مواضيع اليوم

عامل التوصيل الوديع ..متهم

هـنــد بن كحيلة

2009-05-24 08:45:18

0


يبدو أن فكرة التوصيل المجاني للطلبات استهوت الكثير فقد صارت السمة التي ترافق كل خدمة يمكن أن يحتاجها المرء في حياته ، كما أن للكسل يد في توسعها ولحرارة الطقس  وقلة الوقت مبعث كبير في انتشارها فصارت حلةً ترافق كل المحلات بدءً من محلات التجزئة وصولاً إلى أصغر بقالة أو مغسلة.
عادةً ما تترافق عبارة "التوصيل إلى البيوت مجاناً" بمحلات المأكولات والبقالات التي تنتشر في الأحياء السكنية كالفطريات فوجودها قد يعطي قيمة إضافية للمحل الذي يقدم أمثاله الخدمات نفسها، وهي فكرة ترويجية  مفضلة لمجتمع صار يقوم بكل شؤونه وهو رابض في مكانه.قوام مهمة التوصيل شخص مطيع ووديع يطلبه الناس فيأتي في الحين، معروف بابتسامته ووداعته إذ لا يمكن أن يكون متجهم الوجه مادام عمله مع الجمهور مباشرة، لكن  البعض يقول ومنهم ابراهيم وهو صاحب بقالة بأن عمل هؤلاء الأشخاص مع طبقات مجتمع مختلفة يحتم عليهم أن يكونوا كذلك.ليس هذا فحسب فعامل التوصيل أوكما يصطلح عليها بـ "الديلفري بوي"مستعد لتقديم طلباته للجميع وتحت أي ظرفٍ. يقول محمد وهو عامل توصيل بسوبر ماركت سناء المدينة بالشارقة  بأنه يتلقى أكثر من ١٠٠ اتصال يومي يتنوع من طلبات المياه والمواد الغذائية وبطاقات الهاتف وأنه يسعد كثيراً بتقديم خدماته على نطاق أوسع في شارع بقالته  لأنه وحسب قوله فعمليات الترويج بالبطاقات الخاصة بالبقالة أتت أُكلها لأنه صار يستقبل طلبات من مناطق بعيدة  على أطراف الشارع!كما أبدى عدم تذمره من الطلبات الصغيرة التي تنحصر في علبة بيبسي وعلب الشيبس والعلكة الصغيرة لأنها من بنود عمله الذي يتقاضى عليه راتب ١٠٠٠ درهم شهرياً كما تخصص له الشركة مسكناً وأكلاً بالمجان.
أما زبير وهو عامل توصيل ببقالة الكويتي الذي قضى أكثر من ثلاث سنوات في هذه المهنة التي يحبها ولكنه لا يخفي تذمره من بعض الزبائن الذين يغيرون رأيهم بعد أن كان قد قطع مسافات لتوصيل الطلب كأن تكون الزبدة دانماركية والزبون من مؤيدي المقاطعة أو أن يزيد عمر  علبة الروب ببعض الدقايق! أو عدم وجود "الخردة " التي صار زبير يبقيها معه تحسباً للأزمات. في حين لا توجد مشكلة مع العائلات التي تملك دفتراً للطلبات يتم التسديد فيه شهرياً. ويتذكر زبير قصة الولد الذي طلب مأكولات دون علم أمه وأثناء التوصيل لم تكتف الأم بتوبيخ ابنها فحسب فقد نال زبير نصيبه هو الآخر من التوبيخ ورمي الطلبية في وجهه.
بالنسبة لمحمد وهو عامل توصيل ببقالة الخيمة فيعترف بأن زبائنه يتعاملون معه باحترام كبير وأن علاقات طيبة نشأت عن عمله هذا حيث   يرجئ بعضهم في حال عدم توفر السيولة كما لا يبخل عليه الزبائن  ببعض البقاشيش التي تتراوح بين الدرهم والدرهمين والخمس دراهم. ويعترف محمد بأن محصوله الشهري من البقشيش يصل مرات إلى ١٠٠ درهم، وتوظف بقالته شخصين مساعدين له في المهمة حيث يختص كل شخص بمنطقة محددة تجنباً لتذمر الزبائن من عدم الوصول في الوقت “ لقد لجأنا إلى توظيف موظفين جدد بعد أن عزف الزبائن عن بقالة مجاورة لنا يقوم صاحبها بغلق المحل كلما أراد توصيل طلبية”.ويضيف محمد بأن فترة انتعاش الديلفري تكون في الصيف أين يفضل الجميع عدم الخروج وخاصة وقت الظهيرة. الطريف أن أصحاب المهن هذه يعرفون خبايا هذه المهنة بل ويعرفون بعضهم و أخبارهم أول بأول فالقضية قضية منافسة وأكل عيش.
