مواضيع اليوم

عبد السلام جراد والمكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل القاهر الأول للشغالين التونسيين

adnane hajji

2009-05-19 11:36:51

0


الاتحاد العام التونسي للشغل أمام منعرج الفصل 10:تأبيد أم تداول

ينشغل النقابيون المنضوون تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل في جميع الجهات و القطاعات بكافة مراحل المنعرج الذي دخلته المركزية النقابية بعد تبني الفصل 10 من القانون الأساسي(مؤتمر المنستير ديسمبر 2006) الذي لن يمكن كما هو معلوم 9/13 من أعضاء المكتب التنفيذي الحالي من تجديد ترشحهم لعضوية هذه الهيئة القيادية الرئيسية للدورة النيابية المقبلة.و تزداد أهمية الموضوع كلما اقترب موعد المؤتمر المزمع عقده شتاء 2010 حيث تمضي عملية تجديد الهياكل قدما باتجاه تشكيل اتجاهات الرأي صلب النقابيين الذين سيكونون نواب المؤتمر القادم في ضوء تعتيم نقابي رسمي عبر عن إرادة في استبعاد المسألة من التداول النقابي العام سواء خلال نقاشات المؤتمرات أو في منبر الإعلام النقابي،فانحسر الاهتمام بها في أضيق الدوائر و الحال أن المكانة الاجتماعية و الدور الوطني للمنظمة يقضيان بضرورة تناول الموضوع في كل مستويات العمل العام عموما و النقابي تحديدا.فهل ستسلّم الأغلبية المنتهية ولايتها شتاء 2010 بالأمر الواقع ليأخذ مسار تشكل قيادة جديدة مجراه الطبيعي أم أن الأمر سيشهد منحى مغايرا؟ماهي سيناريوهات تفاعل هذه القضية صلب أكبر منظمة نقابية بالبلاد و أحد أبرز الفاعلين على الساحة الوطنية؟
قبل الإجابة عن هذه التساؤلات المشروعة لابد من التذكير بملامح المرحلة الاجتماعية/النقابية المقبلة و التي ينتظر أن يتعمق فيها ظهور التداعيات المرتقبة للأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد التونسي و من ثمة على الجانب الاجتماعي من حياة التونسيين عموما و الشغالين منهم على وجه الخصوص حيث ينتظر أن يشهد النسيج الصناعي/الخدمي التصديري(صناعة النسيج / الالكترو ـ ميكانيك / السياحة) و بالنظر لأهميته في الناتج الداخلي الخام و في التشغيل مصاعب انخفاض العائدات المالية الناجمة أساسا عن الركود الاقتصادي الذي دخلته بعد اقتصاديات الاتحاد الأوروبي الشريك الأول لبلادنا كما ينتظر تسجيل انخفاض في التحويلات المالية للعمال التونسيين المقيمين بالخارج و خاصة ضمن الاتحاد الأوروبي هذا بخصوص القطاع الخاص و ينتظر كذلك أن ينجر عن تراجع نسق الاستخلاص الضريبي بالنظر لتراجع المرابيح لدى المؤسسات الاقتصادية و ضغوطات المديونية فيما يتعلق بميزانية الدولة ارتفاع في التداين الداخلي و الخارجي و الضريبة للفئات الدنيا و الوسطى وفي أسعار المواد الاستهلاكية بما يعمق من تآكل القدرة الشرائية لجمهور الشغالين فضلا عن مزيد تراجع القدرة على التعويض و تمويل الخدمات الاجتماعية(الصحة و التعليم و الثقافة و النقل و الاتصال و السكن) و تفاقم مصاعب نظام أنظمة الضمان الاجتماعي(خاصة cnss) في ضوء تراجع نسق الاستثمار و التشغيل في علاقة بموارد الصناديق الاجتماعية من جهة و ارتفاع تكلفة مجابهة التسريح عن العمل لأسباب اقتصادية من جهة أخرى.وفقا لهذه اللوحة التي بدأت العديد من المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية تبرهن على بدء اكتساحها للمشهد الاقتصادي و الاجتماعي فالنقابي التونسي و في مقدمتها الانخفاض المعلن رسميا في تقديرات نسبة النمو الاقتصادي إلى 3.5 بالمائة تبدو ملامح ضرورة التغيير في مستوى التعاطي مع مختلف القضايا المطروحة في الوسط النقابي مسألة ملحة و ضاغطة.
