عرب فلسطين 48 والنافذة التي فتحها لهم الاردن بعد طول انتظار
عرب إسرائيل هم عرب الـ48 أو عرب الداخل أو فلسطينيو 48 هي التسميات الشائعة في العالم العربي للعرب الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل (حدود الخط الأخضر، أي خط الهدنة 1948)، ويملكون الجنسية الإسرائيلية. هؤلاء هم من الفلسطنيين الذين بقوا في قراهم وبلداتهم بعد حرب 1948 وإنشاء دولة إسرائيل.
و اخضعت قوات الاحتلال القرى و المدن العربية الى حكم عسكري شديد و استمر الحكم العسكري منذ إقامة الدولة عام 1948 وحتى عام 1966. لم يسمح حسب الأوامر العسكرية للمواطنين العرب بالخروج من مدنهم وقراهم إلا بتصاريح من الحاكم العسكري. باستثناء القرى الدرزية، إذ قررت القيادة الدرزية التعاون مع دولة الاحتلال بما في ذلك الخدمة في الجيش الإسرائيلي. كما تم الاعلان عن القرى المهجرة كمناطق عسكرية مغلقة.
جرت محاولة لإلغاء الحكم العسكري في عام 1963 إلا أن هذه المحاولة فشلت. ثم لاحقا تطورت في إسرائيل قوى يسارية وتقدمية ترفض الصهيونية وتنادي بالتقارب مع العرب ساهمت في رفع الحكم العسكري عام 1966. من المفارقات أن مناحيم بيغن زعيم "حيروت" وهي الحركة القومية التي صارت تسمى لاحقا "ليكود" كان مع فكرة انهاء الحكم العسكري.
تم الغاء الحكم العسكري في عام 1966، عند إلغاء الحكم العسكري، تحسن وضع عرب 48 خاصة من الناحية الاقتصادية، ولكنهم أصبحوا منعزلين عن الدول العربية من جانب واحد ومن المجتمع اليهودي من جانب آخر. بدأ هذا الوضع يتغير بعد حرب حزيران عندما تم فتح معابر الحدود بين إسرائيل والأردن وذلك عن طريق الضفة الغربية التي احتلها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب.
طرأ تحسن ثاني بوضع عزلتهم بعد توقيع معاهدة السلام الإسرائيلي المصري عام 1979 وذالك عندما فتحت الحدود بين إسرائيل ومصر. ساعدت مصر المسلمين بأداء فريضة الحج بواسطة اتفاق خاص بين إسرائيل ومصر والأردن. حسب هذا الاتفاق الثلاثي منحهم الأردن جوازات سفر أردنية مؤقتة لموسم الحج.
عرب 48 معفيون من الخدمة العسكرية لاسباب سياسية واجتماعية. أما الدروز فيلزمهم القانون بالخدمة العسكرية. و هم يعرفون انفسهم كفلسطينيين ويرفضون الانخراط في الجيش والمجتمع الإسرائيلي.
عرب 48 يواجهون موجات تحريضيه دائمه من اليمين الإسرائيلي وويوصفون بانهم القنبله الموقوته لإسرائيل لان اعدادهم تتزايد بنسب أعلى من اليهود في إسرائيل وبالتالي يشكلون خطرا ديموغرافيا على الدوله الصهيونيه.
اي ان عرب فلسطين فقدوا اي تواصل مع محيطهم الفلسطيني من عام 1948 الى 1967 اي حوالي عشرون عاما و هم في العزلة و العالم العربي نسيهم و تناساهم و الانكى من ذلك انه ساهم في مقاطعتهم و اي اتصال مع عرب 48 كان يعتبر تطبيع من قبل بعض الدول الثورية العربية .
و بعد اتفاقيات السلام مع مصر تحسن الوضع قليلا و اصبح لديهم اتصال مع محيطهم العربي و لكن النافذة الحقيقية التي فتحت لهم هي بعد اتفاقية السلام مع الاردن اتفاقية وادي عربة "قد تكون الحسنة الوحيدة في اتفاقية وادى عربة" و تم فتح المعبر الشمالي او معبر الشيخ حسين فاصبحت المدن العربية الشمالية على بعد عشرات الكيلومترات من اربد و المدن الشمالية الاردنية و اصبحنا نرى عرب 48 في الاماكن السياحية في الاردن و كذلك معظم الحفلات الغنائية التي تقام في الاردن يتواجد نسبة لا بأس بها من عرب 48.
و لكن الفائدة الكبرى تحققت لهم بأوامر المغفور له جلالة الملك حسين رحمه الله بفتح الجامعات الاردنية بحرية لطلاب عرب 48 و تذليل العقبات لهم .و كان الخيار الوحيد المتوفر لهم قبل ذلك هو الدراسة في الجامعات الاجنبية او الاسرائلية . يعتبر عرب 48 التعليم الجامعي عاملا اساسيا في صراعهم القومي والسياسي، و لاستيعابهم في سوق العمل . هذه الطموحات تبرز عند كثير من الطلاب خريجي المدارس الثانوية العربية الذين ينوون الدراسة الجامعية في تخصصات ذات قيمة وهيبة اجتماعية ، مثل الطب والهندسةو الصيدلة و ذلك لاستحالة الحصول على القبول في الجامعات الاسرائلية ( لان المقابلة الشخصبة من العوامل الاساسية) .و كذلك يحتاج الطالب العربي للانتظار سنة الى ثلاثة من اجل الحصول على القبول اذا اوفى بشروط القبول الاعجازية.
الجامعات الاردنية استقبلت إستنادا الى احصائيات مجلس التعليم العالي الاردني عام 2004 1.654 طالبا وطالبة. و حسب الاحصائيات غير الرسمية يتواجد حاليا اكثر من 3.000 طالب في مدينة اربد لوحدها ( وهي المدينة الرغوبة بشدة لدراستهم الجامعية)
و تعتبر الجامعات الاردنية الخيار المفضل للاخوة عرب 48 و ذلك للقرب الجغرافي .و التقارب الاجتماعي و اللغة والثقافة العربية ، و مستوى التعليم العالي للجامعات الاردنية والتي لها مكانة أكاديمية عالمية واعتراف من مجلس التعليم العالي في اسرائيل و لغة التعليم (اللغة الانجليزية)
و نتيجة لذلك و في بحث علمي اعده د.خالد ابو عرار ود.قصي الحاج يحيى تم ملاحظة "ان الطلاب العرب قد تمت توقية لغتهم الانجليزية على حساب العربية و فقد زادت اهمية القراءة والمطالعة وشراء الكتب عند اغلب الطلاب العرب من اسرائيل الذين يدرسون في الجامعات الاردنية."
و لكن من المشاكل الذين يعانوا منه الطلاب و اخبرني اياها احد الطلاب من ام الفحم الذي يدرس الطب في جامعة العلوم و التكنولوجيا السنة الثالثة هي التكاليف الاقتصادية وهي باهظة جدا وقد تفوق مصاريف الدراسة في الجامعات الاسرائيلية وحتى في الجامعات الاوروبية. سنة الطب الواحدة تكلف الطالب بحدود عشرة الالاف دينار و تكاليف معيشة قرابة 3000 دينار سنويا،و معظم الطلاب يقومون بالعمل سنتين الى ثلاث لتوفير مصاريف التعليم قبل السفر الى الاردن .و قال لي ان طلاب عرب 48 لا يواجهون صعوبات بالتكيف الاجتماعي .
هنا و نحن فخر بكوننا يد عون و مساعدة لهولاء الاشقاء الذين حين تقابلهم و تتحدث معهم تجد ان البساطة و الطيبة القروية و العفوية و الابتسامة الصادقة ما زالت على محياهم و حتى اللهجة الفلاحية الاصيلة تقال بدون تكلف .
و هولاء تربوا و عاشوا و درسوا بيننا و بعد فترة سوف يكونوا لوبي للاردن و وسيلة مساندة و انتماء .
و هنا نترحم لجلالة الملك حسين (رحمه الله) على فتح هذه النافذه و الله يحمي جلالة الملك عبدالله و يديمه.
د. معن عبدالرحمن العداسي
http://maenaddassi.maktoobblog.com
التعليقات (0)