علي جبار عطية
منحتني تلك المرأة العجوز كمية من الأسى لم احصل عليها طوال سنوات خساراتي!
ذبحني ضعفها ومسكنها وعيناها المطفأتان في صبيحة ذلك اليوم البارد من الاسبوع الماضي .
كنت في ساحة عدن عند مدخل الشارع المؤدي الى الكاظمية وكانت تلك العجوز الضريرة تبحث عن اهل الرحم ليقوم احدهم بأخذ يدها ويعبرها الشارع وتذكرت قصة الولد الصالح في الابتدائية حين يقود بصيراً ويعبره الشارع !
اردت ان اكون صالحاً اي من دون تعريف اخر !
امسكت بيدها اليمنى المغلفة بعباءتها سألتها : الى اين تريدين؟
قالت : الى الحسينية .
قلت : ان منطقة الحسينية بعيدة .
قالت : لا انما اقصد حسينية النواب لا حصل على مساعدة ثم قصت لي قصتها.
فقالت : كان لي ولد يشتغل في العمالة قتله الارهاب فلما جاء خبره انفعلت اخته وانهارت وشلت وانا كما ترى امرأة ضريرة لا راتب لي وحسرة عليَّ الطماطم !
وسألتها عن سكنها فقالت : اسكن الان في صريفة من قصب في حي الجوادين !
اوصلتها الى السيارة التي ستنقلها الى الحسينية التي ربما تسد شيئاً من حاجتها لهذا اليوم احسست بالعار لان هذا النموذج من الحرمان والفقر والحزن يعيش بيننا في صريفة لاتمنع برداً ولا حراً ونحن عنه غافلون .
فيالها من معادلة غريبة ان تكون هناك امرأة عجوز ضريرة تعيش مع بنت مشلولة في صريفة والسماء تمطر وتلفزيون العراقية غير الموجود في بيتها يعلن منح كل عراقي خمسة عشر الف دينار شهرياً مع مفردات البطاقة التموينية فمن يوصل اليها الخبر السار وما ينفعها ان كانت مهجرة وبلا بطاقة تموينية!.
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)