سامحينا يا جميلة .. فليس هذا زمنك..
اغفري لنا يا أختاه ..
فقد امتد بك العمر إلى الزمن الخطأ ..
إلى زمن الخطيئة.. إلى زمن الخطاة..
اغفري لنا يا أماه..
فقد ذهبت النخوة .. وماتت رجولتنا ..
على أعتاب هذا الزمن الرديئ ..
يا لخزينا .. يا لعارنا ..
يا لعرينا ونحن نقف أمامك عاجزين كأشباه الرجال ..
وأنتِ من أنتِ ؟! ..
أنتِ جميلة بوحيرد وكفى..
أنتِ النضال جميعه.. أنتِ الكفاح أجمعه..
أنتِ التضحية في أجل وأروع وأنقى معانيها ..
أنتِ بلد بكامل شعبه .. أنتِ شعب بكامل رجاله..
أنتِ الثورة في أوج اشتعالها..
أنتِ الإلهام لأرواح مئات الألوف أزهقت على ثرى الجزائر مقاومة للاستعمار..
أنتِ الوحي لملايين الأنفس التي روت بدمائها تراب الجزائر تضحية وفداء ..
وصحافة الدنيا التي أشعلتيها بنيران ثورتك ها هي تتناقل الآن خبر تسولك المساعدة التي تعينك على البقاء على قيد الحياة..
جاء اليوم يا جميلة لتمدي يدك طلباً لقوت عيشك..
جاء اليوم يا جميلة لتلتمسي مساعدة تقيم أودك..
جاء اليوم يا جميلة لتعلني هزيمتك أمام المرض والفقر..
وأنتِ التي تحديت فرنسا كلها ..
وأنتِ التي تحديت الموت .. تحديتِ القرار بإعدامك..
وأنتِ التي سخرت من عتاة الجلادين وسياطهم تلهب ظهرك..
وعذابهم يتنزل عليك صبحة وعشيا..
يبتغون رضوخك .. ينشدون خنوعك ..
يلتمسون استسلام الجزائر في خضوعك ..
وأنتِ التي ما لانت لك قناة أمام فرنسا كلها ..
وما وهنت لك عزيمة أمام جيشها وعذابها ..
ها قد جاء اليوم يا جميلة الذي لانت قناتك أمام الجوع..
جاء اليوم ياجميلة..
الذي وهنت فيه عزيمتك أمام العوز والحاجة ...
لقد تغيرت الوجوه يا جميلة ..
ذهب زمن الرجال .. وحل زمن أشباه الرجال ..
وما عاد للرجال ثمن.. ولا للأبطال ثمن..
ولا لأساطير الفداء ثمن..
فقد سبقك للعوز والمرض والنسيان ثم الموت (عبدالعاطي) أشهر صائد دبابات في التاريخ ..
بطل من أبطال حرب أكتوبر .
بطل زلزل إسرائيل بكاملها هزم أمريكا في سلاح دباباتها .
مات حسيراً كسيراً بداء الكبد مات في صمت .. في فقر .. في نسيان ..
وهناك شيخ المجاهدين .. حافظ سلامة.. شيخ الفدائيين في السويس ياجميلة الذي أذاق الانجليز والصهاينة من بعدهم مراراً لا زال مذاقه عالقاً في حلوقهم ..
شيخ المجاهدين يا جميلة بلغ التسعين من عمره ..
ضنوا عليه بالحج إلى بيت الله ..
وكذلك أنت يا جميلة ..لم يعد لك مكان..
لقد انشغل الجميع عنك..
عذراً يا جميلة ..
فقد صارت الطائرات الحربية وموارد الدولة مخصصة لكرة القدم ..
صارت حروب كرة القدم أهم منك ..
وأهم من تكريمك وأهم من جميع المجاهدين والمناضلين ..
هذا زمن البيزنس يا جميلة..
هذا زمن رجال الأعمال . زمن بيع الهواء والشمس .
زمن بيع كل شيء وأي شيء
لقد بليت وتكلست وتعفنت الكلمات التي تعرفينها من قبيل "التضحية" " النخوة" "الفداء" "العزة" "الكرامة" "الانتماء"
كلها ماتت يا جميلة في هذا العصر الشرس..
