن طريق الانتخاب المباشر) ويجب أن تكون مدة صلاحيات هذه اللجنة عاماً واحداً فقط، ليعاد بعد ذلك أنتخاب لجنة جديدة، حتى لا تتحول اللجنة السابقة الى مجموعة مافيا جديدة تستحوذ على الاخضر واليابس وبقوة القانون هذه المرة، هذه اللجنة لا تكون بديلاً للمدير العام بل هي عون له في تسيير الامور، وايضا يكون هناك رقيب على المدير العام يحد ولو بشكل ما من سيطرته، كما أن هذه اللجنة تكون خير رادع لأية مجموعة مافيا تحاول فرض سيطرتها على مقدرات الدائرة (بمعاونة مديرها أو رغماً عنه)، ولكثرة الأزمات السياسية (الحقيقية والمفتعلة) التي تعصف بالبلد أستفحل أمر تلك المجموعات في وزارات ودوائر الدولة لان السياسيين وعلى مختلف توجهاتهم وكياناتهم، وكذلك أعضاء مجلس النواب لاهون ومغيبون وبعيدون عن عمل مؤسسات الدولة، حيث أصبحوا (البرلمانيون) جزءاً من المشكلة، لعدم ممارسة دورهم الرقابي الصحيح في متابعة عمل ومشاكل وزارات الدولة.