عندما يسأل اللادينيون اسئلة عميقة الدلالة .. يقف معظم المتدينين فاغرين افواههم لا يعرفون ما يجيبون .. وهذا شيء طبيعي جدا .. فمعظمهم لم يعتد خلال سنيه طالت ام قصرت على اسئلة تتطرق الى الوجود مثلا .. فالطفل عندنا يلطم على فمه بمجرد ان يبدأ بهذه الاسئلة الجريئة بالنسبة له والتي لا تصبح كذلك بعد حين، بعد ان يمنعه اهله او معلموه من التطرق لها ويضعون امامه اجوبة تقليدية لا تسمن فكره ولكنه بعد حين يتعود على هذا الجوع المعرفي ...
واول ما يفعله المؤمنون الطيبون هو الذهاب الى المنقذ (جوجل) فيكتبون فيه "الرد على شبهة ..." والنقاط هنا تمثل المادة محور النقاش. فعلى سبيل المثال عندما نناقشهم في مسألة خلق الله يسرعون الى ملف البحث ويكتبون "الرد على شبهة من اين اتى الله" او ما شابهها ..
ولانهم عجزوا عن التفكير كما اسلفت فلن يجدوا جوابا على هذه الاسئلة الا في كتب التاريخ!!!!
فهل رجال التاريخ افضل من رجال الحاضر؟
رجال التاريخ ليسوا افضل من رجال الحاضر الا عند العرب والمسلمين ..
ولكن مشكلة كتب التاريخ انها لا تنقل الصورة واضحة كما هو الان فاللادينيون والملحدون وغيرهم لهم كامل الحرية الان في كتابة افكارهم دون حجر او اضطهاد .. وهذا ما لم يكن موجودا حتى وقت قريب في اي بلد عربي او اسلامي!!!
فمثلا نحن نسمع عن المفكر الكبير ابن الراوندي ولكننا لم نجد له اي مؤلف!!!
وكل ماوصلنا من افكاره تمكنا من قراءته في مواضيع الاشخاص الذين ردوا عليه!!!
اذا لا يصلنا من هؤلاء الا نصف الصورة اما الصورة الاخرى فمغيبة كما هو معروف ..
من هذه المناقشات مناقشة بين ملحدين واحد الشيوخ ..
واقول احد الشيوخ لان لا احد يعرف من هو هذا الشيخ فكل صاحب مذهب اسلامي يقول ان امامه هو الذي قال هذا الشيء
فالشيعي يقول انه لعلي واما الحنفي فيقول انه لابي حنيفة ... وهكذا
اما نحن فلا يهمنا الشخص بقدر ما يهمنا ما كتب .. لنلاحظ ماذا اجاب هذا الامام على الملحدين
"قال الملحدون لـ ....... : في أي سنة وجد ربك ؟
قال : الله موجود قبل التاريخ والأزمنة لا أول لوجوده ...... "
كلام مجالس لا اكثر فلا يستطيع لا هو ولا مئة من امثاله اثبات هذا الكلام ولكن على من يسمعه ان يقول فهمت.
ولا نجد طبعا رد المقابل عليه لانه قد حذف كما تحذف الردود في يومنا الحالي ..
فمن الاسئلة التقليدية التي يمكن ان تسأل على هذه الاجابة
اذا كان هو ازلي او يعود الى زمن بعيد جدا .. لماذا اختار هذا الزمن ليخلق الخلق؟ ماذا كان يفعل كل هذا الوقت؟ فهل كان في طور وتحول الى طور آخر؟ ام انه ظهر بهيئته التي هو عليه منذ الازل؟ ...
"قال لهم : ماذا قبل الأربعة؟
قالوا : ثلاثة
قال لهم : ماذا قبل الثلاثة ؟
قالوا : إثنان ..
قال لهم : ماذا قبل الإثنين ؟
قالوا : واحد ..
قال لهم : وما قبل الواحد؟
قالوا : لا شئ قبله ..
قال لهم : إذا كان الواحد الحسابي لا شئ قبله فكيف
بالواحد الحقيقي وهو الله !إنه قديم لا أول لوجوده .. "
وهنا ايضا يغيب النص الآخر، فاين رد الملحدين على هذا الكلام!!!!
واول سؤال كنت ساساله له لو كنت امامه: هذا يعني ان ربك جاء من العدم!!!
فهل يعقل ان ياتي من خلق هذا الكون من العدم او من لا شيء؟؟؟؟
وهذا السؤال سالته اكثر من مرة ولم اجد له جواب ..
"قالوا : في أي جهة يتجه ربك ؟
قال : لو أحضرتم مصباحا في مكان مظلم إلى أي جهة
يتجه النور ؟
قالوا : في كل مكان ..
قال : إذا كان هذا النور الصناعي فكيف بنور
السماوات والأرض !؟"
هنا ربما لا استغرب ان يسكت علماء ذلك الزمن لانهم لم يكونوا يعرفوا بعد نظرية الكم ولم يعرفوا ماذا يعني الضوء فلم نعلم هذا الا في القرن الماضي .. وهذا نقص الرجوع الى التاريخ الغابر
هل الله ضوء؟؟ يعني جزيئات تتصرف تصرف الموجات؟؟؟!!!
شيء غريب جدا .. فالله مادة اذا .. كيف هذا وانتم تقولون ان الله فوق المادة؟؟؟
ومن خلال معلوماتنا ان الضوء له سرعة محددة لا يستطيع تجاوزها وهذا يتنافى مع كلام الامام بان الله مطلق!!!
"قالوا : عرّفنا شيئا عن ذات ربك ؟
أهي صلبة كالحديد أو سائلة كالماء ؟
أم غازية كالدخان والبخار؟
فقال : هل جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير؟
قالوا : جلسنا ..
قال : هل كلمكم بعد ما أسكته الموت ؟
قالوا : لا.
قال : هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك ؟
قالوا : نعم.
قال : ما الذي غيره ؟
قالوا : خروج روحه.
قال : أخرجت روحه ؟
قالوا : نعم.
قال : صفوا لي هذه الروح ، هل هي صلبة كالحديد
أم سائلة كالماء ؟ أم غازية كالدخان والبخار ؟
قالوا : لا نعرف شيئا عنها !!
قال : إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنكم الوصول إلى
كنهها فكيف تريدون مني أن اصف لكم الذات الإلهية ؟ !!!"
هنا بنى الشيخ استنتاجاته الفلسفية على جواب افتراضي اسمه "الروح" وهذا الجواب اخذه من الملحدين!!!!
ولهذا لا ناخذ بكلامه برمته لانه لا معنى له ..
الروح هي اختراع لا يعود في اساسه للاديان بل للفلاسفة المتقدمين وخصوصا افلاطون وارسطو الذين وضعوا هذا الوهم في عقول الناس دون اي دليل ..
وبالطبع جاءت الديانات لتتبنى هذه الافتراض وتعززه ..
من الجدير بالذكر ان هناك احد الفلاسفة قبل افلاطون وارسطو اسمه ديموقريطوس، كان قد افترض نظرية افضل من نظريات الفلاسفة كلهم ولكنهم حاربوها واعتبروها هراء وكانت نظريته تقول بان كل شيء في الكون يتكون من جزيئيات متناهية في الصغير (ذرات) وهو ما يسير عليه العلم الحديث اليوم ..
لقد رفضوا نظريته كما رفضوا نظرية عالم الفلك الاغريقي المعروف أرسطرخس الذي استطاع من خلال مراقبته للظل الناتج من كسوف الشمس ان يستنتج ان الشمس اكبر بكثير من الارض ولهذا فان الارض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس .. ولكنهم رفضوا نظريته رغم انها كانت مستندة الى اسس علمية لياتونا بنظرية ليست ذات معنى اسمها مركزية الارض والتي تبنتها الاديان فيما بعد ...
التعليقات (0)