تحكي جميلة موظفة بهيئة كهرباء ومياه الشارقة قصتها مع الديلفري بوي التي انتهت بمشاجرة شديدة لا تزال تذكر أطوارها فقد حدث أن أحضر لها عامل التوصيل دفتر مستحقات الشهر والتي بدت مضاعفة عما طلبت وتبيّن أن أحد الأشخاص يطلب باسمها الأمر الذي دفعها إلى مقاطعة البقالة إلى  الأبد " هذولة الديلفري بوي ملاعين يحاولون الاحتيال علينا دوماً وخاصة عند الدفع" ومع ذلك فقد كانت تدفع بقشيشاً جيداً لعامل توصيل البقالة المقابلة الفقير وقد أكرمته مؤخراً بمبلغ جيد لدى سفره إلى بلده.أما زميلتها العنود فلا تستخدم هذه الخدمة إطلاقاً لأن البقالات منعدمة أمام الفيلا التي تقيم بها!
فكرة "الديلفري " مستحسنة إذا ما تعلق الأمر بالطلبات المستعجلة ولكنها ليست كذلك بالنسبة للأطفال الذين ألفوا هذه العادة بأن صاروا يطلبون رقائق البطاطا والعصائر  بالهاتف لتصلهم وهم منهمكين في مشاهدة التلفزيون أو لعبة "البلاي ستيشن" الأمر الذي يزيد من المصاريف المنزلية التي يدفعها الوالدين طائعين آخر الشهر كما يحدث أن تتغير العادات الغذائية لهم تقول "فوزية" وهي ممرضة وربة بيت أن أطفالها تعودوا على الكسل والأكل الجاهز من الخارج وأهملوا بذلك طبخها المنزلي، ولم تخف فوزية جشع بعض البقالات التي تحضر الأشياء الأغلى بدل التي طلبتها وبسعات وزنات أكبر  للضغط على الزبون. البعض  ومنهم محمد ناصر يرى في مهاتفته لفتى التوصيل بعض الإحراج إذ يتعمد إضافة بعض الطلبات التي لم يكن ليحتاجها خجلاً من أن يُنعّت بالبخل كأن يضيف على علبة اللبنة كيلو طماطم وكيلو خيار وقارورة زيت.كما أن بعض الأشخاص يغتنمون فرصة التوصيل لطلب حاجيات أخرى لتجنب الاتصال أكثر من مرة كما يستغل الأطفال غياب أوليائهم للتدلع على حسابهم ولكن المفاجآت لا تكتشف إلا عند نهاية الشهر.
تعتبر فترة الصيف أصعب فترة على عامل التوصيل لا سيما إن كانت بقالته متواجدة في الشعبيات التي لا تتوفر المباني المكيفة وتتباعد فيها البيوت عن بعضها حيث يستعيض في هذه المهمة بدراجته الهوائية التي تعرضه في الكثير من المرات إلى حوادث الدهس ناهيك عن  عدم صلاحية هذه الوسيلة لنقل بعض المأكولات المبردة أو المجمدة التي تكون عادة في سلة مكشوفة على أشعة الشمس ويحدث أن يختلف الزبون مع عامل البقالة حول هذه السلعة فيعود بها للمحل ليبيعها لشخص آخر الأمر الذي ينطوي على بعض الخطورة خاصة إذا ما تم تجميد السلعة مرة أخرى أو تعرضها للشمس قد يفقدها بعض عناصرها.
طالعتنا أخبار الصحف عن الكثير من الجرائم التي ارتكبها " الديلفري بويز" أو من أساءوا استخدام هذه المهنة كقصة العامل البنغالي الذي لاحظ وجود شخص لوحده طيلة أوقات تسليم الطلبات عليه ليقتله ويستولي على أمواله التي لم تكن كما كان يتوقع القاتل وهي الجريمة التي اهتزت لها منطقة المدينة العالمية بدبي السنة الماضية كما يروي الكثير تحرشات بعض العمال الذين يلامسون أيادي النساء بطرق مريبة أثناء دفع النقود وكذا إمكانية  توطد العلاقة بين الخادمات مع عمال الديلفري  ما يسهل عمليات السرقة وبعض الجرائم الأخلاقية.ويبقى الديلفري بوي برئ إلى أن يتم اتهامه.

هند بن كحيلة




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !