السلام عليكم .. في عصرية اليوم اصطحبت ابنتي الصغيرة للحديقة المجاورة لمسكننا .. و كانت هذه الرحلة المعتادة لنا من وقت لآخر كلما اجتاح الملل والسؤم مزاج ابنتي المدللة .. وما إن دخلنا تلك الجنة الصغيرة .. وإذ بها تتحول بعد خضرتها وبهائها إلى مكان أشباح متسخ .. يلقى به كل نفايات وقاذورات الحي و الأحياء المجاورة .. وتحوم به الحشرات في كل مكان .. و الخضرة الجميلة الغناء غدت مكتسية بصفرة مغبرة .. و الأكياس الممتلئة بالنفايات مبعثرة وملقى يميننا وشمالا .. و روائح النفايات تنبعث بقوة من كل مكان في أرجاء هذه الحديقة .. تفاجأنا والله بحال هذه الحديقة و بهذه القذارة وهذا التحول الغير مسبوق .. أنا بدوري قررت أن أخرج مسرعة من هذا المستنقع المهجور.. و اتجهدت قاصدة البوابة الخارجية قابضة يد ابنتي بإحكام .. لكن ابنتي أصرت أن تلعب وتلهو و لو قليلا على التلال الصغيرة الشاحبة .. هنا فكرت قليلا وقلت في نفسي .. لمَ لا أتوجه لحارس هذه الحديقة وأساله عن هذا الإهمال والنفايات المنتشرة في كل ركن من أركان الحديقة و التلوث المقيت الذي أصابها .. وفعلا ذهبت إليه وسألته .. ماذا يحصل هنا !! لمَ كل هذه النفايات والذباب والحشرات !! وأين عمال النظافة !! هنا فاجأني أن عمال النظافة معلنين عن إضرابهم عن العمل بسبب تأخر الشركة الجالبة لهم من بلدانهم في إعطائهم معاشاتهم .. حزنت كثيرا عند سماعي لهذا الخبر .. وشعرت بالظلم الواقع على هذه الفئة المستضعفة من البشر .. فنحن في بلد غني كالكويت .. وقد نكون أغنى دولة خليجية .. و دخل الفرد عندنا أعلى دخل في العالم كله .. ونأتي على هؤلاء البشر المستضعفين .. علما أن معاشاتهم لا تتجاوز 100 دولار في الشهر .. فما الذي يمنعنا من إعطائهم حقهم !! والنبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول ( اعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه ) وهؤلاء الغلابة المساكين كل واحد فيهم تارك لأهله ولأطفاله و وطنه من أجل مبالغ زهيدة بالكاد تؤمن لأسرته لقمة العيش .. و نأتي نحن المنعمون ونبخل عليهم أيضا بهذه المعاشات المتدنية .. والله إني لأشعر بالامتعاض والقهر عليهم .. ولا أعلم ما الذي ينتظرنا إن سكتنا عن هذا الظلم .. كذلك شعرت - و لأول مرة - قيمة هؤلاء المهمشين في حياتنا .. وكم لهم من دور مهم في جعل حياتنا جميلة ونظيفة و منمقة .. فعلا لا نشعر بالنعمة إلا بعد فقدانها .. وهم ( الزبالين ) وعمال النظافة نعمة عظيمة يجب أن نحمد الله عليها .. و من ضمن مظاهر الحمد التي يجب أن نظهرها و أن نتمسك بها حتى لا تزول عنا هو أن نحاول أن نرد لهم حقهم المسلوب ونساعدهم في استرداده من مَن سلبوه منهم .. وأن نأخذ على أيدي الظلمة أصحاب هذه الشركات الذين يحاولون سلب حقوق العمالة الوافدة من بنغال وغيرهم .. و نمنعهم في الاستمراء فيما هم سائرون فيه من ظلم واضطهاد .. و لن تصدقوا إن قلت لكم إن مثل هذه الشركات تمنع صرف المعاشات لهم بالأربع والخمس أشهر !! هم و الله مستغلين ضعف هؤلاء العمال وقلة حيلتهم .. ويعتقدون أن لا أحد سيقف معهم .. وأن لا معين لهم على استرداد حقهم إلا الله .. لكن هيهات هيهات .. و عن دوري فلن أسكت أبدا عن ذلك إن شاء الله .. وساذهب لمختارية منطقتنا وأشتكي على هذا الوضع وهذا الإهمال الحاصل في حديقة الحي .. و هنا سيضغط المختار على صاحب هذه الشركة لحاجته للعمال .. بالتالي سيخضع أصحاب هذه الشركة لمطالب هؤلاء العمال وسيعطونهم حقوقهم المشروعة لهم .. و الله المستعان .. كذلك - ولا أريد أن أنسى - أن أقدم اعتذاري لكل عامل نظافة قصرت حكومتي - المتعامية والمتآمرة بشكل أو بآخر مع أصحاب هذه الشركات في ظلمهم - في إعطائه حقه .. و منعته عنه .. وأقول له نحن محتاجين لك ولخدماتك ولا نستطيع العيش من دونك .. ونعدك أن نرد لك حقك .. وحقك محفوظ ولن يضيع إن شاء الله ..
أطيب المنى
التعليقات (0)