مواضيع اليوم

عزوف المثقفين عن المناسبات الثقافية

nasser damaj

2010-11-03 10:18:08

0

عزوف المثقفين عن المناسبات الثقافية  
خليل الفزيع 

ثمة حقيقة لابد من الاعتراف بها وهي أن الاعتقاد السائد عن عزوف كبار المثقفين عن إدارة المؤسسات الثقافية هو في حقيقته اعتقاد غير صحيح إلى حد كبير، ولا تتوافر له خلفية علمية مبنية على إحصاءات دقيقة، خاصة أن معظم القياديين في هذه المؤسسات هم من كبار المثقفين، ومن الطبيعي أن وجودهم في هذه المؤسسات يساعد على وجود زملائهم من المثقفين، بالحضور أو بالمشاركة في الفعاليات الثقافية، وإذا افترضنا وجود هذا العزوف فله أسبابه، ومن ذلك اهتمام بعض المؤسسات الثقافية بموضوعات تهتم في الدرجة الأولى بغير المثقفين، ثم إن كبار المثقفين لديهم مشاغلهم ومسئولياتهم التي ربما لا تتيح لبعضهم حضور تلك الفعاليات، وهنا يأتي دور هذه المؤسسات في السعي لاجتذابهم عن طريق الاستعانة بهم في تخطيط وتنفيذ بعض المشاريع الثقافية، والرجوع إليهم في بعض الأمور باعتبارهم مرجعا للثقافة في المناطق التي يتواجدون بها.
والعزوف عن حضور فعاليات هذه المؤسسات لا يقتصر على كبار المثقفين بل ه، وهي حالة تعاني منها ي حالة تشمل الجميع بدرجات متفاوتة، ومع ذلك فإن الموضوعات ذات الجذب الجماهيري تحظى بحضور مكثف، فإذا أرادت المؤسسات الثقافية تكثيف الحضور لفعالياتها عليها أن تهتم بما تقدمه، لأن الموضوعات التقليدية لم تعد تلفت النظر، خاصة مع وجود مصادر معرفية وتثقيفية أخرى أصبحت بمتناول الجميع.
وتسرب بعض القيادات البيروقراطية للمؤسسات الثقافية يحول بينها في الغالب وبين أداء رسالتها على أكمل وجه، ومن أولويات نجاح هذه المؤسسات أن تسند مهامها إلى المثقفين أنفسهم، أو على الأقل الاستفادة منهم في مجالات التخطيط والتنفيذ لفعالياتها الثقافية، إذا أريد لها تحقيق النجاح، على أن تركز أساسا على ما يهم القطاعات المستفيدة من تلك الفعاليات، فالفئات المستهدفة لأي فعالية ثقافية هي التي لابد أن تؤخذ في الحسبان حين اختيار الموضوعات المطروحة، ومعظم أسباب الفشل الذي يصاحب بعض الفعاليات الثقافية هو سوء الاختيار سواء للموضوع أو للمتحدث عن هذا الموضوع، حيث يلعب التخصص دوره في تحقيق الشمولية والإشباع لما يطرح من جميع النواحي المطلوبة ودون تغافل لأي جانب لأسباب أو لأخرى، وهذا يقودنا إلى حرية الطرح وحرية المناقشة، فالطرح الذي يراعي ظروفا سياسية أو اجتماعية تمنعه من الصراحة وفي الحدود الأخلاقية المعروفة، هو طرح غير شمولي وغير مشبع لنهم حب المعرفة لدى المتلقي، ولا شك أن حرية المناقشة لا تقل أهمية عن حرية الطرح، بل هي مكملة لها لتحقيق الهدف المراد الوصول إليه بأقرب الطرق.
إذا عزف المثقفون عن قيادة أو حضور بعض الفعاليات الثقافية، فمن المؤكد أن لذلك أسبابه التي يفترض أن يبحث عنها المشرفون على تلك الفعاليات، فهي لا تقام لمجرد القيام بها، بل تقام لتحقيق هدف معين أو مجموعة أهداف يمكن أن تتحقق إذا تحقق حسن التنظيم وحسن الاختيار وحسن الإدارة، ولا ننسى أهمية المتابعة في هذا المجال لأن الكثير من الملتقيات والندوات الثقافية التي تقام في طول وعرض العالم العربي لا تحظى في غالبيتها بالمتابعة، وكثيرا ما تنتهي قراراتها أو توصياتها إلى الحفظ في ملفات الإدارات المنظمة، ولا شيء غير ذلك، حتى وإن توافرت على أهمية كبرى في تحقيق التقدم والازدهار للحراك الثقافي العربي، وكأن الثقافة رغم أهميتها لا تشكل حيزا كبيرا من اهتمام أصحاب القرار في أي بلد عربي.
ولعل مما يجب بحثه قبل تنظيم أي نشاط ثقافي هي أسبابه وأدوات تنفيذه ونتائجه المتوقعة، لينطلق ذلك النشاط من قاعدة صلبة تضمن له النجاح المنشود، وما دامت النية متوفرة لمشاركة كبار المثقفين في مثل هذا النشاط فإن الوصول إليهم ليس مستحيلا، بل ان منهم من يملك روح المبادرة من خلال تقديم بعض المشاريع الثقافية التي قد تصطدم بما تفرزه الإجراءات الإدارية من إحباط يكون سببا في إجهاض مشاريع ثقافية ستكون رائدة ومؤثرة لو قدر لها الظهور.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات