مواضيع اليوم

عشر سنوات من الكتابة

عزالدين أمزيان

2009-05-08 07:57:07

0

بانصرام شهر أكتوبر من السنة الماضية أكون قد أكملت عقدا بالتمام و الكمال منذ بدايتي الأولى في التعبير عن خواطري و يومياتي بواسطة الكتابة التي لم أكن قبل ذلك التاريخ أجيد حتى تركيب جملة واحدة تفيدني و تصلح أن تقرأ من طرف الآخرين..

 

10 سنوات مرت سريعة و بطيئة في نفس الوقت، تعلمت خلالها أشياء لا تعد و لا تحصى، فأصبحت أستوعب الأمور بشكل آخر بمرور الأيام، خاصة عندما تحققت لي بعضا من الأحلام التي كنت حالما بها من قبل، و كنت متأكدا أنه سيأتي اليوم الذي سأتلذذ بسعادتها التي لا توصف عندي، فأثبت للكثيرين أنني لم أخطا طريق نسج علاقة أبدية مع الكتابة عبر بوابة القراءة.

ككل بداية، كانت هناك الكثير من المثبطات و المشاكل التي لاحقتني و جعلتني أتخلف عن ركب المزيد من تحديات إثبات الذات و تحقيق تلك الأحلام الجملية، ليبقى للفقر دوره الكبير في تأجيلها، و في نفس الوقت في دفعي من حيث لا يدري الآخرون في التشبث بخيط أمل أن أمنح لنفسي خارطة طريق نجاحي عبر ثنائية القراءة و الكتابة...

 

أتذكر جيدا أنه خلال أولى أيامي مع الكتابة، كنت أقوم بتدوين ما جرى لي يوميا في أوراق لا زلت أحتفظ بها في أرشيف خاص، أوليه عناية كبيرة لما يختزله عندي من أهمية لا تتصور، هذه اليوميات هي بالذات من وطدت علاقتي المتينة مع الكتابة، دون أن أنسى بطبيعة الحال جمع و كتابة الخواطر المتعلقة بنادي الوداد الرياضي، و التأثير البليغ الذي أحدثه كتاب الخبز الحافي في دواخلي لما علمت من بين صفحاته أن صاحبه المرحوم أحمد شكري، لم يتعلم القراءة و الكتابة إلا في العمر الذي سأنطلق فيه أنا في مطاردة حلم أن أصبح صحافيا أو كاتبا...

 

هذا الحلم المشروع سيكون المحفز الكبير بالنسبة لي للاستمرار في المزاوجة بين ثنائية القراءة و الكتابة و العمل يوميا على تثقيف نفسي و تطوير أسلوب كتاباتي، حتى لو تطلب مني ذلك مضاعفة الجهود و التغلب على الكثير من المعيقات التي وجدتها في طريقي و أنا المتسلح بقوة الإرادة و عزيمة التحدي لكسب كل التحديات.

 

ستشكل بالنسبة لي ثنائية القراءة و الكتابة المتعة الوحيدة خلال هذه المدة التي وصلت لعقد من الزمن، متعة لا تفوقها إلا متعة مشاهدة نادي الوداد الرياضي ينتصرا رقما و يقدم مستوى راقي يعيد لي و لجميع أفراد الأسرة الودادية بعض من الكبرياء و الكرامة التي نخرتهما المشاكل الداخلية و الخارجية للقلعة الحمراء، مشاكل كانت تستغلها أغلب الجرائد المغربية لنشر عناوين كبيرة في صفحاتها الأولى لجذب أكبر عدد ممكن من القراء، فكنت واحد منهم، حيث كنت أعمل على شراء أي جريدة أجد أنها تخصص موضوعا أو مقالا حول وداد الأمة، حتى يتسنى لي معرفة تفاصيل ما يحدث داخل القلعة الحمراء، و أن تكون لي بالتالي ثقافة ودادية تشفع لي بإخراس الأصوات التي تعارضني الرأي في كون نادي الوداد الرياضي هو قاطرة كرة القدم المغربية أحب من أحب و كره من كره..

 

بمرور الأيام و الأسابيع بدأت أحس أنه يمكن بمزيد من المجهودات أن أحقق ذات يوم قريب ما خططت له مسبقا، فحاولت في البداية أن أراسل بعض الجرائد التي تخصص بعض من صفحاتها لمن هم في وضعيتي و احتضان انتاجاتهم الأدبية و الفكرية، فكانت النتيجة مشجعة و واعدة، و أنا الذي كنت أمني النفس في يوم من الأيام برؤية اسمي منشورا بإحدى المنابر الإعلامية و ليس موضوعا لي..