عصر المنفعة.. عصر الدولار واليورو ..
هل تعرفين اليورو يا جميلة ؟! ..
هل تعرفين رؤساء الأمة العربية ؟!
هل تعرفين أوباما .. وبوش .. وشارون .. وواي ريفر ..
وكامب ديفيد.. وجدارغزة .. و تهويد القدس ..
وغزو العراق .. وأفغانستان ؟!
ياه يا جميلة بوحيرد ..
هل وصل بك الحال يا جميلة إلى أن تناشدي عبد العزيز بوتفليقة المساعدة لتؤكدي له أن ديونك لدى الجزار والبقال صارت ثقيلة لا تتحملينها .. ومؤكدة أن مجاهدين ومجاهدات غيرك يعيشون ذات وضعيتك السيئة من حيث معاناة الفاقة والحاجة في ظل معونات تصرف لكم لا تسمن ولا تغني من جوع أمام ما يتقاضاه نواب البرلمان وغيرهم وغيرهم ..
إسمحي لي يا جميلة أن أعرفهم عليك ثانية ..
لعل اسمك سقط من ذاكرتهم الخرقاء.. لعلهم يتذكرونك ثانية..
لعلهم يعرفون قيمتك .. وقامتك..
فيوفونك بعضاً من عشر معشار حقك عليهم..
الإسم: جميلة بوحيرد
رقم الزنزانة: تسعونا
في السجن الحربيّ بوهران
والعمر اثنان وعشرونا
عينان كقنديلي معبد
والشعر العربيّ الأسود
كالصيف ..
كشلاّل الأحزان
إبريق للماء .. وسجّان
ويد تنضمّ على القرآن
وامرأة في ضوء الصبح
تسترجع في مثل البوح
آيات محزنة الإرنان
من سورة (مريم) و(الفتح)
الإسم: جميلة بوحيرد
إسم مكتوب باللهب ..
مغموس في جرح السحب
في أدب بلادي. في أدبي ..
العمر اثنان وعشرونا
في الصدر استوطن زوج حمام
والثغر الراقد غصن سلام
إمراة من قسطنطينه
لم تعرف شفتاها الزينة
لم تدخل حجرتها الأحلام
لم تلعب أبدا كالأطفال
لم تغرم في عقد أو شال
لم تعرف كنساء فرنسا
أقبية اللذّة في (بيغال)
الإسم: جميلة بوحيرد
أجمل أغنية في المغرب
أطول نخله
لمحتها واحات المغرب
أجمل طفله
أتعبت الشمس ولم تتعب
يا ربّي . هل تحت الكوكب ؟
يوجد إنسان
يرضى ان يأكل .. أن يشرب
من لحم مجاهدة تصلب ..
أضواء ( الباستيل) ضئيلة
وسعال امرأة مسلولة ..
أكلت من نهديها الأغلال
أكل الأندال
( لاكوست) وآلاف الأنذال
من جيش فرنسا المغلوبه
إنتصروا الآن على أنثى
أنثى .. كالشمعة مصلوبه
القيد يعضّ على القدمين
وسجائر تطفأ في النهدين
ودم في الأنف .. وفي الشفتين
وجراح جميلة بوحيرد
هي والتحرير على موعد
مقصلة تنصب .. والشرار
يلهون بأنثى دون إزار
وجميلة بين بنادقهم
عصفور في وسط الأمطار
الجسد الخمريّ الأسمر
تنفضه لمسات التيّار
وحروق في الثدي الأيسر
في الحلمة ..
في .. في .. يا للعار ..
الإسم: جميلة بوحيرد
تاريخ: ترويه بلادي
يحفظه بعدي أولادي
تاريخ امرأة من وطني
جلدت مقصلة الجلاّد ..
إمرأة دوّخت الشمسا
جرحت أبعاد الأبعاد ..
ثائرة من جبل الأطلس
يذكرها الليلك والنرجس
يذكرها .. زهر الكبّاد ..
ما أصغر( جان دارك ) فرنسا
في جانب( جان دارك ) بلادي..
http://arabic-radio-tv.com/newspapers/europe/alquds.htm رابط جريدة القدس العربي التي نشرت الخبر الحزين ...
التعليقات (0)