مواضيع اليوم

عبد الفتاح الفاتحي في حوار مع جريدة الصحراء الأسبوعية يكشف علاقة البوليساريو بالإرهاب

شريف هزاع

2010-07-24 02:32:46

0

 

1 - إلى أي حد يمكن الإقرار بأن البوليساريو يمكنه أن ترتمي في أحضان الإرهاب والتنظيمات الإرهابية؟

دلت تجارب من تاريخ الأمم أن الجماعات لما تحيد عن الإجماع تتحول بالضرورة إلى حالة انتقام ضد كل من يعاكسها الرأي، والحق أن ضيق الأفق السياسي المستقبلي لجبهة البوليساريو، بعدما أوصلت قيادتها المفاوضات إلى النفق المسدود، وبعد الإجماع الدولي على وجاهة المقترح المغربي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا، قد يسهم في ارتماء البوليساريو بين أحضان الجماعات المتطرفة.

وبناء عليه فإن تطبيق الخيارات الدولية التي باتت تراها البوليساريو أنها منحازة للطرح المغربي، قد تدفع بجبهة البوليساريو كتعبير عن ردة فعل سلبية تزيد من تعميق اتصالها مع تنظيم القاعدة في الصحراء الإفريقية، كنوع من الاستنجاد بالجماعات المسلحة التي داومت على إجراء اتصالات معها بحسب التقارير الاستخباراتية الأوربية، وذلك لتنفيذ هجمات داخل الأقاليم الجنوبية، حيث تشترك وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي على مشروع إقامة إمارة إسلامية سياسيا.

ومعلوم أيضا أن جبهة البوليساريو سبق وأن اتخذت مواقف جد قوية، واعتبرت بأن الدول الكبرى منحازة للمغرب وهو ما يعد بمثابة تهديد لهذه الدول، وهي الولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا وفرنسا، قد يصبح واقعيا بضلوع أعضاء البوليساريو في حالات اختطاف رهائن أمريكية وفرنسية واسبانيا مؤخرا.

إن الحديث عن ارتماء جبهة البوليساريو بين أحضان الإرهاب ليس محاولة جديدة بل أن عدة دلائل أكدت ارتباط جبهة البوليساريو بالإرهاب، فضحتها أصوات من داخل المخيمات نفسها، بتأكيد تورط قادة الجبهة في علاقات مريبة مع مجموعات مسلحة منها جماعات إسلامية ومجموعات المتاجرة في البشر والسلاح والمخدرات... وهو ما أكدته تقارير استخباراتية مغربية من أن اعتقال أفراد من جبهة البوليساريو على الحدود مع الجزائر كانوا بصدد تبادل صفقات كبيرة للمخدرات يقودها قياديون في الجبهة.

ولم يعد ربط جبهة البوليساريو بالحركات الإسلامية اتهام مغربي فحسب، بل أصبح قناعة لدى الخبراء العسكريين بالمنطقة، بعدما تأكد ضلوع قيادات من جبهة البوليساريو في الاتجار في السلاح، وبعد تبوث تورط بعض من قادتها بسرقة متفجرات من موريتانيا لبيعها لجماعات إرهابية بالمنقطة.

ولعل صدقية ارتباط البوليساريو بالإرهاب هو ما يزيد الولايات المتحدة الأمريكية اقتناعا بالتحرك الدؤوب من أجل إقامة قاعدة عسكرية "أفريكوم" بالصحراء الإفريقية كمحاولة استباقية لمراقبة الوضع في الصحراء الافريقية الكبرى.

2 – هل تعتبرون أن جبهة البوليساريو أضحت ضعيفة الآن؟ وما هي المؤشرات الدالة عن هذا الضعف؟

فقدت البوليساريو أي أمل لاستمرار صوتها قويا في المنتديات الدولية، كما كان عليه الحال في القرن الماضي، وهو ما انعكس على موقفها التفاوضي للمطالبة بتطبيق الاستفتاء في الصحراء المغربية، والذي تراجع كلية اليوم، تراجع يفسر بتلويح الجبهة بين الفينة والأخرى إلى التهديد بحمل السلاح في وجه المغرب، بل وتهديد فرنسا وبعثة المينورسو كما حدث بعيد مصادقة مجلس الأمن بالإجماع على التقرير الأخير حول الصحراء.

وقد برز هذا التراجع بعد فشل دبلوماسيتها ودبلوماسية حليفتها الجزائر في إحراز أي نصر بعد حملتهما الإعلامية المكثفة بشأن ادعاء تدهور الوضع الحقوقي في الأقاليم الجنوبية على خلفية اعتقال السلطات المغربية لبعض الخونة، وعلى الرغم من استغلالهما للخطأ الجسيم الذي وقعت فيها الدبلوماسية المغربية الرسمية في التعاطي مع أزمة أميناتو حيدر.

كما يتعزز هذا التوجه بتزايد الضغط الدولي على جبهة البوليساريو بخصوص إحصاء لاجئي مخيمات تندوف، وكذا بامكانية التعاطي الايجابي للمنتظم الدولي مع دعوات المغرب إلى توطين اللاجئين بالجزائر أو إدخالهم إلى الأقاليم الصحراوية.

وتؤشر عدة قرائن أخرى أن جبهة البوليساريو فقدت الكثير من رمزيتها باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي، بعدما أعلنت حركة خط الشهيد المنشقة عن جبهة البوليساريو رغبتها في التفاوض المباشر مع المغرب باسم الصحراويين، حيث تحظى الحركة بتأييد شعبي واسع داخل مخيمات تندوف، وتعزز هذا الخلل في البنية السياسية للانفصاليين بظهور حزب التكتل الصحراوي المستقل -(حزب معارض للبوليساريو)-، الذي عبر بدوره عن استعداده للدخول في مفاوضات مباشرة مع المملكة المغربية بإشراف أممي.

وباتت هذه الأصوات المعارضة لتوجه البوليساريو شوكة تدمي قدم الجبهة، إضافة إلى تزايد الاحتجاجات كاحتجاجات أفراد قبيلة الرقيبات العيايشة...، وتعلن عن حجم الاحتقان داخل المخيمات، مما سيرفع إمكانية النزوح الجماعي نحو الأقاليم الجنوبية، وقد بدت تظهر تباشيره بالعودة المكثفة لأفراد المخيمات مؤخرا، وهو ما يكشف بعمق بداية انهيار البيت الداخلي لجبهة البوليساريو.

وهو ما يجعلنا نؤكد أن البوليساريو تعيش مرحلة انتكاسة سياسية مزلزلة، جعلت حلمها بإقامة جمهوريتها العربية الصحراوية الديموقراطية أشبه بخيط دخان تتقادفه الرياح، ويتعزز فشلها في تحقيق حلم انفصال الصحراء بالتحاق عدد كبير من قادتها بالمغرب، من بعد ما خبا التوهج السياسي لقادتها التاريخيين (حراس مبدأ تقرير المصير).

3 - هل تعتبرون أن البوليساريو قريبة من النهاية؟ وما هو مآلها الآن؟

يتأكد اليوم أن مطلب البوليساريو بإجراء استفتاء بالصحراء أصبح من سابع المستحيلات بفعل عامل الزمن وتغير الكثير من الأشياء وشروط التنمية التي أقامها المغرب على الأرض، وهو القشة التي تتمسك بها الجبهة للإبقاء على حبل الود مع الجزائر، لكن مؤشرات الدعم الدولي للمغرب للإسراع بتزيل مشروع الجهوية الموسعة في الأقاليم الجنوبية، يجعل البوليساريو أمام حقيقة موضوعية لا يمكن تخطيها بالعودة إلى الوراء.

ولعل هذا الواقع هو الذي أربك حسابات البوليساريو فعملت على إفشال مفاوضات أرمونك، مما زاد من قلق معظم الدبلوماسيون الدوليون تجاه الجبهة، حيث اعتبروا أن فشل المفاوضات ينتج عنه بالضرورة تعطيل جهود التصدي لتنامي مد الحركات الإسلامية المتطرفة بالصحراء الإفريقية الكبرى، ومحاربة المتاجرة في السلاح والمخدرات والبشر.

ويقابل ارتباك البوليساريو على مستوى مسار المفاوضات ارتياح مغربي بعد الإجماع الدولي على مصداقية مقترح الحكم الذاتي، الذي ترى فيه البوليساريو والجزائر تهديدا استراتيجيا لمطلبهما بـ "تقرير المصير".

وقد تعززت واقعية المقترح المغربي بما عبر عنه صراحة المبعوث الأممي السابق "فان فالسوم" حين قال "إن استقلال الصحراء ليس مطلبا واقعيا"، عقب انتهاء جولات مفاوضات منهاست دون إحراز أي تقدم، وشكل تصريحه ذاك، الضربة التي قسمت ظهر جبهة البوليساريو، وهو الرأي الذي عبرت عنه أيضا غالبية أعضاء الكونغرس الأمريكي في رسالة بعثوا بها إلى الرئيس الأمريكي أوباما ينصحونه بدعم المقترح المغربي.

