بقلم // زيد يحيى المحبشي
مثلَّ رجوع الإمام موسى الصدر من إيران في العام 1959 منعطفاً فارقاً في تاريخ الطائفة الشيعية اللبنانية ، بشروعه في وضعها على الخارطة السياسية بعد أن كانت مغيبة بسبب انكفاء قادتها عن العمل السياسي، فعمل على تعبئتها في إطار عصبية طائفية مثل باقي الطوائف موجداً ما يسمى بالشيعة السياسية متجهاً بعدها إلى تنظيمها داخليا بإنشائه عدد من المؤسسات منها المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في 1967 لتنظيم شؤون الطائفة وتحسين أوضاعها كونه أعلى مرجعية رسمية لأبنائها بمختلف أطيافهم.
ويشغل الشيخ عبد الأمير قبلان منصب نائب رئيس المجلس منذ العام 2001 حيث ظل المجلس بعد اختفاء رئيسه موسى الصدر في 1978 ينتخب نائبا فقط لإدارة شؤونه إلى حين معرفة مصيره.
يتبع المجلس رئاسة الوزراء من الناحية الرسمية شأنه في ذلك شأن مفتي الجمهورية السني المذهب، إلا أنه من الناحية التاريخية يعد قريبا من "حركة أمل" المنفردة بالتحكم في القرار السياسي الشيعي إلى أن تم الإعلان رسمياً عن "حزب الله" في 1985 المستحوذ اليوم على أغلبية المشهد السياسي الشيعي ما نجده في تنامي نفوذه داخل المجلس في السنوات الأخيرة وتحديداً منذ تولي نيابته الشيخ قبلان عكس ما كان عليه سلفه الشيخ محمد مهدي شمس الدين المتسمة ولايته بالتوازن حيال فرقاء العمل السياسي الشيعي باعتبار المجلس مؤسسة حاضنة للجميع وحيادية في أدائها، بينما اكتفى قبلان بالعمل على عكس رأي موحد للطائفة بما يكفل التصدي للضغوط المستهدفة المشهد الشيعي بأطيافه، ما نجده واضحاً في مواقفه من الأزمات العاصفة بلبنان خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ورغم ميلانه بصورة واضحة إلى كفة "حزب الله"، فقد نجح في امتصاص امتعاض "حركة أمل" حيال المواقف التي يتخذها الحزب خلافاً لرؤيتها بدا معها البيت السياسي الشيعي موحدا الميزة المنفرد بها حاليا عن باقي الطوائف اللبنانية. ومع ذلك يظل شمس الدين من حيث قوة التنظير والتحليل الأقوى والأبرز في توجيه الشيعة السياسية والتأثير على الأطياف اللبنانية الأخرى والأكثر تحرراً من لوبي التنظيمات السياسية الشيعية.
التعليقات (0)