مواضيع اليوم

عبد الله بدر.. والأخت المسلمة الهام شاهين!

خذلنا الشيخ عبد الله بدر، النجم الأوحد لقناة الحافظ السلفية، فمثله في تعامله مع أتباعه، كمثل رجل شاهدته قبل سنوات، وكان واقفاً وكلما مرت حافلة لنقل الركاب، أشار إليها لتقف، ثم يخلع حذائه ويضعه تحت إبطه، ويجري خلفها، وعندما يرق قلب السائق له فيقف في انتظار صعوده، لا يفعل أبداً!
الشيخ المذكور، تحول الى نجم بهجومه على الفنانة الهام شاهين، ولا يذكر له أحد دور قبل ذلك، وقد احتشد خلفه أنصاره، بل إن جماعة حازمون، التي تنتمي للشيخ حازم أبو إسماعيل، والتي كانت قد قررت في وقت سابق، تحقيق الفتح الإسلامي لمدينة الإنتاج الإعلامي، أعلنت أنها تقف مع الشيخ الجليل على خط النار، في معركته الفاصلة ضد الهام، التي بدت لي من شدة هجومهم عليها، أنها في حكم حمالة الحطب السيدة مدام أبي لهب، التي هي في جيدها حبل من مسد، وعلى نحو جعلني أعتقد أن من لم تحدثه نفسه بالجهاد ضدها، بعث يوم القيامة مكتوب على جبهته آيس من رحمة الله.
قبل أيام طل علينا الشيخ عبد الله بدر، عبر قناة الحافظ التي يقال أنه يملكها، ويقال أنه شريك في ملكيتها، وقد فاجأ أنصاره باعتذاره للسيدة الهام شاهين، التي وصفها أنها أخت مسلمة. وهذا فضل منه ومنة. وأنها بنت بلده كما لو كانت تعيش معه في بلاد الغربة، قبالة البوسنة والهرسك. وأظنه وبالسياق العام، لم يقصد عبارة بنت بلده، فمن الواضح انه قصد بنت بلد، لأن الكلمة اللاحقة دالة على ذلك عندما وصفها بأنها جدعة!
وقد بدا لي الشيخ بدر في هذا اللقاء الطيب المبارك على قناة الحافظ، وفي حضرة مصطفى كامل وكيل نقابة الموسيقيين، أنه ينبوع حنان، فقد أكد أنه في كلامه سبب الأزمة كان ينصحها، خوفاً عليها من القبر. وربما خاف عليها من طلة الثعبان الأقرع، وقد رأيت أشكالاً وأنواعاً من الثعابين، ومن بينها الثعبان ذو الأجنحة، ولم يحدث أن رأيت ثعباناً يتدلى شعر رأسه على جبينه. وجماعة القرآنيين، الذين يُطلق عليهم اسم منكري السنة، ينفون وجود الثعبان الأقرع بل وينكرون عذاب القبر ونعيمه، ولو كان الشيخ بدر من هؤلاء، لما حدثت الأزمة، ولما انطلق ينصح الهام شاهين، بعد أن تبين انه فقط يخشى عليها من دخول القبر!
ولأن الشيخ ينبوع حنان، فلم يكتف بوصف الهام بالأخت المسلمة، وبنت بلده الجدعة، وإنما أطلق حكماً قاطعاً بأن من يسيء إليها فانه يسيء الى جميع المصريين، وبشكل ظننت معه ان الهام شاهين هي أم المصريين من لدن الفراعنة والى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلا يوجد مصري واحد، في الداخل أو في الخارج، لا يساء إليه عندما تتم الإساءة الى المذكورة، وعندما قال عنها الشيخ الجليل ذلك وجدتني أفكر في التو واللحظة ماذا لو استيقظنا من النوم فوجدنا أمنا وقد ماتت بعد عمر طويل، ثم هداني تفكيري الى ضرورة أن نشيد ضريحاً لها يجلس فيه الشيخ ليجمع القرابين، فما قيمة الدنيا بعد فقد الأم، لاسيما إذا كانت هذه الأم، هي أمنا جميعاً، ومن يسيء إليها فانه يسيء الى جميع المصريين، وليس فقط الى معظمهم!

فردة الحذاء

الشيخ عبد الله قال في الحافظ أنه لم يكن يرغب أن تصل الأمور بينهما الى هذا الحد، وهو أمر أكد لي أن فضيلته كان يناغشها، ويبدو انه لاختلاف الثقافات فقد فهمت المناغشة سباً ومن ثم هرعت الى القضاء، لتحصل على حكم من محكمة أول درجة بالحبس والغرامة، وهو الحكم المرشح للتأييد في الاستئناف، وقد يتم تخفيض مدة السجن من سنة الى ثلاثة شهور مثلاً، مما يفتح الباب على مصراعيه للتعويض المالي.
المناغشة كلمة يعرفها سكان البادية من أمثالي، وللتقريب على سكان المدن، فهي من ناغش، يناغش، مناغشة، فهو مناغش، والمناغشة هي الأخت غير الشقيقة للمداعبة.
وللتقريب أكثر وأكثر، ولأننا في حضرة مولانا الشيخ عبد الله بدر، لا يجوز الحديث إلا عن العلاقات الشرعية، فان قيام الزوج، في بعض الثقافات، بإلقاء الحذاء على زوجته، فان هذا يدخل في باب المناغشة، فهو لم يقصد بذلك أن يهينها بما فعل، وإنما هو استهدف أن يناغشها، والمناغشة على الرغم من الأداة المهينة المستخدمة فيها، تأتي مشمولة بالتقدير، والاحترام، ومبطنة بالحب، ومغلفة بالود.
المناغش عبد الله بدر لم يكن يبغي اهانة الهام شاهين، فهو كان يناغشها، وما ضره لو أن فردة حذائه طالتها وهو يناغش، فللمناغشة أصول، وكل الكلمات اللقيطة التي قيلت هي تمثل مهمة فردة الحذاء المستخدمة في المناغشة، والتي تمثلت في اتهامها بالفجور، واتهامها بأنها تقدم دعارة باسم الفن، وزميل له ناغش الفنانة يسرا، بأن سألها: كم رجل اعتلاك في أفلامك؟!.. ليقوم سؤاله بدور فردة الحذاء الطائر، ولا أعرف سر غرام شيوخنا الأجلاء بمناغشة القواعد من الفنانات، والساحة الفنية تستقبل كل عام صغيرات في السن، ولا أعرف ما هو السر وراء حرصهم أن تكون المناغشة محلية، ويحرمون نانسي عجرم من كرم مناغشتهم، وإذا كانوا يؤمنون بما آمن به الذين من قبلنا بأن الدهن في العتاقي، والجمال في كبار السن، وتذبل الوردة ورائحتها فيها، فأمامهم الخالدة صباح، وهم قوم عالميون، وقد يحصل أفضل مناغش منهم على جائزة نوبل في المناغشة.
أنا الأقرب الى ثقافة عبد الله بدر، لكن الهام شاهين من ثقافة مختلفة، هي ثقافة أهل الحضر، لذا فقد اعتبرت أن فردة الحذاء الطائر تعني الاهانة، فلجأت الى القضاء، ولأن الشيخ استشعر أنه طعن في ثقافة أجداده، وأحرجته عندما لم تتذوق مناغشته، فقد قال إنها الحرب إذن، وقد حشد أنصاره حوله، وذهب الى المحكمة مسلحاً بما يليق لهذه الموقعة الفاصلة في تاريخ الثقافات. وفي لقائه الأخير على قناة الحافظ، ذكر في أكثر من موضع اصطلاح تلاميذي، فقد اكتشفت بذلك أن له تلاميذ، ولا نعرف ما إذا كان تلاميذه مثلي ومثله يفهمون في أصول المناغشة، أم أنهم الأقرب الى ثقافة الهام شاهين؟، لذا فعندما وجدوا أستاذهم يتهمها عبر فضائية سلفية معتبرة هي الحافظ بأنها تحرض على الرذيلة والفسوق، فقد اعتبروه يقف على ثغر من ثغور الإسلام، ولم يكونوا يعرفون أنه يناغشها وأنها أخت مسلمة، وبنت بلده الجدعة، وأنه فقط يخشى عليها من دخول القبر.

صور الفنانة

الشيخ عبد الله بدر المجروح في مناغشته ذهب الى المحكمة ومعه صور للفنانة وقد أخرجها للمحكمة ووزعها على الجماهير، وكانت لها وهي في ادوار إغراء، وقد استشعر أنصارها الحرج فقالوا إنها مفبركة، وكان هذا تأكيداً من الشيخ على أنها تنشر الفساد بأعمالها وتحض على الرذيلة بصورها.
وقد خدشت هذه الصور حياء كثيرين، إلا الشيخ عبد الله بدر الذي اعتبر نفسه في حالة حرب، وفي الحروب يباح استخدام كل الأسلحة، وهتف له أنصاره وتلاميذه، وتحرشوا بدفاع الهام شاهين، باعتبارها من أعداء أمة الإسلام، وفي أجواء كهذه اختلطت الأوراق والتفت الساق بالساق.
فالسياسة في مصر تدار بمنطق الكيد، والرئيس محمد مرسي نفسه أراد ان يغيظ من يقود المعارضة ضده في الطرق الصوفية وهو الشيخ علاء أبو العزايم، شيخ الطريقة العزمية، والمنافس السابق على مشيخة الطرق الصوفية، والمستبعد بقرار أمني في العهد البائد، فعين الرئيس عبد الهادي القصبي خصم أبو العزايم عضواً في مجلس الشورى، مع ان القصبي كان عضواً في لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل برئاسة جمال مبارك، وكان برلمانياً سابقاً على قوائم هذا الحزب الحاكم في العهد السابق، وقبل هذا وبعده فانه ينطبق عليه نص العزل السياسي في الدستور الجديد، ليكون الرئيس في ممارسته للكيد مستعداً لأن يكون أول من ينتهك نصوص هذا الدستور الذي صنعه على عينه.
بعض المنتمين للقوي المدنية، وفي ظل المعركة المحتدمة مع التيارات الدينية، تدخلوا وانتقلوا بالهام شاهين الى مرتبة الزعيمة التي لا يشق لها غبار، فهي عنوان الفن والإبداع، ومن يهاجمها فهو كافر بالفن وضد الإبداع، وقد نسوا انحياز المذكورة للنظام البائد واستخدامها أداة عبر تلفزيون الدولة المصرية لسب الثورة والتشهير بالثوار، ولعلها الوحيدة التي استمرت على موقفها من أهل الفن ومعها طلعت زكريا الذي هو متعاطف إنسانياً مع مبارك، لأنه جلس معه ثلاث ساعات بعد فيلمه طباخ الرئيس، ولم يكن المذكور فناناً كبيراً، لكن المخلوع كانت تستهويه التفاهة.
الهام استمرت في موقفها الرافض للثورة وفي مداخلات تلفزيونية كانت تسب الثوار، واشتد عليها الأمر، وفقدت اتزانها، عقب سقوط المرشح الرئاسي الفريق احمد شفيق، الذي كانت تؤيده، ويقال أنها كانت مرشحة لان تكون سيدة مصر الأولى، بيد ان معركتها مع عبد الله بدر، جعلت هناك من يغفرون لها كل هذا، وكان يمكن ان توضع الأمور في نطاقها الطبيعي، فنحمل على من استغل حالة الانفلات الإعلامي في الطعن في الأعراض، دون ان نقدم الهام شاهين على أنها زعيمة الأمة، وعنوان حرية الإبداع، والمرادف لكلمة الفن.
لا بأس، فالبأس الشديد أن الشيخ عبد الله بدر، ظهر على قناة دريم وواصل حملته التي بدأها في المحكمة، قلنا انه كان عبر الحافظ يمارس المناغشة، لكنه مع وائل الابرشي اتهمها بأنها تقدم دعارة باسم الفن، ثم لفت انتباه المشاهدين الى انه سيعرض فيديو للكبار فقط، وإذا بنا أمام مشاهد ساخنة خاصة بعمل فني لها، ولا نعرف كيف طاوعه قلبه، لأن يتحدث عنها بهذا الشكل ويعرض لها هذه المشاهد وهو من وصفها بعد ذلك بأنها أخت مسلمة، وأن من يسئ إليها يسيء الى جميع المصريين؟!
والمدهش أن الشيخ في وصلة الاعتذار علق تهمة الإساءة الى الهام شاهين في رقبة أنصاره ومحبيه المنتشرين على الانترنت. فهو لا يعرف الدخول على الانترنت، مع أن من اتهمها بالفجور هو، ومن قال أنها تقدم دعارة باسم الفن هو، ومن حمل المشاهد الساخنة هو، وهو من عرضها، وهو من قدم صورها في لقطات فاضحة للمحكمة.
الصلح خير، فقد فعل الشيخ ما فعل بعد جرجرته للمحاكم، ونظراً لأن الهام لا تعرف انه كان يناغشها، وعندما هدأ وصفها بالأخت المسلمة، وأبدى رغبته في لم الشمل، ولا نعرف ما هو الشمل الذي بينه وبينها لكي نشاركهما في لمه؟!.
لكن بات واضحاً انه في سعيه للم الشمل المبعثر، مستعد لأي شيء، وقد قرر ان يترك الفضائيات والعودة مرة أخرى الى المسجد، وهو قرار خطر، إذ أن وجوده على الفضائيات اخف ضرراً، ومشكلته على الحافظ في أن هناك من لا يفهمونه، وقد اعتبروا ان مجرد مناغشته لإلهام شاهين أنها سب وقذف، وأنها رسالة استهانة بالفن وأهله، وانها انتهاك للأعراض. لا بأس دع المساجد يا شيخ للدعاة المتخصصين الذين لا يخرجون عن قال الله.. وقال الرسول.. وواصل رسالتك في المناغشة عبر قناة الحافظ.. ولكن تخيروا لمناغشتكم؟!
قلبي مع محبي الشيخ وتلاميذه الذين ظنوا انهم في معركة يبتغي فيها نصرة الإسلام.. فهبوا هبة رجل واحد.. فإذا بشيخهم يناغش؟!
هناك مثل صعيدي انقله بتصرف: جاءوا يساعدونه في حفر قبر أبيه.. اخذ الفأس وخلع.
مقالة منقولة من القدس العربي للكاتب ( سليم عزوز ) 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !