بكل معاني الإحترام والإجلال الذي يليق بمقامكم مخاطبين فخامتكم بقولنا ما هكذا تورد الإبل عذرا (مولاي)..؟ دستوركم مردود عليكم ولا مكانة له في مغرب يُطمح له أن يضاهي دستوره دساتير وقوانين الدول المتقدمة ديمقراطيا وحقوقيا..؟ وليس دستورا المراد به تجديد وتوثيق بيعة الإستعباد بين الملك والشعب كسابقيه من الوثائق الدستورية التي تجرع مرارة ديكتاتورياتها المواطن والشعب المغربي بصفة عامة، إن دستوركم الذي حسم أمره ب (نعم).. وفُرض فرضا على المغاربة الذين لم يُشرَكوا في هذا الورش التاريخي والفرصة التي إن ضاعت عليه لا تُعوض من أجل تقرير مستقبل ومصير شعب عانى ما عاناه من ظلم وإستبداد والحط من كرامته حقبة حكم العلويين..، فالمغاربة اليوم بعد خطابي التاسع مارس والسابع عشر من يونيو اللذين يُعدان إختبارا حول مدى نضجهم السياسي ووعيهم الحقوقي..مطالبون أكثر من الأول بالتفكير بحِكمة ومسؤولية في هذه النقلة الجديدة عليهم بطبيعة الحال نظرا لإنعدام الحرية والتعبير حِجَجا خلت، فبين (نعم) و (لا) يُمكن أن تضيع أحلام ومستقبل شعب بأسره..؟
إن مفهوم الدستور في الدول الديمقراطية هو مجموعة من القوانين التي تُحدد قواعد الدولة نظاما ملكيا أم جمهوريا، حكومة رئاسية أم برلمانية، وكذا إختصاصات السلط الثلاث التشريعية، القضائية، التنفيدية، وهو الدستور الذي تُقاس به الدول من الناحية الديمقراطية والحقوقية.. ويعد بمثابة وثيقة بين الحاكم والمحكوم التي تضمن لكليهما الحقوق والواجبات وهو كذلك المرجع الأسمى في الأمور الكبرى للبلاد..؟ إذ لا يُمكن بأي شكل من الأشكال في دول العالم الثالث (المغرب نموذجا) إختزال إرادة ورأي أحد من الطرفين أي الحاكم والمحكوم في صياغة دستور ديمقراطي حقيقي يُرضي الجميع تكون المصلحة العليا للبلاد فيه الأعلى والأسمى..، وهذا ما عمد إليه النظام المخزني حيث أقصيت إرادة الشعب وأستبدلت بلجنة معينة ملكيا من أجل القيام بالوظيفة المسندة إليها ليس إلا..؟ وهذا أمر مُدبر بليل، المراد به ترسيخ مبدأ العلويين في قهر شعوبهم، لا إرادة ولا مشيئة إلا للملك.. ما عدا ذلك فالطوفان أولى به ..؟
دستور معتصم جلالته جاء جامع لكل شيء إلا لحقوق الشعب المغربي وكرامته..؟ جاء بمنطق حركة العشرين فبراير تريد..، وجماعة العدل والإحسان..تُريد، واليسار يُريد، ومحمد السادس يفعل وله ما يريد..؟
فأي ديمقراطية جاء بها دستور معتصم جلالته، وأي قاعدة تشاورية بُني عليها..؟ الملاحظ هو أن أسلوب الدكاء وإرضاء بعض من يُحسب لهم الحساب كان سيد الموقف.. على سبيل المثال ليس الحصر فدسترة الأمازيغية بمنظور النظام كلغة رسمية كان المراد بها إسكات الأمازيغ مرحليا علما أن بلدنا الحبيب يزخر باللهجات على أختلاف الثقافات والألسن، ويظهر هنا للمتتبع للشأن الحقوقي المغربي غياب مبدأ المساواة واللعب على الحبال..؟ أما أحزابنا المحترمة التي ليس لها من النزاهة سوى الإسم صدق عليها قول الفيلسوف بليز باسكال شدة البعد وشدة القرب تحجب أو تمنع الرؤية..؟ فطمعها وشجعها للتربع على عرش رئاسة الحكومة ليتسنى لها القبض من حديد والتحكم في دواليب الحكم ولغرض في نفسها حجبت عنها رؤية مصلحة البلاد والشعب مع صياغة الفصول المتعلقة بباب رئاسة الحكومة، فكان ذكاء المعتصم وفقيه القانون الدستوري عبد اللطيف المانوني في هذا الشق من الوثيقة الدستورية أدهى من طمع قادة الأحزاب وأُمنائها العامين.. إذ خلصا إلى الإرتقاء دستوريا بالوزير الأول رئيسا للحكومة وتمتيعه بصلاحيات أكثر مما كان عليها سابقا إلا أن الثغرة التي لم ينتبه إليها السادة المحَزَّبون هو أن جميع قرارات رئيس الحكومة تُعرض على الملك لتزكيتها.. فهل هي إستقلالية في الإسم أم الصلاحيات..؟
بعد الخطاب الأخير لصاحب الجلالة أعزه الله علينا والذي مرر فيه إلى الشعب المغربي بطريقة غير مباشرة أمره السامي المطاع بقوله سأصوت ب (نعم) على الدستور الجديد قمة الإنفرادية بالقرارات التي تُختزل فيها إرادة الشعوب.. فدستور الملك الجديد برئاسة مستشاره المعتصم، الذي أستقبل بصدر رحب من طرف مُدمِني الملكية بالمغرب يُعيد عقارب ساعاتنا إلى نشأة حزب الأصالة والمعاصرة الذي كان يُروج لصالحه إنتخابيا حزبا للملك بغية إكتساح البرلمان إكتساحا، مستغلين فئة الملكيين المغاربة في هذا الغرض..؟ فإسم الملك أصبح ورقة رابحة توظف في هكذا أمور مصيرية..، فأين هي حرية التصويت والإختيار التي هي شرط أساسي من شروط الديمقراطية التي أنتهكت ما من مرة في ملفات كبرى للبلاد كان من المفروض أن يكون للشعب المغربي كلمة الفصل فيها.. اليوم يشهد المغرب أكبر مؤامرة ضد الشعب لإمتصاص غضبه بدستور ممنوح مفروض عليه..؟ فوااااا معتصماه ... ؟ للإشارة فالواو هنا ليس المقصود به النداء أو الإستغاثة.. بل المراد به الإستعاذة بالله من معتصم جلالته..؟
التعليقات (0)