 

كثيرة هي المحاولات التي قمت بها لإثبات الذات، و الحصول على منشط تقوية طموحاتي و جعلي أسير بسرعة مضاعفة حتى لا يضيع مني المزيد من الوقت، فيكفي ما ضاع خلال العقدين السابقين من حياتي، و منه لا مجال هنا للتهاون مرة أخرى، و جعل الآخرين و هم من أقرب المقربين، يواصلون سلسلة تهكمهم و استهزائهم حتى و إن كانوا أسوأ حالا مني و تحققت لهم بعض الأشياء بفضل ضربة حظ و ليس وفق تخطيط مسبق و محكم...

 

من بين المسائل التي كنت مواظبا عليها و التي تتعلق بطقوس ممارسة ثنائية القراءة و الكتابة، هي الإنعزال عن الآخرين و استغلال أكبر مدة زمنية ممكنة داخل المنزل، أما خارجه فكنت و لا زلت أستغل الطريق الممتد من صاحب كشك بيع الجرائد و المكان الذي سأقرأ فيه تلك الأعداد اليومية من الجرائد المغربية و العربية في بعض المناسبات، و كم من مرة كنت فيها قاب قوسين أو أدنى من السقوط في بالوعة أو الإصطدام مع حائط أو ما شبه ذلك، كما أن الألطاف الربانية كانت بجانبي و شاءت أن لا تصدمني سيارة ما...

 

مع توالي الأيام كان هناك ما يشبه الروتين اليومي المصحوب بالكثير من النزاعات الأسرية التي يطالبني أعضاءها بالتوقف النهائي عن هذه البلية السلبية الجديدة و الإهتمام بالدراسة التي كنت وقتها قد وصلت لمرحلة اللاعودة للإجتهاد فيها، فكنت أكره أن أحمل بين يدي مقررا دراسيا حتى مع اقتراب موعد الإمتحانات الثانوية، مقابل متعة ما قبلها و ما بعدها من متعة مطالعة الجرائد و المجلات لما يقارب السبع ساعات في بعض الأيام دون أحس بالملل أو التعب من ذلك، بل على عكس من ذلك كانت شهيتي مفتوحة لقراءة المزيد من المقالات و المواضيع، و كتابة مواضيع و مقالات مختلفة، أعيد صياغتها مرتين أو ثلاث أو أكثر في بعض الحالات، و القيام بعد ذلك بإرسالها لأكثر من جريدة حتى تجد طريقها نحو النشر..

 

نشر تلك الكتابات الشخصية بالعديد من المنابر الإعلامية كان النبراس الذي أنار ظلمة طريق التحدي الذي رفعته من قبل، و كان له الأثر الإيجابي البليغ في مدي بطاقة مضاعفة لمطاردة خيط دخان هذا التحدي، دون أن تكون هناك حرائق بسبب هذا الدخان، خاصة مع تربص الآخرين الذين زادت حدة ضغطهم عندما أخفقت لموسمين متتالين في الحصول على شهادة الباكالوريا، فكانوا يعيدون تذكيري في كل مناسبة بأسطوانتهم المعروفة حتى يكون لحنها قاسيا شافيا لكل ما قالوه من قبل حسب وجهة نظرهم التي كنت أواجهها بمعارضة أخرى ...

 

و إذا كان نشر إنتاجاتي الأدبية من خواطر و مقالات و قصائد شعرية يمنحني المزيد من الثقة في الذات، فإن تصرفات بعض من أعطيهم نسخا من الجرائد التي نشرت تلك الكتابات، كانت تزعجني كثيرا و كثيرا ما كانت سببا في نشوب خلاف مع أحدهم أو أخذ فكرة نهائية عنه و وضعه في لائحة المغضوب عليهم، كما أن البعض الآخر لم يكن ليفرح عندما يرى اسمي منشورا مرارا بالجرائد المغربية نظرا لنسبة الحسد و الحقد الدفينين المرتفعة  بدواخلهم، و عكس ذلك كانت هناك بعض الفلتات، خاصة أحد زملاء الدراسة الابتدائية الذي ستفرق بيننا السنين قبل أن نلتقي صدفة بعد 10 سنوات من انقطاع أخبار كل واحد عن الآخر، بالمعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية بمدينة صفرو، شتنبر 2003، حيث كان يطلب مني أن أقتني له نسخة من كل جريدة نشرت لي شيئا ما، الشيء الذي كنت أسعد به أيما سعادة، و أقوم بمده بنسخته المطلوبة مسبقا، هاته الأخيرة كنت أرفض تلقي مبلغها عندما تكون أحوالي المادية تتجاوز عتبة الصفر درهم بالجيب...

 

يمكن لي تقسيم هذا العقد الزمني من علاقتي الوطيدة بالكتابة إلى قسمين متساويين من حيث المدة، فالنصف الأول من هذا العقد عرف غزارة في الإنتاج المتنوع بين ما هو رياضي ودادي و أدبي و اجتماعي و سياسي، في حين تخصصت خلال النصف الثاني في كل ما هو كروي صرف، فلم أكتب شيئا خارجا عن هموم و قضايا نادي الوداد الرياضي إلا في ناذر الأحوال، و ذلك لسبب بسيط هو إطلاقي منذ ربيع 2004 موقعا إلكترونيا حول القلعة الحمراء، موقع سيأخذ كل وقتي و جهودي، فكان بمثابة البوابة الحقيقية التي سأحقق من خلالها الكثير من الإنتصارات، فجعلني أكسب المزيد من نقاط التمييز على حساب التيار المعارض لتوجهاتي المخالفة لهم، و يقيني التام بأنهم لا يتوفرون على الشجاعة الأدبية للإعتراف لي بهذا النصر، و صواب الطريق الذي سلكته بمجهودات شخصية لا دخل لأي واحد على وجه هذه الكرة الأرضية..

 

البدء في ممارسة التجارة بعد الإنتهاء من الدراسة بالمعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية شعبة تقني محاسب في تسيير المقاولات صيف 2003 سيجعلني قليل الكتابة مقارنة بالخمس السنوات الماضية التي كنت أجد فيها الوقت الكافي للكتابة و إعادة تنقيح كل ما كتبته حتى يكون في مستوى تطلعات من سيقرؤه مستقبلا، و الأكثر من هذا أنه سنة بعد انقطاعي عن الدراسة و التي واكبت سنتي الأولى في التجارة، سأبدأ من جديد في متابعة دراستي و هذه المرة في مدرسة خصوصية و بمدينة تبعد عن مدينتي الأصلية بثلاثين كيلومترا و أعني بها العاصمة العلمية للملكة المغربية، ليصير وقت الفراغ بالنسبة لي قليلا و بالتالي لم أكن أجد الوقت للكتابة باستثناء كل ما يتعلق بالموقع الإلكتروني الذي أديره بمفردي، و في نفس السياق لم يكن لدي الوقت الكافي أيضا للقراءة فكنت أستغل على سبيل المثال لا الحصر المسافة الفاصلة بين صفرو و فاس في قراءة الجرائد و المجلات داخل حافلات النقل رغم انعدام الظروف المناسبة لذلك، نظرا لإهتراء تلك الحافلات.

 

لتقييم مستوى كتاباتي و قياس درجة استعدادي لأن أصبح صحفيا أو كاتبا في المستقبل، حاولت مراسلة من كنت أظن أنهم سيقدمون لي الدعم المعنوي و العمل على الآخذ بيدي كما حدث معهم لما كانوا في نفس مرحلتي و سني، لكن سيخيب ظني بالجميع تقريبا إلا من رحم ربي، فكان التجاهل و عدم الرد على رسائلي البريدية في بدء الأمر ثم الإلكترونية خلال المرحلة اللاحقة، و كنت في كل مرة أقرر بشكل نهائي و أقسم على ذلك بأن امتنع مستقبلا عن مراسلة أي شخص بما فيهم أولئك الذين كانوا يبدون لي من خلال كتاباتهم أنهم مختلفين عن الآخرين و عانوا كثيرا قبل أن يصبح لهما شأن داخل المجال الإعلامي و الأدبي...

