سلوك العرب مع العرب يتميز بعدم الثقة فالعربي لا يثق في العربي مهما بلغت درجة القرابة والصداقة وهذا ليس شيئا جديدا فقد ظهر واضحا منذ عهد الخلفاء العباسيين فقصة البرامكة مع هارون الرشيد معروفة ثم إعتماد الخلفاء على المماليك في أدارة دفة أمبرطوريتهم خبر دليل على ذلك . ورغم التعاون العربي ضد الأستعمار إلا أن الأستعمار وجد في العرب تجاوبا لأستخدامهم ضد بعضهم البعض وحبهم في تولي السلطة دون غيرهم . وبعد الأستقلال بدأت عدم الثقة واضحا بين المسئولين العرب وان من يقرأ التقارير البريطانية والأمريكية عن الفترة الواقعة بين الأربعينات والثمانبنات يصاب بالدهول عن كيف يبيح الحكام العرب بأسراهم ومشاكلهم للسفراء والمسئولين الأجانب وشعورهم نحو أشقائهم العرب مما يبعث على القلق لمدى إخلاصهم لأوطانهم . ولا شك إن الساسة العرب يعرفون هذه الخاصية فيهم ولهذا فهم حريصون في التعامل مع بعضهم البعض عدم تقديم أية معلومات هامة أوسرية لزملائهم لأنهم يعرفون أن مثل هذه الأمور ستبلغ إلى سفراء الدول الأجنبية المعنيين حالا. وفي الفترات الأخيرة وكثرة القمم العربية والأجتمات الامنية والأقتصادية أصبح الساسة العرب يطلعون مقدما حلفاؤهم الأجانب على جداول أعمال هذه القمم والأجتماعات ويتبادلون معهم الرأي وطلب النصيحة في المواقف التي قد يتخذونها والتي تخدم أمنهم ومصلحة التحالف مع هذه القوى الأجنبية . والتحالف هنا ليس معناه تحالف مكتوب بل تحالف سري غير مكتوب لكنه معروف من السفراء والمسئولين الأجانب والساسة العرب . وهذا مجال طويل ويحتاج إلى دراسة خاصة من طرف علمائنا الشباب . وقد أعود أليه فلدي الكثير في هذا المجال .
سلوك عدم الثقة هذا لا يقتصر على المسئولين السياسيين فقط بل يسري هذا على رجال الصحافة والاعلام . فالكتاب ورجال الأعلام العرب كثيرا ما يتبادلون الراي مع الملحقين الصحفيين الأجانب ومع أصدقائهم الصحفيين الأجانب ويطلبون النصيحة في المواقف والأراء التي تساعد على المحافظة على الصداقة والتحالف التي تربط بلادهم بهذه الدول الأجنبية النشطة في الشرق الأوسط وخاصة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا . ولا أعرف كيف تطورت هذه الثقة العربية في الأجاب وعدم الثقة في العرب . وأعتقد أنها في العصر الحديث ترجع ألى عهد المستشار الأجنبي حيت تعين الدول الأستعمارية بعد إستقلال الدول العربية مستشارا أجنبيا لكل رئيس ووزير ومسئول كبير يتولى تسيير الأمور بأسم الرئيس والوزير والمسئول العربي الوطني الذي يقتصر دوره على التمتع بالسلطة والصولجان .
وفي الفترة الأخيرة حيث هبطت الثروة النفطية على البلاد العربية أصبحت الحكومات العربية النفطية تأخذ حيطتها عند الموافقة عل المشاريع الكبيرة التي تتطلب مئات وألاف العمال بعدم السماح لهذه الشركات باستجلاب العمال من البلاد العرية أو بعضها والأصرار على أستجلاب العمال من جنوب أسيا ليس لرخص الأيدي العاملة فيها ولكن لعدم ثقتهم أوخوفا من تأتيرهم السياسي على مواطني الدولة المستورة للعمال. وهذا لا يقتصر على الحكومات بل رجال الأعمال العرب لهم نفس السلوك ولكن لأسباب شخصية , فهم يفضلون تعيين مساعديهم ومستشاريهم من الأجانب لعدم ثقتهم في أبناء جلدتهم خوفا من أن يتعلم المساعد أوالمستشار العربي أو الوطني أسرار المهنة أو سياسة الشركة فيسعى الى أن يحل محل رئيسه او فتح عمل تجاري منافس بينما المساعد والمستشار الأجنبي يمكن التحكم فيه بأنهاء عقده وتسفيره أذا ظهر منه عدم الأخلاص . وللحديث بقية
التعليقات (0)