كما أن العديد من العواصم العالمية اعتبرت المبادرة المغربية جدية وذات مصداقية. وكانت واشنطن أولى هذه العواصم المؤيدة، لكون المقترح المغربي يأتي منسجما وطبيعة رؤيتها الجيواستراتيجية تجاه منطقة مهددة بنشاطات الجماعات الإرهابية المسلحة وشبكات تهريب السلاح والمخدرات والاتجار في البشر وتبييض الأموال...

ولعل حتمية أفول مشروع جبهة البوليساريو أشر عليه القبول الأممي بالمقترح المغربي، وهو القبول الذي يعكس حيوية وشبابية هذا المقترح أمام شيخوخة مطلب البوليساريو بإجراء استفتاء بالصحراء. إضافة إلى اقتناع العالم باستحالة السماح بإقامة دويلة جنوب المغرب، في وقت يتنامى فيه نفوذ الجماعات المسلحة بالصحراء الإفريقية.

ومن جهة أخرى فإن المشاريع التنموية التي أقامها المغرب في الأقاليم الصحراوية من شأنه أن يقضي على ما تبقى من آمال استمرار الخطاب السياسي للبوليساريو في الأمد المنظور، ذلك أن الترسانة الإعلامية التي أقامها المغرب صارت تفند مزاعمها وأكاذيبها التي لم تعد تنطلي على شارعها العام الداخلي، حيث تقوم قناة العيون بتفنيد مزاعم البوليساريو ميدانيا، في وقت تؤكد فيه عدة تقارير أن سكان المخيمات يسترقون النظر لقناة العيون لمتابعة مظاهر التنمية والتقدم التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، ولعل ذلك قد ساهم في تزايد أعداد الملتحقين بأرض الوطن مؤخرا.

وتتعزز النهاية الحتمية للبوليساريو بما أورده تقرير المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن، من أن (جبهة البوليساريو) توجد حاليا في مرحلة متقدمة من التفكك تجعلها تشكل تهديدا جديا للاستقرار الإقليمي. وخلاصات هذا التقرير ترجح بقوة فرضية توجه جبهة البوليساريو لأن تصبح حليفا استراتيجيا للجماعات المسلحة وسط الصحراء الإفريقية ضد المصالح الدولية بالمنطقة، وتنفذ عمليات عسكرية بطبيعة انتحارية داخل الأقاليم الجنوبية الصحراوية.

وتعتبر سلسلة العودة التي يدشنها عدد من العائدين بأنها بمثابة نزيف حقيقي تعيشه جبهة البوليساريو، يربك حساباتها على المستوى الداخلي، إذ لم يسبق أن سجل تصاعد مسلسل العودة بهذا القدر في دفعات متتالية، كما يحصل اليوم، مما يعد دق آخر مسمار في نعش الجبهة.

4 – ما هي تأثيرات تطور الإرهاب بمنطقة الساحل على تنظيم جبهة البوليساريو وعلى مخيمات تندوف؟

لقد أبدت الدول الكبرى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية تخوفها من أن تتحول الصحراء الإفريقية إلى مستنبت جديد للجماعات الإرهابية، يكون وقوده هو فلول مقاتلي جبهة البوليساريو، مما يحول الصحراء الإفريقية الكبرى إلى ملاذ غير آمن على غرار الصومال واستغلالها في الإعداد لهجمات إرهابية على المصالح الأوربية والأمريكية في المنطقة وخارجها.

تخوفات تبقى منطقية غداة تبني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لعدد من عمليات خطف أجانب في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، وهو ما أثار تخوفات من استغلال التنظيم للمنطقة في الإعداد لهجمات كبيرة في مناطق خارجها.

وكانت مصادر إعلامية بناء على تقارير إستخباراتية قد كشفت أن أولويات تنظيم القاعدة تبقى منصبة على تقوية امتداداته بإقامة معسكرات في منطقة الساحل، وذهبت تصاريح صحفية إلى القول بأن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن سبق له أن زار مخيمات تندوف والتقى بقادة جبهة البوليساريو، وتتعزز صحة هذه التصريحات بإعلان الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية انضمامها الرسمي إلى تنظيم القاعدة.

