عامل النظافة .....قصه قصيره
جالس في مكتب العمل مع احد الزملاء نتجاذب الحديث في ما بيننا الذي كثير ما يتباهى بما يملك والده من عقارات ومحلات تجارية معروفة في المنطقة ولا ادري لما طاب له أن يحدثني في هذا التوقيت عن مميزات سيارته الجديدة التي أعطاه والده أيها من معرض السيارات الذي يملكه
فبدأ يحدثني عن مميزة مكيفها وتبريده الفائق فأتذكر عطل وخراب مكيف السيارة الذي بقي على حاله هذا أكثر من الشهر ويذكر لي سعرها في السوق الذي قد يفوق قيمة سيارتي بأربعة أضعاف عند وقت شرائي لها
فهذا حال جلستنا التي لم أجرؤ على الحديث فيها ومجارات حديثه الذي كان كثيراً مزعجاً لنفس منغص عليها سعادتها بما عندها
ولكن الحمد لله أتت منحة الفرج
فطلب الإذن بالرحيل ليسابق الوقت قبل إقفال مكتب السفر ليؤكد الحجز على طائرة الخطوط الماليزية التي قرب موعد انطلاقها
فتركني وحيداً فريسة جاهزة طبخت على نار مستعرة
لصوت خبيث بدأ يهمس في أذني فيقول انظر فيما أعطاه الله هو قد لا يعرف طريق المسجد وأبوه ليس أفضل حال منه فقد لا يكون يعرف الفرق بين التشهد الأول والتشهد الأخير
فصرت أجيد المقارنة لمعادلات حسابية خبيثة النتائج بكل اقتدار
بما عندي وما عنده وتبين الفرق الشاسع بينهما وربط ذلك بخيط خبيث لعبادتي لله وطاعته من صلاتي وصيامي وتمسكي بشريعته وانفلات وتسيب وقلة مروة زميلي اتجاه دينه
فبدأ اليأس من مردود العبادة لله وزاد كره النفس لإلجامها عن مواطن ما حرم الله وكأنني بدأت أفك عقد عقال إيماني عن نفسي التي أرادت الانطلاق نحوى السعادة المنشودة كزميلي السعيد بما عنده
فرق القلب لهوى النفس وطاب للفكر تجربة ما قد يكون به السعادة سواء كان حلالاً أم حرام
فغرقت النفس في أحلامها وسافر الفكر مع صاحبي المسافر إلى ماليزيا
الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر
أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن محمداً رسول الله
أشهد أن محمداً رسول الله
حي على الصلاة، حي على الصلاة
حي على الفلاح، حي على الفلاح
نعم انه أذان صلاة الظهر انطلق من منارة المسجد الموجود بقرب مكان العمل
فكان النفس لم تريد سماعه وهي في غفلت أحلامها السعيدة ولكن لله الحمد بقي فيها من الإيمان بما يحثها للنهوض والتوضؤ والاستعداد للصلاة
فهذه خطوات الأقدام ليست مسرعة كعادتها والنفس ليست منشرحة لهذا كعهدها السابق للمسجد والصلاة مع جماعة المسلمين
ففتحت باب المسجد فتسمر النظر على منظر قد تعودت على مشاهدته كل يوم
فهذا عامل نظافة مقر العمل الذي لم يعطى من سعادة الحياة كما أعطيت
يقف بكل خشوع وتواضع لله يصلي ركعتي تحية المسجد يطول سجوده وركوعه فيها
فقربت منه وصليت ركعتي وفكري معه لماذا لا اعلم ولكن النفس أرادت ذلك
فحاولت أن اسلم قبله وفعلاً حدث هذا ولله الحمد ان حدث هذا
فكان المنظر المنجي والجواب الشافي للنفس من الصوت الخبيث الشيطاني الذي زرع فتنه في قلبي قبل قليل
فهو رافع يديه لله حامداً شاكراً راضياً بما أعطاه الله من الدنيا وهو والله لا يملك منها شي كما نملك
فالراتب لا يتعدى الأربعة مئة ريال والسيارة دراجة هوائية كثيرةٍ ما يغير إطارها وقطع الترقيع بملابسه قد لا تعد من كثرتها
فكان الجواب العظيم لسؤال كبير
هل عامل النظافة هذا شارط الله على عبادته إياه بنعم الدنيا وسعادتها .....؟؟
لا والله لا ذا ولا ذاك
ولكن الإيمان بان هذه الدنيا فيها من يستدرج ومن يبتلا ومن يعطى ومن يمنع من خيرها
وقبل هذا بأن الله لن يضيع اجر المحسنين فهو حاصل لا محال عاجلاً أم آجلاً
فلولا خوف ان يقال لي باني مجنون لما منعت النفس من تقبيل رأس هذا العامل فلقد كان سبب عودتي وتصحيح نظرتي اتجاه هذه الدنيا
دون إدراك منه ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء
وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
عندما قال
‘‘انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك ‘‘
بقلم
حسام سيف
التعليقات (0)