لقد مثل المنجز الاجتماعي للفريق النقابي القائم على شأن المنظمة منذ ربيع سنة 1989 أحد عوامل تثبيت الاستقرار في مستوى إدارة العلاقة بين رأس المال و العمل مما مكن من تحقيق الضبط الصارم و المحفز لاستمرار تحقيق معدل نسبة نمو اقتصادي في حدود 5 بالمائة فيما يتعلق بنسق تطور الأجور و التشريعات الشّغلية في سياق تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي من خلال نموذج "المفاوضات الاجتماعية الدورية" التي انطلقت سنة 1990 و ذلك بالتوازي مع اعتماد سياسة الإقراض من أجل تنشيط الاستهلاك للتعويض عن تجاهل الطلب الداخلي و الاعتماد على مقدرة شرائية مرتفعة لدى الشريك الأوروبي لضمان أعلى معدلات ربحية ممكنة لرأس المال(المركب الصناعي/الخدمي التصديري ـ الرأسمال البنكي) مع غض الطرف النقابي عن مختلف أوجه اللاتوازن في مجالات الجباية و الخدمات الاجتماعية و سياسات التكوين و التشغيل.
و يلخص التحليل البياني للعلاقة التنافرية بين منحنى تطور حجم الأجور ومنحنى تطور حجم نصيب الملكية و المؤسسة من الناتج الداخلي الخام و كذا رصد تطور العبء الجبائي للعشريتين المنصرمتين طبيعة "السياسة النقابية" التي انتهجتها قيادة المنظمة و امتداداتها القطاعية و الجهوية،بل أكد تبني قيادة المنظمة لمطلب الزيادة الخصوصية الدورية محدودية الزيادات التي تفضي إليها مختلف جولات المفاوضات الاجتماعية فضلا عن عدم قدرة القيادة نفسها رفض حركية مطالبة القطاعات المعنية بالزيادة الخصوصية لأسباب انتخابية(التعليم بحلقاته الثلاث ـ الفلاحة ـ الصحة) كما تبرر الأحادية النقابية ذات الدعم الحكومي/ النقابي الرسمي غياب الحرص على استدراك التأطير النقابي لعمال القطاع الخاص من قبل المركزية النقابية انطلاقا من ضمانات سحب و تعميم كل التغييرات المالية و الترتيبية المتعلقة بالأجور و العلاقات الشغلية على كافة العمال حتى ولو كانوا خارج دائرة التأثير النقابي و ذلك انسجاما مع رؤية "الوفاق النقابي" التي تطبع السياسات النقابية الرسمية مع الطرف الحكومي و الأعراف،كما أكد التعاطي النقابي الرسمي مع ملف الخصخصة حجم الكلفة الاجتماعية التي تكبدتها الطبقة العاملة التونسية خلال العقدين المنصرمين و حجم الخسارة التي عاناها الاقتصاد التونسي جراء هذه السياسة حيث لم تثبت حتى هذه اللحظة الضرورة الاقتصادية المحلية للتخصيص بل ثبتت وثوقية إيديولوجية تؤله السوق التي شرع كبار منظري الرأسمالية المتوحشة في إعادة النظر في جدارتها بقيادة عالم الاقتصاد مع اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية.
إن تسليم القيادة النقابية الحالية أو معظمها على الأقل عند انتهاء ولايتها شتاء2010 بالأمر الواقع سيظهرها بمظهر المحترم لقوانين المنظمة و الساهر على تنفيذها و المنصاع لإرادة النقابيين التي جسدها إصرارهم على التمسك بالفصل 10 من القانون الأساسي في مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل ديسمبر 2006 بمدينة المنستير و سيكون لعملية تسليم مشعل قيادة المنظمة لفريق نقابي من اختيار المؤتمرين في المؤتمر القادم دليل قوة للقيادة السابقة و اللاحقة و للمنظمة بشكل عام و مؤشر قوي على ترسخ الممارسة الديمقراطية صلبها وهو ما يعني فرصة نادرة لتشكل قيادة جديدة ستجبرها ضغوطات الظرفية المشار إليها لضرورة تغيير التعاطي النقابي مع العديد من القضايا و ذلك قصد تثبيت و استكمال الشرعية القانونية بالشرعية النضالية كما أن هذه اللحظة سوف تفتح الباب مشرعا أمام النقابيين لمناقشة قضية نظام توزيع السلطة و دوائر صنع القرار النقابي و تقييم مكانة القطاع و الجهة ضمن الهياكل التداولية و التنفيذية للمنظمة ما يطرح العديد من الإشكاليات في مستوى تعديل القانون الأساسي و النظام الداخلي كما قد تطرح قضية التموضع السياسي و الاجتماعي للمنظمة ضمن المشهد الوطني و طبيعة الموقف من الخيارات الاقتصادية و الاجتماعية للحكم في علاقة بمصالح و مكاسب الشغالين التونسيين،و سيقف النقابيون على أن التعارض مع الخيارات الاقتصادية و الاجتماعية للحكم من منطلق المحافظة على مكاسب الشغالين و الحرص على مصالحهم لا يعني بالضرورة ولوج دائرة العمل السياسي بل هو تحرير للحوار الاجتماعي من قيوده السياسية،حيث لا مفر من مناقشة كافة جوانب التأثيرات الاجتماعية للسياسة الاقتصادية القائمة في مجال سياسات الاستثمار التي لا فقط فاقمت من البطالة و إنما أصبحت تهدد حياة الآلاف من الشغالين بالتسريح كما أثر نظام توزيع المداخيل سلبا على الفئات الدنيا و الوسطى عموما و على الطبقة العاملة تحديدا من خلال سياسات التأجير المعتمدة و التي ترى في الأجر كلفة وجب الضغط عليها لا محركا من محركات التنمية الداخلية وجب تطويره. 
