استلهمت حركة الربيع العربي
هيئة سياسية صحراوية معارضة تطرح نفسها بديلاً لجبهة "البوليساريو"
قيادة البوليساريو تواجه رياح الربيع العربي
الرباط - حسن الأشرف
بعد مخاضٍ غير قصير دام بضعة أشهر، تأسست أخيراً هيئة سياسية جديدة معارضة تقدم نفسها بديلاً لجبهة البوليساريو، تدعى "تنسيقية معارضي البوليساريو"، تضم معارضين من داخل مخيمات تندوف، وتتشكل من أسماء كبيرة وقيادات سياسية سابقة من الجبهة.
ويرى مراقبون مختصون أن بروز مثل هذه الحركات المعارضة يؤشر على قربٍ وشيكٍ للربيع العربي داخل مخيمات تندوف، باعتبار أن الأغلبية الصامتة فيها، خاصة فئة الشباب الصحراوي المُلهم بالحراك العربي الراهن، أضحت مقتنعة بضرورة تغيير النظام السياسي للبوليساريو.
وجدير بالذكر أن عدة تيارات معارضة للبوليساريو ظهرت في الفترة الأخيرة، منها تيار "خط الشهيد"، والحزب الوطني الصحراوي، ثم التنسيقية العامة لمعارضي البوليساريو، وكلها تندد بالأوضاع المزرية والخطيرة التي يعيشها صحراويو مخيمات تندوف، وذلك في أفق تنظيم المؤتمر الـ13 للبوليساريو خلال نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
ساعة النهاية
ويرى الدكتور عبدالفتاح الفاتحي، المحلل المختص في قضية الصحراء والشأن المغاربي، في حديث مع "العربية.نت" أن كل المؤشرات، ومنها بروز تنسيقية معارضي البوليساريو، تدل على أن الكلمة الفيصل لهدم نظام البوليساريو باتت وشيكة.
وعزا ذلك إلى اعتبارات كثيرة، منها أن الأغلبية الصامتة والمقهورة صارت جد مقتنعة اليوم بحتمية تغيير النظام السياسي المستبد للبوليساريو، فضلاً عن وجود وقود ثورة حقيقية من الشباب الصحراوي الذي أُلْهِمَ بربيع الثورات العربية ضد الأنظمة الفاسدة، مشيراً إلى أن هذا الشباب يدشن حالياً أمام مقر بعثة غوث اللاجئين بالرابوني اعتصامه التضامني مع الفنان الناجم علال منذ مدة طويلة، بعد اعتصام حمادي البشير الهيبة، واعتصام المؤيدين للحكم الذاتي داخل المخيمات، إضافة إلى تزايد المعارضين للبوليساريو من الداخل والخارج، مثل تيار خط الشهيد.
وأكد الفاتحي أن نجاح ربيع مخيمات تندوف له الكثير من مقومات النجاح، منها أن بيئة تنظيم جبهة البوليساريو كتنظيم عسكري مسلح، يستلهم منه ممارساته السياسية داخل مخيمات تندوف، فضلاً عن نهج أيديولوجي قبلي ينسجم مع نمط أنظمة الحزب الوحيد، كل ذلك جعل الجبهة ترتكب العديد من التجاوزات الحقوقية، فقمعت بشدة كل الآراء المعارضة لها وشردتها، كحالة مصطفى ولد سلمى، غير أن ذلك عَدَّدَ من التيارات المعارضة لها، من قبيل: خط الشهيد، والحزب الوطني الصحراوي، وصولاً إلى تنسقية معارضي البوليساريو.
وأردف المحلل المختص بأنه من الطبيعي أن تتزايد مثل هذه الأصوات بالتزامن مع ربيع الثورات العربية والتحولات التي تعرفها المنطقة المغاربية، في وقت لا تمتلك فيه البوليساريو بديلا أو مقاربة سياسية لتطويق حالة الرفض داخل المخيمات، نظرا لتهلهل قياداتها السياسية، ولضعف حسها الإيديولوجي، وانهيار الأنظمة الديكتاتورية المساندة لها.
وخلص الفاتحي إلى أن مؤشرات انفجار الوضع داخل المخيمات قريبة جداً، ومعالم ذلك تَوَضَّحَتْ في اختراق تنظيم القاعدة لعمق المخيمات واختطاف ثلاثة متطوعين أجانب، وهو ما يكشف حالة الفوضى وعدم قدرة البوليساريو على تأمين المخيمات لانشغال قواتهما بالوضع الليبي، مشيراً إلى أن كل ذلك سيحمل معه حالة من الغليان الشديد، ستبرز تداعياتها السطحية والباطنية خلال المؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو، والمرتقب انعقاده نهاية السنة الجارية.
معارضة قوية
وفي سياق ذي صلة، انفردت الجريدة الأسبوعية المغربية "الأيام"، في عددها للأسبوع الجاري، بحوار مع رئيس تنسيقية معارضي البوليساريو، الذي لم يُشر إلى اسمه لأسباب أمنية وسياسية، أكد فيه أن هذه الهيئة المعارضة للجبهة تضم أسماءً من العيار الثقيل داخل مخيمات تندوف.
وأفاد رئيس تنسيقية معارضي البوليساريو، في الحوار ذاته، بأن هذه الهيئة المعارضة تحاول الجمع بين ثلاثة روافد رئيسية: الأول يتمثل في الشبيبة الصحراوية من الجيل الثالث، التي تنطلق من مبدأ "الرجوع إلى الأصل فضيلة"، وإعادة الأمور إلى نصابها القانوني والتاريخي.
أما الرافد الثاني فيتمثل في حركة 5 مايو التي نشأت ضمن زخم ربيع الثورات العربية، والتي تطالب بالتغيير وتنحي قيادة البوليساريو، وعدم اعتبارها الممثل الوحيد للشعب الصحراوي، بينما الرافد الثالث يضم مجموعة أطر وقيادات سابقة؛ بعضها لايزال يمارس عمله داخل الجبهة.
وأفاد المتحدث بأن "التنسيقية" عملت على جمع شتات هذه التيارات المعارضة التي كانت تنشط داخل تكتلات صغيرة، من أجل تكوين نواة لمعارضة قوية ومؤثرة بدل الاشتغال بشكل فردي لا يعطي النتائج المنشودة من لدن كافة معارضي جبهة البوليساريو.
وعلى صعيد آخر، وجّه أخيراً ناشطون صحراويون داخل مخيمات تندوف رسالة إلى قيادة البوليساريو، قبيل انعقاد المؤتمر 13 للجبهة في شهر ديسمبر المقبل، يبرزون فيها مدى تدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية والأمنية في هذه المخيمات خلال السنوات القليلة الأخيرة، الأمر الذي "يشكل خطراً حقيقياً ليس على التنظيم السياسي الصحراوي فحسب بل على وجود الشعب الصحراوي، ومصيره ومجتمعه وأخلاقه"، بحسب ما جاء في رسالة الناشطين الصحراويين التي أوردتها جريدة "الأيام" المغربية.
التعليقات (0)