وقد أكد "بيتر بام"، العضو البارز في اللجنة الوطنية للسياسة الأمريكية، من أن تحركات مسلحي تنظيم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) تبقى "مصدر قلق كبير". وقد كان تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي قد قتل ففي العام الماضي البريطاني "ادوين داير" بعد خطفه على الحدود بين النيجر ومالي حين كان يحضر مهرجانا للطوارق، كما أعلن التنظيم مسؤوليته بقتل موظف إغاثة أمريكي آخر رميا بالرصاص في العاصمة الموريتانية في يونيو 2008، وأنه مسؤول عن الهجوم الانتحاري على السفارة الفرنسية بالعاصمة نواكشوظ والذي أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص بجروح في غشت من نفس السنة.

وكان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قد اختطف أربعة أوروبيين في عمليتين منفصلتين، ففي عملية بموريتانيا اختطف ثلاثة مواطنين إسبان، وهم مدير شركة تونيل ديل كادي للإنشاءات والبنى التحتية ألبرت فيلالتا وروبي باسكوال وآلخيا غاميز. وفي الثانية بمالي اختطف مواطنا فرنسيا يدعى بيير كامات.

5 – هل هناك علاقة بين جبهة البوليساريو والإرهابيين بالمنطقة؟ وما طبيعة هذه العلاقة ومآلها على المدى القريبة المتوسط؟

تؤكد العديد من التقارير الاستخباراتية الأوربية والمغاربية ضلوع أعضاء من جبهة البوليساريو في اختطاف عدد من الراهائن وكذا التعاون مع الجماعات المسلحة في الصحراء الإفريقية، وورود أسماء من البوليساريو في تجارة المخدرات والسلاح والبشر، وهي التهديدات التي تؤخذ اليوم على محمل الجد، للتغطية على هذا الارتباط قامت الجزائر بمساعي دبلوماسية حثيثة لإلحاق جبهة البوليساريو ضمن قوات تجمع دول الساحل والصحراء، مما يفوت خضوع عناصرها للمراقبة، قبل أن تفشل الجزائر في مساعيها بعد انسحاب ليبيا من هذا الإتفاق.

وتوالت دلائل هذه القناعة بعد تفجر حادث اختطاف الرعايا الإسبان مؤخرا على الطريق الرابط بين نوديبو ونواكشوط، حيث أشارت تقارير إعلامية عن وجود إمكانيات قوية لتورط أعضاء من البوليساريو في هذا الحادث، وذلك بمساعدة جماعة الدعوة والقتال على اختطاف الرهائن الاسبان ونقلهم إلى مالي.

وقد تزامن هذا مع التحول الذي طرأ في صفوف جبهة البوليساريو التي أضحت تبحث عن موارد جديدة للتمويل، حيث يجد بعضهم ضالتهم في تهريب السلاح والاتجار به، هذا من الناحية المالية، أما من الناحية الإيديولوجية فيبدو أن البوليساريو بدأت تبحث عن نفس جديد، وقد وجدته بعض تياراتها في الأصولية كإيديولوجية معولمة تخترق كل الحدود.

وفي هذا الصدد أوردت تقارير صادرة عن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والفرنسية والمغربية أن شبكة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي قد تمكنت من استقطاب مقاتلين ينتمون لصفوف جبهة البوليساريو. وقد تزكى هذا المعطى بتأكيد خبراء جيوسياسيون على أن حركة عابرة للحدود كتنظيم القاعدة، بالضرورة فإنها تشتغل عبر ارتباطات محلية وإقليمية لتعزيز موقعها، وضمان تعاون كامل مع الأجيال الجديدة من عناصر البوليساريو باغراءات مالية تستخلص من عائدات تهريب الأسلحة واختلاس المساعدات الإنسانية وبعث إيديولوجية دينية جديدة تقوم مقام الفراغ الإيديولوجي الماركسي اللينيني بعد بداية انهيار إيديولوجيا البوليساريو.

وأكد تقرير المركز الأوروبي للاستخبارات الاستراتيجية والأمن ببروكسيل، الذي يعد أحد أهم التقارير الاستخباراتية دقة على وجود تنسيق بين البوليساريو وتنظيم القاعدة، وأرجع ذلك إلى حاجة هذه الأخيرة لامتدادات محلية والاستفادة من الدعم المالي والزخم الإيديولوجي، الذي تقدمه الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وعليه تزايدت مخاوف الفاعلين السياسيين والعسكريين محليا واقليميا ودوليا من تهديدات قد تعلنها جبهة البوليساريو في منطقة شمال افريقيا والصحراء الإفريقية الكبرى في المستقبل، وخاصة بعد أن يشمل اليأس أي أمل في مطلب تقرير المصير، وتتقوى هذه المخاوف بما أفادت به تقارير استخباراتية أمريكية عن التحاق ما يناهز 2500 شخص بالزويرات قادمين من الجزائر في نهاية مارس 2006 بجبهة البوليساريو إضافة إلى ضم الحركة لما يناهز عن 10 آلاف مقاتل تجهل جنسياتهم وانتماءاتهم الحقيقية، حيث يعيش أغلبهم سيرورة تحول من الصعب مراقبة تحركاتهم، وهم يمتلكون أسلحة ثقيلة وصواريخ مضادة للطائرات كانت الجزائر قد زودت بها جبهة البوليساريو.

وأضافت التقارير ذاتها أن السنوات الأخيرة شهدت تناسل العديد من الخلايا الأصولية المتطرفة على امتداد التراب المغاربي، تم تفكيك أكثر من 40 خلية ذات ارتباطات بتنظيم القاعدة داخل المغرب فقط. فيما يعتقد أن المئات من هذه الخلايا لا تزال في حالة خمول فلم يتم وضع اليد على عناصرها بعد.

كما شهد الجنوب الجزائري وتخوم مالي والنيجر وعلى امتداد الساحل في بداية سنة 2004 تمركز عدة عناصر متطرفة ومنهم أطر قيادية قادمة من أفغانستان وباكستان للتأطير والاستقطاب وتدريب المنتمين وتأهيلهم قبل إرسالهم إلى أفغانستان والعراق لتنفيذ عمليات ارهابية هناك. هذا في الوقت الذي تأكد فيه التحاق 2000 مقاتل بالمناطق الحدودية الجنوبية. وتطابقت تقارير المخابرات الأمريكية والفرنسية والمغربية والجزائرية على أن تنظيم القاعدة بعث مستقطبين إلى منطقة الزويرات منذ دجنبر 2005، وتبع هؤلاء آخرون من تندوف.

ومعلوم أن تقريرا حديثا لـ"المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية والاستخبارية والأمنية"، أكد أن جبهة البوليساريو تنزلق أكثر فأكثر صوب مستنقع النشاط الإرهابي للجماعات الإسلامية المتطرفة.
وأضاف التقرير، أن الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والسلاح، التي تطورت بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة، بدت للكثير من الصحراويين المخرج الوحيد من المأزق الذي يحيون فيه، وقد سمح هذا الانزلاق المطرد صوب مستنقع الجريمة بالانتقال إلى النشاطات الإرهابية، خاصة أن الحدود بين المجالين في منطقة الساحل باهتة جدا. كما خلص التقرير أن العامل المادي ليس وحده هو الحافز لعناصر البوليساريو وسكان مخيمات تندوف لممارسة الأنشطة الإجرامية والإرهابية المحتملة، لكن هناك العامل الإيديولوجي الذي استبدل بأفكار دينية متطرفة.

وتزداد مؤشرات تحول جبهة البوليساريو إلى جماعة إرهابية بإعلان "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الولاء لأسامة بن لادن في سنة 2007 وتحول اسمها إلى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ظهرت على هامش هذا التنظيم جماعة سلفية تحمل اسم "إمارة الصحراء"، وأكد التقرير المشار إليه أفراد هذه الجماعة قد تلقوا تدريبات أشرف عليها "مقاتلون من مخيمات البوليساريو".

وتتعزز نتائج هذا التقرير باتهام السلطات الموريتانية لـ "عمر الصحراوي" أحد الأطر السابقة في البوليساريو بعد تأكد ضلوعه في عملية اختطاف الإسبان الثلاثة في نونبر الماضي بشمال موريتانيا غير بعيد عن الحدود المغربية.

كما سبق لمصالح الأمن الموريتاني أن اعتقل بابا ولد محمد بخيلي، وهو من أطر البوليساريو، وعددا من مساعديه لتورطهم في سرقة متفجرات من الشركة الموريتانية للصناعة المعدنية، وهي متفجرات لا تستعملها عادة الحركات المتمردة بل تستخدم من طرف المنظمات الإرهابية. كما سبق وأن أكدت التحقيقات أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال، بقيادة مختار بالمختار، استعملت في هجومها على ثكنة عسكرية موريتانية في يونيو 2005 (الذي خلف مقتل 15 عنصرا وجرح 17 آخرين) سيارات في ملكية البوليساريو.

6 – هل تعتبرون أن الوقت قد حان لرفض المغرب التفاوض مع البوليساريو والمطالبة بمفاوضات مع الجزائر مادامت هي صاحبة الكلمة الأخيرة بخصوص ملف الصحراء؟

لقد تأكد اليوم لدى المنتظم الدولي بأنه لا نية جادة للبوليساريو للتفاوض الجاد لحل النزاع في الصحراء لأنها مشلولة وبلا استقلالية في قراراتها، وهو الوضع الذي جعل كل التقارير الإعلامية الدولية تسم الجبهة بـ "بوليساريو الجزائر"، وهو ما أضاف قناعة أخرى للرأي العام الدولي من أن النزاع حول الصحراء هو نزاع مغربي جزائري، وأنه طالما تظل العلاقات متوترة بين البلدين، فإنه لا أمل يرجى في المفاوضات إلا بمفاوضات مباشرة بين الجزائر والمغرب.

وعليه فإن الظروف جد مناسبة لأن تستثمر مغربيا هذه المعطيات مجتمعة، ويوقف أي إمكانية للتفاوض مع جبهة البوليساريو مادام أن لا استقلالية لها في اتخاذ القرار، ومادامت تتفاوض بتوجيه من أجندة سياسية جزائرية. كما أنها لم تعد ممثلة للحديث باسم الصحراويين؛ الذي تعيش غالبيتهم العظمى في الأقاليم الجنوبية المغربية، وقد تأكد الآن انعدام شرعية تمثيلية البوليساريو بظهور تنظيمين سياسيين قويين هما حركة خط الشهيد وحزب التكتل الصحراوي المستقل داخل مخيمات تندوف.

كما أن القرار الأممي الأخير كان في صالح المملكة المغربية، حيث ربط الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" جلوس الأطراف إلى طاولة المفاوضات حول الصحراء بوضعية الأشخاص المحتجزين في تندوف، وهو ما يمثل ورقة إضافية كسبها المغرب بناء على ضغوطات مارسها على المفوض السامي لشؤون اللاجئين، وهو ما يجعل المغرب يرفض التفاوض مع البوليساريو بشرط فك الاحتجاز المضروب على سكان المخيمات بتندوف، والسماح للمفوضية الأممية بإحصائهم.

وللمغرب الحق أن يرفع من سقف شروط الجلوس إلى طاولة المفاوضات، باستدعاء باقي الفصائل المعارضة لجبهة البوليساريو بغية تحجيم مطالبها أو لقطع الطريق عليها في المنتديات الأممية، ويرجح أن تؤسس الدبلوماسية المغربية لهذا الخيار مرحليا في أفق وقف المفاوضات كاملة مع جبهة البوليساريو باعتبار لا شرعية لها للتفاوض باسم الصحراويين المغاربة، وذلك بعد الشروع في تنزيل الجهوية وتشكيل شبه حكومة مستقلة في الصحراء تكون قادرة على منازعة البوليساريو شرعية التحدث باسم الصحراويين، ويبقى هذا السيناريو الأكثر رجاحة لمستقبل الأيام.

7 – هل من شأن هذه العلاقة وتطورها أن يشكلان خطرا على الجزائر وحكامها؟

تشير كل التحليلات أن وعي البوليساريو بعد نهاية أطروحتهم الانفصالية، وفشل تحقيق الحلم المثالي الذي هيأتهم له الجزائر تاريخيا، قد يدفع بهم للانقلاب مستقبلا على الجزائر وحكامها، بعدما يكتشفون أنهم وظفوا في صراع إقليمي مغربي جزائري بعيد عن تحقيق حلمهم بإقامة جمهوريتهم المزعومة.

وستصبح حينها الجزائر عدوتهم الأولى فور الإحساس بضياع مصالح قيادة البوليساريو، خاصة بعدما ترتفع فاتورة وقوف الجزائر إلى جانبهم، ذلك أن المنطقي هو التعاون الاستراتيجي بين المغرب والجزائر، وهو ما يعني أن إمكانية تخلي الجزائر عن البوليساريو هي مسألة وقت لا أكثر، وحينها سيحس قادة البوليساريو بأن الجزائر مست امتيازاتهم حينما خرق اتفاقا تاريخيا لصالح القضية.

إن مستقرئ مناطق التوثر في العالم ينتبه إلى تبدل أصدقاء الأمس إلى أعداء، بمجرد المس بمصالح قادة البوليساريو يحدث الصراع والنزاع وينقلبون ضد الجزائر وحكامها، واتهامها بأنها لم تكن وفية بالشكل اللازم لتحقيق الحلم المسطر.

elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات