Normal
0
false
false
false
EN-US
X-NONE
AR-SA
فى واحد من اللقاءات الودودة مع عدد من الأصدقاء من مختلفى الثقافات والتوجهات تطرق الحديث بالطبع إلى أحوالنا المصرية، واتفقنا تقريبا على أن من أهم فضائل ثورة 25 ينايرأنها أخرجت جماعات الإسلام السياسى من السراديب المظلمة إلى النور الساطع، فتمكن المصريون من التعرف عليهم عن قرب أفكارا وسياسات وخلقا وسلوكا، وقد تيقن غالبية المصريين التى ألقت بهم ثورة 25 يناير إلى خضم السياسة إن هؤلاء القوم ابتداء من الدعوة السلفية مرورا بالإخوان المسلميين حتى السلفية الجهادية لايتبنون مشروعا للوطن يمكننا أن نختلف أو نتفق حوله، إنهم يتبنون مشاريع لاتتفق مع ثقافة المصريين ولا تلبى إحتياجاتهم فى العيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية، مشاريع غير قابلة للتطبيق فى العصر الحديث، تستهدف على إختلاف تنويعاتها إستدعاء دولة الخلافة الإسلامية التى نتج عن حكم نسختها الأخيرة ( الخلافة العثمانية ) الدمار والخراب والتخلف الذى مازالت تعانى منه الشعوب التى كات تسيطر عليها. وعندما قرر غالبية المصريين الخروج عليهم فى 30/6 /2013 فى مظاهرات سلمية بالشوارع والميادين توعدوهم بالويل والتنكيل وصعائب الأمور. عند هذا الحد من الحديث أقترح أحد الأصدقاء أن يوجه لنا سؤالاً على أن لايستغرق أحداً منا أكثر من خمس دقائق فى الإجابة عنه، وكان السؤال : من هوأكثر قائد يشبهه المشير السيسى، وماهى الحالة الأقرب لحالتنا فى التاريخ البشرى؟ وتوالت الإجابات : أحمس - محمد على- أحمد عرابى - سعد زغلول – جورج واشنطن – لينين – ماوتس تونج - جيفارا. وقلت أنا دون جون ،ولما لم تسعفنى الخمس دقائق لشرح فكرتى وعدت الأصدقاء بشرحها فى مقال وهذا ماأفعله الآن:
فى خلال القرن السادس عشر إرتعدت فرائص الأمم الأوروبية من الخطر العثمانى العظيم الذي هدد القارة الأوربية ، من جراء تدفق الجيوش العثمانية براً وبحراً، ورعاية الدولة العثمانية لقراصنة البربر الذين أعاقوا طرق الملاحة فى البحر المتوسط وعطلوا الحياة فى المدن والمناطق الساحلية به، فأخذ البابا بيوس الخامس خلال أعوام 1566 – 1572م يسعى من جديد لجمع شمل البلاد الأوروبية المختلفة وتوحيد قواها براً وبحراً تحت راية البابوية وقد كتب يقول : "... إن السلطنة التركية قد تمددت تمددا هائلاً بسبب نذالتنا " ، ونص الكتاب الذى أرسله إلى ملك أسبانيا على "أنه لاتوجد دولة فى أوروبا يمكنها أن تقف بمفردها فى مواجهة الدولة العثمانية ولذلك فالواجب على كافة الدول الأوروبية أن تتحد لكسرالغرورالتركى" وقد اسفرت تلك الدعوات عن عقد اتفاق لتشكيل حلف بين كل من البابا بيوس الخامس بابا روما وفيليب الثانى ملك أسبانيا وجمهورية البندقية، وانضم لهذا الحلف عدد من المدن الإيطالية منها توسكانيا وجنوة وسافوى وانضمت له فرنسا لاحقا. وفى عام 1571 قام كل من بيوس الخامس وفيليب الثانى وملك البندقية بإعلان الحرب الهجومية والدفاعية على الأتراك لأجل أن يستردوا جميع المواقع التي اغتصبوها من المسيحيين ومن جملتها العثمانية منذ تأسيسها ولم تحقق نتائج حاسمة، وهكذا بدأ يتشكل الائتلاف الأوروبى الواسع . من تونس والجزائر وطرابلس، وكان هذا الإتفاق هو الإتفاق الثالث عشر الذى تعقده أوروبا ضد الدولة ببناء أسطول على قدر كبير من القوة والكثافة في عدد السفن فكان يضم حوالى 500سفينة و30 ألف جندي و16 ألف جداف ، واختير قائد عام للأسطول يتمتع بمهارة عسكرية بحرية كبيرة هو القائد النمساوى دون جون . اماالأسطول العثمانى فى البحر المتوسط فكان يضم حوالى 400 سفينة تحت قيادة برتو باشا ومؤذن على باشا. وسار دون جون إلى البحر الادرياتيك ، حتى وصل إلى الجزء الضيق من خليج كورنث بالقرب من باتراس وليس ببعيد عن الجزيرة اليونانية ليبانتو الذى أعطي اسمها للمعركة والتقى الأسطولان بالقرب من الجزيرة اليونانية عام 1571 وأتسمت معركة ليبانتو بالدموية والعنف الشديدين، فقتل فيها قائد القوة البحرية العثمانية مؤذن علي باشا وابنه مع بداية المعركة كما أسر ابنه الثاني، وغرقت سفينة القيادة في الأسطول العثماني التي فيها برتو باشا، وكانت الخسائر في تلك المعركة ضخمة للغاية لكلا الطرفين فقد خسر العثمانيون 142 سفينة بين غارقة وجانحة وأسر الصليبيون 60 سفينة عثمانية، واستولوا كذلك على 117 مدفعا كبيرا، و256 مدفعا صغيرا، كما تم تخليص 30 ألف جداف مسيحي أسرى كان القراصنة الذين يعملون تحت رعاية وحماية الدولة العثمانية التى كانت توفر لهم الملاذ الآمن وتمدهم بالسفن والأسلحة قد اخطتفوهم، وسقط من العثمانيين حوالي 20 ألف قتيل وأسير، من بينهم 3460 أسيرا، وحاز الصليبيون راية مؤذن باشا الحريرية المطرزة بالذهب ( أعادها بابا روما إلى تركيا سنة 1965م كتعبير عن الصداقة بين الجانبين)، وقتل من الأوروبيين حوالى 8 آلاف قتيل و20 ألف جريح واصيبت غالبية سفنه.
إحتفلت القارة الأوروبية بنصر ليبانتو الظافر ، فلأول مرة منذ أوائل القرن الخامس عشر تحل الهزيمة بالعثمانيين فهلل الأوروبيون لذلك الإنتصار وأقيمت الزينات في كل مكان بأوروبا وأفرط الأوروبيين في تمجيد دون جون أمير الأساطيل المتحدة الذي أحرز هذا الانتصاروعدته الجماهير بطلاً شعبيا ملهما من لدن الرب ، إلى حد أن البابا لم يتورع عن القول أثناء الاحتفال في كنيسة القديس بطرس ، بمناسبة هذا النصر : (إن الإنجيل قد عنى دون جون نفسه ، حيث بشر بمجيء رجل من الله يدعى حنا) وظل العالم المسيحي ومؤرخوه ينوهون بهذا النصروقائده الملهم ، حتى أن القواميس المدرسية الحديثة لا تذكر ثغر ليبانت ، إلا وتذكرمعه دون جون المشار إليه على اعتبار أنه أنقذ المسيحية من خطر كان يحيق بها، فقد زال خطر السيادة العثمانية في البحر المتوسط ، ومع زوال هذا الخطر زال الخوف إن أهمية ليبانتوأنها كانت ذات تأثير عظيم فقد أنهت أسطورة عدم القدرة على قهر العثمانيين التى كانت سائدة فى جميع الأوساط الشعبية والرسمية وخاصة فى أوساط الطبقة الوسطى التى كانت فى ذروة تشكلها بالمدن الأوروبية، فقد اختفت هذه الأسطورة ولم تعد للوجود ثانية على أقل تقدير في البحر ، وأزيح ذلك الخوف عن قلوب حكام إيطاليا ، وأسبانيا ، وتزعزع تأثير الدولة العثمانية على سياسة القوى الغربية. وأصدر فيليب الثانى ملك أسبانيا قرارا بتولى دون جون حاكما عام على النمسا مكافأة له على انتصاراته وتتويجا لتمجيد البابا والشعوب الأوروبية لبطولاته. إلا أن حكمه للنمسا لم يستمر طويلا فقد ثار النمساويين مطالبين بالحرية والإستقلال عن أسبانيا، وكأنهم أرادوا توصيل رسالة إلى البشرية عبر الزمان والمكان مؤداها ان من ينتصر فى الحروب العسكرية ليس شرطا أن ينجح فى حكم الشعوب. . l .
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-qformat:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin-top:0in;
mso-para-margin-right:0in;
mso-para-margin-bottom:10.0pt;
mso-para-margin-left:0in;
line-height:115%;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:"Calibri","sans-serif";
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-fareast-font-family:"Times New Roman";
mso-fareast-theme-font:minor-fareast;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;}
التعليقات (0)