 

ما كان يزيد من حيرتي و امتعاضي، هو قيام أكثر من منبر إعلامي بنشر المواضيع التي أنشرها بالموقع الذي أديره دون أن يكون لهم ذرة حياء واحدة لتذيل الموضوع بمصدره و كتابة اسم صاحبه أو استئذانه قبل النشر، و عندما أقوم بمراسلتهم قصد العمل معهم كمراسل مثلا من مدينتي أو المنطقة التي أنتمي إليها، يكون ردهم كالعادة التجاهل و وضع رسائلي في سلة المهملات، فيزداد يقيني التام أن الكل سواسية و لا يوجد بين القنافذ من هو أملس، لما لا و هم أنانيون بطبعهم و انتهازيون بالفطرة، لا يرغبون في النظر في وجه من يحتاج لقليل من الدعم المعنوي، كما حدث لهم لما كانوا في مثل سني و في بداية مشوارهم، و الأكثر من هذا تجدهم يكثرون من خطابات النزاهة و الإنسانية و نكران الذات من أجل رسالة سامية، في مقالاتهم حتى يضحكوا على الشعب المسكين، فكنت واحدة منهم لم أستيقظ من غفلتي إلا مؤخرا.

 

فلحد كتابة هذه السطور لم أجد اسما واحدا نزل من برجه العاجي و قام باحتضان هذا المشروع الواعد و توجيهه توجيها صحيحا و تصحيح إعوجاجاته، رغم أنني لم أترك منبرا أو شخصا إلا و راسلته أكان ذلك عبر البريد العادي في البداية أو عبر البريد الإلكتروني فيما بعد، و في كل مرة أقسم على أنني لن أعيد تكرار نفس الخطأ الذي ارتكبته عندما راسلته هؤلاء الأنانيون الانتهازيون النفعيون، لكن كلما خرجت جريدة للوجود أقول مع نفسي أن فرصتي قد حانت، و ما علي سوى كتابة رسالة لرئيس التحرير و مفاتحته في موضوع احتمال التحاقي بطاقم التحرير، واضعا أمامه بعض من المواضيع التي أواظب على كتابتها، و تذكيرها بمساري بصاحبة الجلالة و أنني أدير لوحدي موقع الموسوعة الإكترونية لنادي الوداد الرياضي، موقع يتطلب مجهود الكثير من الأشخاص و ليس واحدا كما هو في حالتي الشخصية.

 

لا أخفيكم سرا إذا قلت لكم أن هذا التجاهل غير المبرر يدخلني على الدوام لمدرسة الأحزان، و يؤثر سلبيا على نفسيتي المهزوزة أصلا، و يدخل الشك لكياني بأنني متطفل على مجال الكتابة و لا أملك أدوات الانضمام لميدانها، و ما علي سوى التوقف النهائي عن الكتابة و تركها لمن هو أفضل مني.

 

لكن الحمد لله، أنني استطعت القضاء على تلك الأفكار السوداوية بشكل نهائي، مستمرا في مزاولة الكتابة التي أتنفس من خلالها أوكسجين البقاء، محاولا قدر الإمكان تطوير أسلوب كتاباتي عن طريقة قراءة المزيد من الجرائد و المجالات و كتابة المواضيع بشكل يومي.

 

من بين الأخطاء التي ارتكبتها، و سأحاول جاهدا في مستقبل الأيام عدم الوقوع فيها، تلك المتعلقة بميلي للكم مقابل الكيف، الأمر الذي جعل أفرق جهودي بين الكثير من المواضيع و لا يكون بتالي مستواها جيدا و قابلا للرقي و نيل استحسان الآخرين، حيث كان من الممكن العمل على تلك الكتابات التي سبق لي تحريرها، و ذلك بتنقيحها و إعادة صياغتها من جديد مع إدخال تحسينات، هكذا كنت سأكون قد كتبت أقل مما كتبتها لحدود كتابة هذه السطور، لكن محتواها جيد و أسلوبه رائع عكس ما أنا عليه حاليا.

 

لهذا فقد قررت العمل على ما سبق لي كتابته من قبل، و ترتيب ذلك مع ضرورة التخصص هذه المرة، حتى لا أوزع مجهوداتي على أشياء كثيرة لم تعطي ما كنت أصبو تحقيقه من وراءها، هذا العمل سيتطلب مني وقتا أقل بكثير من الذي كنت أخصصه لكتابة المواضيع الكثيرة و بشكل يومي بالموسوعة الإلكترونية لنادي الوداد الرياضي، و رغم ذلك فإنني سأجني من وراءه الشيء الكثير، و سيكون لها صدى كبيرا داخل الأوساط الكروية و دخول مجال التأليف الرياضي، الذي يعرف خصاصا كبيرا خاصة في الشق المتعلق بالتأريخ..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !