لازلت حتى اللحظة اجهل هوية انقرة هل هي علمانية - اسلامية - اوربية ام انها خليط او مزيج تسعى من خلاله الى استعادة امبراطوية عليلة شيدت على انقاض الجهل والفقر؟ بصراحة تفاءلت خيرا عندما اعتلى حزب العدالة والتنمية سدة الحكم في تركيا وكان تفاؤلي مندرجا تحت عنوان ( ليس بمسلم من اصبح ولم يهتم بامور المسلمين) والامر الذي افرحني اكثر وافرح الكثيرين هو المواقف التي اتخذتها تركيا من القضية الفلسطينية وقافلة الحرية الى غزة المحاصرة واصرارها على كسر ذلك الحصار فضلا عن مواقف اخرى لايسعنا المجال لذكرها والتحدث عنها , ولكن سرعان ما تحول تفاؤلي وفرحي هذا الى العكس حينما كشرت عن انيابها وازالت القناع عن وجهها ليظهر ماكان تضمره خلفه, وتحول دورها حديث الولادة 180 درجة من مدافع عن قضايا الامة الاسلامية والعربية الى دور براغماتي بحت بحجة انها تدعم تحرر الشعوب وتؤيد ظهور انظمة ديمقراطية في المنطقة تزامنا مع ما افرزته الاحداث الاخيرة في عدة دول عربية واخص بالذكر سوريا ... فالعلاقة التركية السورية شهدت في الفترة الاخيرة تطورراكبيرا وملحوظا في شتى المجالات حتى ان حجم التبادل التجاري بين دمشق وانقرة وصل الى اكثر من ثلاثة مليارات فضلا عن الغاء تأشيرة الدخول بين البلدين وغيرها من اواصر العلاقة ... فمالذي حدث حتى تحولت تلك العلاقة الحميمة الى علاقة ضد؟ فبمجرد خروج تظاهرات في درعا وبعض المدن السورية حتى اخذت تركيا بلعب دور المدافع والمطالب بحقوق الشعب السوري وكأنها وصية عليه وباتت الملاذ الامن للمعارضين والمنشقين وصولا الى التهديد بالتدخل العسكري اذا لم يقدم نظام الاسد على اجراءات اصلاحية ودستورية من شأنها ان تكبح جماح المتظاهرين حسب تعبيرها, الامر الذي فاجأ الكثيرين وبعث رسالة الى دول المنطقة مفادها ان لاامان ولااستئمان في العلاقة مع تركيا، فالعلاقة معها تبعث على القلق مما اعطى انطباعا واضحا ان الحقيبة الدبلوماسية التركية تحمل في طياتها اجندة امريكية تسعى لتأدية الدور بدلا عنها مقابل منحها بعض المكاسب ... وهاهي اليوم تحاول اعادة استنساخ السيناريو مع العراق ولكن بطريقة وحجج اخرى من خلال دعمها لبعض المكونات والاحزاب والتدخل السافر في شؤون العراق الداخلية الذي وصل الى الشأن القضائي بعنوان دعمها لحكومة الشراكة الوطنية , ان الاجدر بتركيا ان تعكف على حل قضاياها الداخلية وتعطي لشعبها الديمقراطية الكفيلة بنزع فتيل ازماتها واضطراباتها التي يستعر نارها بين الحين والاخر سيما القضية الكردية وشعبها المضطهد بدل من ان تعمل على التدخل في شؤون الغير .. وبالمقابل يتوجب ان يكون للحكومة العراقية موقف حازم حيال هذا التدخل وان تسعى لاتخاذ خطوات سريعة من خلال قنواتها الدبلوماسية لوقف هذا التدخل اضافة الى خطوات اخرى تتعلق بالجانب الاقتصادي خصوصا ان حجم التبادل التجاري بين بغداد وانقرة وصل الى قرابة 14 مليار دولار فضلا عن مئات الشركات التركية المستثمرة في العراق واعتقد ان سد هذه القنوات الاقتصادية بوجه ابناء عثمان الذي ليس له امان يكون بمثابة الاجراء السريع والرادع لتطلعاتهم الهوجاء, والا فان الامر سيتفاقم.ويصل الى ما لايحمد عقباه.
التعليقات (0)