و إن عدم تسليم القيادة الحالية للمنظمة بالمصير الذي سيفرضه على أغلبها الفصل 10 من القانون الأساسي يعني فيما يعنيه ضرورة عقد مؤتمر استثنائي أحد أبرز أهدافه تعديل القانون الأساسي باتجاه الإفساح في المجال لكل من يحول مضمون هذا الفصل دون ترشحه لعضوية المكتب التنفيذي إلا أن الإقدام على هذه الخطوة يتطلب حججا وجيهة نقابية و تنظيمية يقبل بها النقابيون خاصة أولئك المحسوبون على المعارضة النقابية و المصرون على التمسك باستقلالية المنظمة و ضمان الممارسة الديمقراطية داخلها بما لا يعرّض الوحدة النقابية لمظاهر الزعزعة و ذلك مهما كانت طبيعة التعامل النقابي الرسمي مع الترتيبات السابقة و اللاحقة لعقد المؤتمر علما و أنه لا يمكّن مؤتمرا عاديا من ترشيح من ليس بإمكانه الترشح قانونا إذ لا تطبيق لتعديلات بالمفعول الرجعي.و إن مقتضيات ضمان الوحدة النقابية و معالجة أزمة القيادة معالجة هادئة تتطلب قدرا من التوافق النقابي/النقابي يضمن الاستجابة لقدر من تطلعات نزعة الاستقلالية و الديمقراطية النقابية في القانون و الممارسة و يضمن كذلك قدرا من التغيير في إطار الاستمرارية ما يستلزم قدرا كبيرا من المرونة و الانفتاح في التعاطي مع المسألة، و ما من شك في أن التطور الذي عرفه موقف المركزية النقابية من قضية الحوض ألمنجمي ـ على محدوديته ـ سواء في شقها الاقتصادي و الاجتماعي أو في شقها الحقوقي و الذي ساهم تيار الاستقلالية النقابية في الدفع به للأمام ما من شك في أنه يجسد مظهرا من مظاهر الإمكانيات و الفرص الحقيقية التي تزخر بها المنظمة لبناء التوافقات حيث تراجعت حدة الانتقادات التي دأب نقابيو تيار الاستقلالية على توجيهها لموقف القيادة النقابية من هذه القضية أما خيار الركون لسياسة الهروب إلى الأمام و المراهنة على العوامل الخارجية فمحكوم عليه بالفشل مسبقا و ذلك بالنظر لدقة و حساسية الظرفية السياسية و الاجتماعية التي تعيشها البلاد.
ولئن بدت اللحظة المرتقبة لمناقشة موقف الاتحاد العام التونسي للشغل في إطار الهيئة الإدارية الوطنية من الانتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة و بعد قطع أشواط معتبرة في مسار تجديد الاتحادات الجهوية و النقابات العامة و الجامعات العامة محطة هامة لاختبار تطور علاقات القوة داخل المنظمة بين توجهي التحفظ و الدعم فإن حوارا علنيا معمقا بين كل النقابيين و في كل المواقع أصبح لا غنى عنه من أجل توضيح الرؤية و بلورة المواقف و نحت البدائل ذلك أن جدلية التداول و التأبيد بدأت تكتسح مجتمعنا و ليس من الحكمة أن تبقى أكبر منظمات البلاد بعيدة عن تناول هذه القضية المصيرية.إن الصمت النقابي في كافة المستويات و الإعراض عن مناقشة أزمة القيادة التي تعيشها المنظمة و التي هي جزء من أزمة الديمقراطية داخل الحركة النقابية التونسية ليس في مصلحة الاتحاد و لا في مصلحة الشغالين، و إن أي انزلاق نحو شخصنة مطلب مناقشة أزمة القيادة و أزمة الديمقراطية داخل الاتحاد يعد في رأينا مقدمة سلبية لموقف مناف للتقاليد و الرؤى الديمقراطية و مغلب للمصالح الشخصية الضيقة ذلك أن عدم التنكر لمقررات المنظمة و قوانينها سمة من سمات القيادة الشرعية.                                                                                     
 
محمد الهادي حمدة    
 
(المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي)



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !